الدكتور صافي حبيب في حوار لـ”البصائر”/ حوار: جـمال بوزيان
الـجزائر تحتاج نزهاء هدفهم خدمة المجتمع ببرنامج وطني قوي وليس مستوردا
نستضيفُ اليومَ أستاذًا جامعيًّا؛ مُتخصِّصًا في “علوم الشَّريعة ومُقارَنة الأديان”؛ يَهتمُّ بالقضايا الفلسفيَّة والسِّياسيَّة والاجتماعيَّة؛ ويَكتب في مجال الـمُجتمَع والـمَرأة والثَّقافة… هو مُدرِّب لدورات علميَّة وثقافيَّة للطَّلبة والـجمعيَّات… يُشارِك مِن حين إلى آخر في مُؤتـمَرات أكاديميَّة علميَّة دوليَّة ووطنيَّة؛ ويَحضر تظاهرات ثقافيَّة لبعض الـجمعيَّات… نشَّط عِدَّة حصص تلفزيونيَّة دينيَّة؛ وشارك في حصص أخرى عبْر قنوات وطنيَّة وخاصَّة.
تَنشر “البصائر” حواريَ الصِّحفيَّ مع الدُّكتور صافي حبيب.
- مَرحبًا بِكَ.
- أهلا وسهلا، تشرفت بكم كثيرا، وشكرا على الاستضافة التي أسأل الله أن تكون مفيدة.
- العقلُ مُنتِجُ كُلِّ فِكرٍ إنسانيٍّ؛ والإسلامُ دِينُ تَفكيرٍ وإنتاجٍ وليس للتَّنظير فقط؛ ولَمْ يَمنعِ النَّاسَ مِنَ التَّفكيرِ خارجه… ما رأيكَ؟
- فعلا، الإسلام دين تجتمع فيه صفات النظام المتكامل للإنسان، فردا وجماعة، هو دين المدنية المحفز للحياة الإنسانية الكريمة التي تحافظ على الروح والجسد، وعلى علاقات الإنسان الشاملة بهذا الكون، مع نفسه، ومع غيره، ومع الطبيعة، ولذلك فهو دين الفكر والعمل، منطلقات الإنسان نجدها في قوله تعالى:{… الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ…}.
حيث أن هناك عديد الآيات التي تصب في هذا المنحى، والسنة النبوية باعتبارها مرآة عملية للقرآن الكريم مكرسة للفكر الحر والعمل الخادم للقيم.
- هلِ النَّقدُ في أيِّ مَجال هو –بالضَّرورة- مَوقِفٌ يُنِمُّ عن فِكر صاحبِه؟
- النقد لا يعني عند العارف المفكر تعبيرا عن فكر صاحبه، لأن النقد ظاهرة ضرورية لبناء الإنسان والمجتمع، ودون نقد واختلاف لا وجود للتجديد والإبداع، وبما أننا نطمح إلى مجتمع الأخلاق والمعرفة بشكل متوازن فلا مناص من النقد وتقبله، وبالتالي فإن النقد في أي مجال معرفي أو ثقافي أو سياسي هو دلالة على موقف معين في قضية معينة وليس على مجمل فكر الإنسان، إلا إذا تحدثنا عن نقد غير بناء بعيدا عن الموضوعية فيمكننا أن نستشف فكر الإنسان ونحدد توجهاته.
- في ضوء القرآن الكريم والـحديث النَّبويِّ الشَّريف؛ وما يَستجدُّ للنَّاس… كيْف يُوفِّقِ العقلُ بيْن الوحي والواقع؟
- يمكن أن نوفق بين العقل والوحي بإعطاء مجال الدين -المتعلق بالغيبيات- مجالاته الصحيحة، والأساس في ذلك هو العودة إلى مركزية القرآن الكريم في تفكير الأمة، بدلا من الاعتماد على الاجتهادات البشرية التي كثيرا ما تكون متأثرة بإحداثيات الزمان والمكان، بحيث تكون الفكرة ضمن نسق معرفي تاريخي محدد، أما القرآن الكريم فإن العودة إليه هي العودة إلى المطلق عن الزمان والمكان، هذا فيما يتعلق بالغيبيات… أما في المجال العلمي المتعلق بالظواهر من الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والطب وغيرها فإن مجال العقل فيها حر لا تقيّده إلا القيم الأساسية الضامنة لحياة الإنسان وحقوقه والأخلاق العملية وحماية الطبيعة، وبالتالي فإن الوحي لا يقف في وجه الإبداع العلمي بل يشجعه، ودليل ذلك قوله تعالى:{ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً}، والكلام في هذا يحتاج توعية كبيرة على جميع الصعد حتى تُصحَّح المفاهيم حول الإسلام الحنيف وتستقيم حياة الأمة، بدلا من النظر إليه بصفته دينا دوغمائيا يكرس الدروشة ويبعد عن الحياة كما يظهر من بعض الكتابات وبعض الإيديولوجيات.
