قضايا و آراء

سمات الطّالبة الجامعيّة الناجحة/ أ. إبراهيم بن ساسي

توطئة

بسم الله الرحمن الرحيم…الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصّالحات والصّلاة والسّلام على المبعوث بالخير واليمن والبركات، وبعد فإنّه من الضّروري على طالب العلم أن يلتزم شكر الله على ما أسبل عليه من نعم الهداية والتّوفيق ثم شكر والديه على رعايتهما له وبذل كلّ نفيس لنجاحه ووصوله إلى هذه المرحلة المتقدّمة من الدّراسة والتّعليم.

أهمية التعليم

إنه إحدى ضروريات الحياة، فالحياة لا تصنع بغير العلم، والعلم مقياس التّفاضل بين النّاس، قال تعالى:{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. وفي حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعوة وترغيب:[من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له به طريقا إلى الجنّة وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم]. وصدق الشّاعر حين قال:

ما الفضل إلّا لأهل العلم إنّهـم    

على الهدى لمن استهدى أدلاّء

لماذا نحرص على تعليم بناتنا؟

ـــ لأنّ المرأة شطر المجتمع.

ـــ ولأنّ العلم طريق للهداية والتّربية والتّوجيه.

ـــ ولأن الغزو الثّقافي والإعلامي مسلّط اليوم على فئتي الشّباب والنّساء، لأنّهم أكثر تأثّرا وتأثيرا في المجتمعات.

المرأة في تاريخ الشّعوب والحضارات

في الجاهلية  ـــ مجرد متاع

ـــ لا حق لها في علم أو ميراث أو تملّك أو اختيار زوج، وقد شكت إحداهنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة: يا رسول الله إنّ أبي أراد أن يزوّجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته].

ـــ معاناتها دائمة مع الشّغار والظّهار، وهو الّذي استفتحت به سورة المجادلة الّتي أبطل الله من خلالها هذا التسلّط والظلم في المجتمعات المتخلّفة.

ـــ محرومة من التعلّم وإبداء الرّأي.

ـــ صوتها عورة، بل لا يزال هناك من يستحي أن يذكر المرأة دون أن يقول: أكرمك الله! أو حاشاك!

في المجتمعات الغربية عامة

ـــ بنت محرومة من الحنان.

ـــ فتاة محرومة من التّوجيه والتّربية الأسريّة الرّشيدة، مما سهّل عليها الهروب المبكّر من البيت والارتماء في أحضان الرّذيلة والعهر  والجريمة والانحراف بكلّ أنواعه، وتؤكد الإحصائيات أنّ نسبة الفتيات الأقل من 15 سنة خارج المحضن الأسري في أوروبا وحدها تعدت 65 بالمائة.

ـــ  امرأة مرهقة بالعمل ومطالبة برفع الإنتاج على حساب فطرتها وأنوثتها مما أفقدها سعادتها الزّوجية، ذلك ما شهدت به مريم كوفي وهي سيّدة هولندية قالت:[ زوجي يعمل من الثّامنة إلى السّادسة، وأنا أعمل من الثّامنة إلى الواحدة، حالتنا الماديّة معقولة ونسكن شقّة جيّدة ولكن يبدو أنّ ثمّة تشقّقات! وقد استشعر بعض عقلاء الغرب الخطر وهم يطالبون المرأة بالتزام البيت، ففي استطلاع للرأي أجراه البريطانيّون حول المرأة بين البيت والمجتمع أجمع 76 بالمائة من الجنسين على أنّ الأم الّتي لديها أطفال دون الخامسة مكانها البيت، وأنّ الأب هو المكلّف وحده بتحصيل الرّزق. ويثبت استطلاع آخر بإيطاليا أن 95 بالمائة من السّيدات في إيطاليا يجمعن على إيمانهن العميق بقيمة الأسرة كأساس حقيقي للسّعادة والاستقرار والتّأكيد بأنّ إصرار المرأة على العمل إنّما هوّ محاولة هروب من أزمات أسرية.

ـــ إنّها عجوز مشرّدة مهاجرة من ملجأ لآخر.

ـــ إنّها الوجه الجميل، والشّعر الأشقر، والقامة الهيفاء، والصوت الموسيقي الدّافئ الجميل.

