اتجاهات

أما آن للأمة الإسلامية أن تنتفض وتدفع عن نفسها و شعوبها ومصالحها ؟…/ محمد العلمي السائحي

إن ما يتعرض له المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها من أذى وهوان، على أيدي الأفراد والهيئات الرسمية ومختلف الحكومات غير قابل للتفسير ويفتقر لما يبرره.

فما تقوم به إسرائيل في الأراضي المحتلة ضد الفلسطينيين،تعارضه كل الشرائع السماوية، وتستنكره أغلب القوانين الدولية، ومع ذلك نجد المجتمع الدولي صامتا لا يحتج، وساكنا لا يتحرك وكأن الشعب الفلسطيني ليس من شعوب هذه الأرض الذي ينبغي علينا وعلى منظماتنا الدولية والأممية أن تدافع عنه، وأن تبذل له الحماية التي يستحقها، أم كيف يعقل أن يعتقل أطفال لا تتجاوز أعمارهم الأربع سنوات والست سنوات، ويساقون إلى المحاكم لتحكم عليهم وتدينهم، فيسجنون وربما مستقبلا يقتلون ويعدمون بمقتضى أحكام هذه المحاكم الشاذة، التي خولت لنفسها محاكمة أطفال دون السّن القانونية.

وهذه الهند بعد تنكرها للحكم الذاتي في كشمير، يقوم مواطنوها الهندوس، باضطهاد الكشميريين المسلمين ويجرعونهم كأس الهوان في كل لحظة وحين، ويسلطون عليهم من العذاب ما لا يصبر عليه حتى الحيوان بل لو سلط مثله على حيوان ما في بريطانيا، لتداعت جمعيات ومنظمات الرفق بالحيوان وأقامت الدنيا ولم تقعدها لتدفع عنه، ولكن لكون الأمر يتعلق بالمسلمين فقط، فهو لم يستوجب التفات المجتمع الدولي له والتكفل بقضاياه.

أما ما تقوم به الصين ضد إخوتنا الإيغوريين فهو يفوق الخيال، ويجل عن الوصف، حيث بلغت بهم القسوة أن فرقوا بين الآباء والأمهات وأبناءهم، وقاموا بفصلهم عنهم وأوكلوا أمر تربيتهم وتنشئتهم إلى مراكز تتولى تحوير وتغيير هويتهم الدينية، ناهيكم عن إجبار الإيغوريين على أكل الخنزير وشرب الخمر ومنعهم من الصلاة والصوم، وحرق مصاحفهم وهدم مساجدهم.

ولا يزال الكثير يذكرون ما فعلته عصابات جيش الرب في إفريقيا الوسطى بالأقلية المسلمة هناك، حتى اضطرتها إلى الهجرة واللجوء، ففرت من الأوطان وفارقت الأهل والإخوان.

وهذه الأحزاب اليمينية في أوروبا غربيها وشرقيها وأمريكا، لا يفوتوا فرصة للانقضاض على المسلمين والفتك بهم، في مناسباتهم الدينية، وعند خروجهم من المساجد، ضربا بالنار، أو دهسا بالسيارات.

وهذا ترامب  الرئيس الأمريكي، يقرر حرمان ست دول إسلامية من دخول أمريكا، نعم تعرض قراره للمعارضة ولكنه استطاع في النهاية إمضاءه وفرضه على الجميع.

وليس هذا فقط بل أعلن في خطته الإستراتيجية لحماية الأمن القومي الأمريكي،  أن العدو الأول لأمريكا هو الإسلام. دون أن يتخوف من أية ردة فعل من جانب الدول الإسلامية عربها وعجمها، مما جعله يبالغ في جرأته ويتعرض للمملكة العربية السعودية بالكثير من الإهانة، لو وجه مثلها لدولة أوروبية، لانتفض شعبها، ولأقامت دولته الدنيا ولم تقعدها، ولأجبرته على الاعتذار الرسمي لها ولشعبها.

ماذا أريد بهذا الكلام؟ ما أقصده وأعنيه، أن الدول الإسلامية مدعوة إلى أن تكون أكثر حزما في التعامل مع كل من يدوس لها على طرف، وأن تسعى لتأسيس اتحاد فيما بينها يتيح لها تنسيق مواقفها اتجاه قضاياها المختلفة بما يجعلها أقوى وأشد تأثيرا.

وأعتقد أنه لا أحد ينكر أن مما جرّأ الغير على احتلال أراضينا، واغتصاب حقوقنا في الماضي، راجع إلى ضعفنا وافتقارنا إلى قوة في ذلك الوقت، ولا زال نفس السبب يقف وراء ما تتعرض له الأمة الإسلامية في حاضرها اليوم من تطاول وإهانة، وتعسف بحقوقها، لو امتلكت القوة اللازمة لامتنع الجميع عن التعرض لها بالسوء.

ولا شك أن السبيل الأقصر لامتلاك تلك القوة التي تردع الأعداء، وتحمي الذمار، يمر عبر تأسيس اتحاد بين دول الأمة الإسلامية وشعوبها في أقرب الآجال، فذلك هو الذي يجعل الجميع يتحاشون الإساءة للمسلمين أينما كانوا، وحيثما حلوا،

وقديما قال الشاعر العربي النابغة الذبياني:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له

                     وتتقي صولة المستأسد الحامي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com