- لا يَزالُ التُّراثُ الإسلاميُّ يَتعرَّضُ للنَّقد؛ هلْ ذاك نِعمة أَمْ نِقمة؟
- مشكلة نقد التراث الإسلامي معضلة تقف خلفها دوافع كثيرة، والذي لا شك فيه أن نقد التراث نقدا علميا، والاستفادة منه استفادة موضوعية هي ضرورة وحتمية، تحتاج جرأة كبيرة في ظل ما يمكن تسميته “تدعيش” الفكر من جهة، ومشكلة التوجيه المنحرف في محاولة لطمس الـهُوِيَّـة وتهميش الإسلام وجعله ظاهرة اجتماعية انتهى العمل بها، ولا تصلح لقيادة البشرية الآن؛ وبين الطرفين يتأرجح فكر النخب ويتخبط فكر المجتمع، وهنا لابد من الإشارة المهمة جدا أن التراث الإسلامي يحتاج نقدا في كثير من مناحيه، ولا شك أنّه تراث عظيم لا حياة للأمة وسيرها في سبيل التحضر إلا به، ولا قدسية للأفكار البشرية على حساب الوحي، ولا للهدم الكلي للبناء المعرفي الإسلامي عبر العصور.
والخلاصة أنّه نعمة إذا كانت الدوافع والوسائل علمية موضوعية هدفها خدمة الأمة والبشرية، ونقمة إذا كانت الدوافع والوسائل خبيثة خطيرة على الـهُوِيَّـة والإنسان وقيمه.
- يَجتهدُ أُصوليُّون في إضافة مَقاصِد للشَّريعة الإسلاميَّة الَّتي استنبطها الإمام الشَّاطبيُّ مِثل الـحـرِّيَّة وغيرها… ما رأيكَ؟
- لا شك أن فكر المقاصد عند الشاطبي ومن جاء بعده ومن أسس له قبله هو فكر إبداع في التشريع الإسلامي، ولكن لابد أن نشير هنا لمقاصد الشريعة التي نظر لها الشاطبي رحمه الله هي نتاج لاجتهاداته العظيمة التي اهتم بها الأصوليون اهتماما بالغا، ولكن من المهم أن ننبّه إلى أن أغلب ما نظَّر له الشاطبي هو تنظير مبني على فقه الجزئيات، أي التشريع الإسلامي الذي يصلح للأفراد أي الفقه العملي، أما التشريع العام لحقوق الإنسان والطبيعة وعلاقة الإنسان بالآخر فهنا نجده قد بث بعض القواعد والمسائل المهمة التي تحتاج اهتماما من الباحثين اليوم، ويستدعي ذلك إذابة الفجوة المعرفية بين العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية ليستفيد البحث العلمي من الجانبين في تناغم وتجانس معرفي يبني ويؤسس لنظريات خالدة.
- تَتناثر الـمَعرفةُ؛ وتَتطوَّر العلومُ؛ وتَتكاثر التِّكنولوجيا كُلَّ حينٍ؛ هلْ تُدركُ صفوة الأُمَّـة أنَّ التَّفوَّق الـحضاريَّ يَصنعه الاجتهاد بِـهكذا وسائل؟
- المفروض أن الجامعة بصفتها منبرا ومنارة معرفية هي التي تصنع الوعي بضرورة الاجتهاد في كافة الميادين، مع الاهتمام في جميع التخصصات ببناء الشخصية المتوازنة بـهُوِيَّـة واضحة، حتى نجمع بين المعرفة والقيم التي يؤسس لها الإسلام وتتوافق مع التحديات المعاصرة… إن الكثير ممن نسميهم الصفوة لا يزالون إما في سبات دوغمائي منعزل عن التحديات التي تواجه الإنسان المعاصر، أو في خلط وخبط معرفي غير متوافق مع القيم الضرورية.
- ما نظريَّة الإسلام في تأسيس الدَّولة؟ وما مفهوم الدَّولة الـمَدنيَّة في الإسلام؟
- بالنظر إلى أسس التشريع الإسلامي فإن حرية الاجتهاد في بناء الدولة متروكة للإنسان ليبدع فيها وفي أنماطها، وهي نظرية تكرس المدنية وقيم الحرية مع صلابة البناء القيمي… إن الدولة في الإسلام هي دولة حق وعدل وخير وجَمال، تصب منظوماتها في خدمة الإنسان خدمة محصنة بالقيم.
ويمكن أن نلخص مفهوم الدولة المدنية، ونقول: هي التي تتناغم منظوماتها وسلطاتها وتصب كلها في خدمة الإنسان وفق قيم الحق والعدل والخير والـجَمال… إن حرية المعتقد محفوظة شريطة عدم تخريب استقرار المجتمع، بقوله تعالى:{ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}.
وهكذا فإن مدنية الإسلام هي صمام أمان للبشرية جمعاء.