ـــ إنّها أساس الإعلام والإعلان، تروّج بها السّلع وتعقد بها الصّفقات وتزيّن بها المكاتب والمكتبات والمعارض والواجهات [قصة فلة].

ـــ إنّها سلاح الغواية والانحراف وتدمير الأخلاق، وهو ما تقرّ به بروتوكولات بني صهيون [قصة مونيكا لوينسكي مع الرئيس كلينتون].

ـــ إنّها الوسيلة الّتي تشوّش بها الأفكار كالدّعوة للتحرّر والمطالبة بحقوق المرأة والمساواة، وهي الحركة الّتي تولّاها قاسم أمين وميشيل عفلق، ورفع رايتها نساء مارقات أمثال هدى شعراوي ونوال السّعداوي وأخريات.

هديّة الأستاذ الأديب الشّاعر محمد غزّيل نزيل متليلي الشعانبة

أختـــاه مــــا لـــي أراك راضيــّــة        

عمّـــا يخطّطــــه لنـــا أعـادينــا

فدينك السمح أعطاك الحقوق الّتـــي         ليست الأخرى وفي شتّـــى الميادينا

أنت الشّريكة في الحياة أنت الّتـــي          أوصى بك المصطفى خيرا أتدرينـــا؟

ما تسمعيه من الحقـــوق مصلحـــة         كــــــلّا ولّكنـــه ليفســـد الدّيـــنا

المرأة في الإسلام

ـــ أمّ وجدّة وزوجة وبنت وأخت وخالة وعمّة وجارة وأخت في الله كريمة بتكريم الله لها، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}[الإسراء آية:70].

ـــ إنّها شّقيقة الرّجل كما قال رسول اللـــه صلىّ الله عليه وسلم:[ النّساء شقائق الرّجال ] حديث صحيح أخرجه أحمد.

ـــ لها كلّ حقوق التعلّم والتملّك والميراث والاستشارة والانتخاب وكلّ وظيفة لا تنافي فطرتها وأنوثتها وكرامتها.

ـــ وفي التّاريخ نماذج لنساء خالدات، اشتهرن بالفضل الباهر والتّميز الظّاهر، أحطن بالعلوم وتوسّعن في فهم الدّين والحياة فغدون نماذج وقدوات، فكان منهن المحدّثة كريمة المروزية والزّاهدة رابعة العدويّة وأم الحسين بنت القاضي أبي جعفر طبيبة ماهرة والسيّدة خديجة بنت محمد الحلبي [ 830 هجري ] فقيهة على مذهب أبي حنيفة مع أنّ أباها وأسرتها شافعيّون مما دلّ على سعة علمها.

وفي العصر الحديث عالمات وفقيهات وطبيبات ومفسّرات لكتاب الله وداعيات مجاهدات كالسّيدة زينب الغزالي الجبلّي مفسرّة لكتاب الله وهي الّتي رفضت مقابلة جمال عبد النّاصر قائلة:[ أنا لا أصافح يدا تلوّثت بدماء الشّهيد عبد القادر عودة!]

سمات الطّالبة الجامعيّة الّتي نريد

ـــ 01 :  نريدها صاحبة طموح وأهداف عليا، وذات عزيمة وهمّة عاليّة في دراستها واثقة من نفسها، لا تعرف شيئا يسمىّ العجز أو الخمول، تدعو بدعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:[ اللهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدّين وقهر الرّجال ].

ـــ 02 : إرادتها قوية، لا تخضع لآراء الغير ورغباتهم وميولاتهم.

ـــ 03 : نحبّذها قادرة على ضبط نفسها وتنظيم أعمالها، صبورة متحمّلة للصّعاب مواجهة للعقبات والمدلهمّات.

ـــ 04 : علاقتها جيّدة وناجحة مع المحيطين بها ــ من طلبة وأساتذة وموّظفين وعمال ــ وغير ذلك، لا تصاحب سوى الجادّات في دراستهنّ وحياتهنّ.

أنـــت في النّاس تقــــاس         

بالذّي اختـــرت خليـــلا

فاصحـــب الأخيار تعلـــو         

وتنـــل ذكـــرا جميــــلا

ـــ 05 :  نريدها صادقة مع نفسها وغيرها، لا تفكّر في الغشّ أو النّجاح بالمحاباة أو الوساطة، تباهي قريناتها بمستواها الجيّد وعلاماتها المرتفعة، لا تستجدي الأساتذة لزيادة نصف نقطة أو ربعها.

ـــ 06 : نريدها عميقة الفهم تحلّل الأحداث وتستفيد منها.

ـــ 07 : نريد منها أن تحافظ على الوقت لاستثماره في التّحصيل الدّراسي والمطالعة والراحة، حريصة على المذاكرة بالطّرق العلميّة وتطبيق معايير المذاكرة النّاجحة للوصول إلى التفوق محدّدة ومنظمة لأوقات النوم والأكل المذاكرة والرّاحة وغير منتظمة في حضورها، لا تتأخر عن كل مواعيدها الدراسية، تؤدّي واجباتها حسب الأولويات، الوقت عندها هو الحياة، كما قال الإمام البنا رحمه الله.

ـــ 08 :   نريدها مستقيمة ومتّزنة الشّخصية ومتريّثة غير عجلة ولا وجلة.

ـــ 09 :  نريدها موفّقة في اختيار التّخصصات.

ـــ 10 :  نريد منها أن تستفسر عمّا أشكل عليها، مستفيدة من تجارب ونصائح الآخرين.

ـــ 11 :  نريدها محتضنة لأخواتها مربّية وناصحة وموجّهة، لا تبخل بتجربتها  ومعارفها.

ـــ 12 :  نريدها أمينة ومحافظة على كل ما وفرّ لها من أثاث وعتاد ووسائل.

سمات روحية وأخلاقية في:

ـــ 01 : قوية في إيمانها صلبة في عقيدتها  تخشى الله وتخاف وعيده.

ـــ 02: كثيرة الشّكر، تحافظ على الصّلاة والتّلاوة والذّكر والمأثورات، تتذكّر نشيدها في الصّغر: قرآننا  ـــ  قرآننا ـــ  قرآننا نور يضيئ طريقنا.

ـــ 03: تحذر وساوس الشّيطان وتسارع للإنابة والتّوبة والاستغفار والدّعاء لها ولولديها وللمؤمنين {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية الأخيرة من سورة نوح.

ـــ 04 : بارّة بوالديها متّصلة بهما محسنة لأهلها وجيرانها ومن يحيط بها.

ـــ 05 : تتجمّل بالأخلاق الإسلامية من صدق وصبر وأمانة وتواضع وعفو وكرم وحياء وأدب جم وصدقة وتعاون وإيثار، تراقب الله في السرّ والعلن وتقول قول أختها: [ إذا كان عمر لا يرانا فإن ّربّ  عمر يرانا ].

ـــ 06 : تلتزم بدينها وتصون عرضها وعرض أخواتها.

ـــ 07 : فطنة وواعية لما يخطّطه أعداء أمّتها.

ـــ 08 : تحبّ النّظام وتجيد فنّ التّخاطب والحوار، وتؤثر العمل الجماعي المبنيّ على الاستشارة واحترام الرّأي المخالف.
ـــ 09 : تحافظ على لسانها مجنّبة إيّاه كلّ زيغ وافتراء وغيبة وكذب ونميمة ولغو ومراء وسبّ وفحش وإفشاء سرّ وغير ذلك.

ـــ 10 : مشفقة على أخواتها داعية لهنّ ناصحة بالرّفق واللّين والكلمة الطّيبة والابتسامة الصّادقة والهديّة السّاحرة.

ـــ 11  : تحبّ العربيّة وترعى الثّوابت الوطنيّة والإسلاميّة وتذود عن حياض دينها ووطنها ولغتها.

ـــ 12: تحافظ على أناقتها ولباسها، بعيدة عن كل شبهة.

ـــ 13 : تحافظ  على بدنها بكلّ ما يتاح لها من رياضة وكشف صحي مستمر.

 حقوق وواجبات

الواجب يدعوك أيتها الطّالبة المجدّة أن تدركي دورك في صناعة الحياة، ذلك أن المجتمع يرى فيك الفتاة المثقّفة الواعيّة الّتي بإمكانها أن تحدث الإضافة من خلال هذه المحاور:

ـــ المحافظة على التّوازن في المجتمع ـ اقتصاديّا وسياسيّا وثقافيّا ـ.

ـــ الالتزام بفريضة الدّعوة لله لإصلاح المجتمع ومحاربة آفاته وانحرافاته لتردّ الحملات الصليبية الحديثة التي اعتمدت التكنلوجيا سلاحا فتاكا لها، من خلال المحضن التّربوي الّذي يعتمد الإيمان العميق والفهم الدّقيق والحبّ الوثيق والتّكوين المتواصل.

ـــ  رعاية الأسر وتخفيف معاناتها.

ـــ المساهمة في بعث الأخلاق وتهذيب السّلوك.

ـــ إعداد المرأة الصالحة الخادمة لدينها ووطنها، قال أحد جنرالات فرنسا غداة استقلال الجزائر:[ لم يهزمنا الرّجال في حرب التّحرير الجزائريّة، بل هزمتنا المرأة المسلمة الّتي كانت تلد الرّجال وتبعث بهم إلى خنادق القتال].

ـــ المحافظة على تراث الأمّة وحضارتها وحماية ثوابتها.

ـــ العمل على تنميّة وترقيّة الأمّة الإسلاميّة وجمع كلمتها بعيدا عن كل ما يفرق وحدتها من نعرات وقبليّات وفتن مصطنعة.

ـــ لفت العالم إلى ما يفعله اليهود الصّهاينة من جرائم في حقّ الإنسان المسلم في فلسطين وطمس حضارته.

ـــ توجيه الرّأي العام لنصرة الدّين وخدمة قضاياه المصيريّة واسترجاع مقدّساته ولآلئه المغصوبة وعلى رأسها فلسطين والمسجد الأقصى بصفة خاصّة وذلك بـ :[ الدّم والدّعم والدّعاية والدّعاء] ـ ويكفينا حديث ميمونة رضيّ الله عنها مولاة النّبي صلىّ الله عليه وسلّم، قالت يا نبيّ الله أفتنا في بيت المقدس، فقال: أرض المنشر والمحشر، ايتوه فصلّوا فيه فإنّ صلاة فيه كألف صلاة فيما سواه، قالت : أرأيت من لم يطقْ أن يتحمّل إليه أو يأتيه؟ قال: فليهد إليه زيتاً يسرج فيه فإنّ من أهدى له كان كمن صلىّ فيه (رواه أحمد 6/463 وابن ماجه 1/429).

ـــ لفت الانتباه لمقاومة واستبسال المرابطين والمرابطات في الحرم القدسي وغزّة والضّفة وكلّ القطاع خصوصا الصبية والنّساء وهو ما عبّر عنه خطيب الأقصى وقاضي قضاة غزّة الشّيخ محمود الشّيخ صيّام في وصفه لجهاد أخواتنا في أرض الرّباط.

أما الحرائر فالحديث معطّر بعطـرهـــــــــــــــــــنّ

ما عدن يهبن الرّصاص ولا النّصال ولا الأسـنـّـــــة.

أبــدا ولا عادت حياة الغانيّات تهمهــــــــــــنّ

رأيتهنّ ولا أصدّق ناظـــــريّ رأيــتـهـــــــــــــنّ

يهجمن على العدى وسـط النّهار وفي  الدّجـــــــنّ.

يضربنهن يصفعنهن يرمينهن بنعــالهـــــــــــــنّ

وإذا الشّهيد رأينه يأوي  صريعا بينهــــــــــــــنّ

يطلقن ما يذكي حماس النّاس من  ألحانهـــــــنّ

نفسي فدا  الغيد الحسان وكم أحـــــــنّ لذكرهـنّ.

لا لجمال وهنّ يسبين الورى بجمالهـــــــــــــنّ

أو للهوى فأنا أعفّ عن الهـــــوى وكذاكهـــــنّ

ولكن لما قدّمن للأوطان من فضــل ومنـّّــــــــــة

والصّلاة والسّلام على رسول الله وآله وصحبه ومن ولاه.

 

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com