- دون شكٍّ؛ ظهر مُعارِضون أثناء حُكْم الـخلفاء الرَّاشدين “وإنْ كانوا قِلَّة”؛ هلْ رغبةً في السُّلطة أَمْ لأسباب أُخرى؟
- الخلفاء الراشدون والصحابة رضي الله عنهم ومن عايشهم وعرف أصول الشرع وقواعده، يدرك أنهم بشر غير معصومين، يرد عليهم من الأخطاء ما يرد على غيرهم، بعضهم كانوا من خيرة زمانهم ولا تشكيك في مناهجهم ولا في أعمالهم، ولكن بالنظر المتريث للأحداث سنجد أن أخطاء فادحة وقعت في صدر الإسلام كان يمكن تفاديها وإعطاء دروس أخرى لنا وللبشرية جمعاء، ولكن لله في خلقه شؤون، ونحن ندرس التاريخ لنعتبر، من لم يقرأ التاريخ سيعيده، ولذلك فإن دوافع الصحابة لا يمكن معرفتها ولكن يمكن تحديد ما وقعوا فيه من أخطاء تولد عنها ما تولد.
- هلْ في الإسلام فُروقٌ بيْن الـحقوق السِّياسيَّة للرَّجُلِ والـمَرأة؛ رئاسة الـمَرأة للبلد الواحد أو لكُلِّ الأُمَّـة ومُمارَسة القضاء مِثالان؟
- أثير لغط كبير جدا حول رئاسة المرأة وقيادتها للمجتمع، وهذا الاختلاف في تقديري يحتاج نقاشا علميا متحررا ورائدا حوله، لأن القرآن الكريم لم يشر بالمنع التام، والوارد عن منع المرأة هي نصوص من السنة النبوية، وإذا أردنا أن ننهج نهجا مقاصديا فإن نصوص السنة هذه تدخل ضمن إطار السياسة، أي أنها نصوص اجتهادية في قضايا السياسة وليست نصوصا تعبدية خالصة، وهنا ينتج لدينا أن النبي صلى الله عليه وسلم ووفق نظرته ومعرفته بالمجتمع العربي البدوي فقد رأى أنه لا يمكن لامرأة أن تقود مجتمعا كمجتمع مكة أو المدينة حينذاك، وفي ظل التغيرات المجتمعية فإن الواقع يفرض إعادة النظر في الاجتهادات الفقهية القديمة الخاضعة لمفهومي الزمان والمكان، والتي تولد عنها نمط مجتمعي تكون فيه المرأة غير حاضرة في السياسة كحضورها اليوم؛ وفي تقديري أن هذا الاجتهاد يغلق الباب أمام المشككين في مدنية هذا الدين ومن يتهموننا بالتناقض في التعامل مع المرأة.
- تَكتظُّ السَّاحة الفقهيَّة بِمَجامِعَ عالَميَّة وإقليميَّة وقُطْريَّة؛ وتَنتشر الفَتاوَى الفرديَّة عبْر وسائل الإعلام والصِّحافة؛ ورغم ذلك يَظلُّ الـمُسلِمونَ حيارَى في شؤون دِينهم ودُنياهم… ما الأسباب؟
- السبب الرئيس هو نفسها تلك المؤسسات الخاضعة للسياسي وللدوغمائية أحيانا، وفوضى الفتاوى صنعتها مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لأن الفتوى في أصلها لا تذاع لأنها خاضعة للتغيير بين الأحوال والأفراد والأزمنة، وأسباب تغيرها شرعية، ولذلك فمن الخلط والخبط والاعتباطية الإفتاء بالعموم في مسائل الخصوص.
وهكذا فإننا نحتاج الوعي والتوعية لا الإفتاء وتعبير المنامات التي جعلتنا نعيش خارج مجال التغطية.
- يَختلف القضاء والفتوَى باختلاف الـمَذهب الفقهيِّ… في منظومة الـحُكم الإسلاميِّ إن وُجِد في مُجتمَع مَذهبان؛ هلْ لِكُلِّ طائفة قاضٍ مُختصٌّ بها؟
- ليس بالضرورة أن يختلف القضاة، بل الضرورة المدنية تفرض على القضاة تكوينا متعدد المذاهب في ظل وجود الجامعة والمعاهد التكوينية التي لابد أن تحين معرفيا لتقبل التحدي.
- ما رأيكَ في دَعاوَى “الـمُساواة في الـمواريث بيْن الـجنسيْن“؟
- هي دعاوى تحتاج نقاشا علميا وتقبلا من النخب العلمية للمحاورة ولو حول البديهيات، لأننا إذا كنا نمتلك قوة الحقيقة فلا يمكننا أن نخشى النقاش والحوار، هذا كمبدأ عام، فلا نكفر ولا نفسق ولا نحد من حرية المعرفة، وفي المقابل على من يثير الزوابع أن يكون على وعي بما يفعل ألا يكون مجرد بوق أو حامل لفكرة لا يفقه إلا ما ظهر منها، وهو تحدٍ كبير أمام النخب الفاعلة.
- رغمَ تَنامي مُعتنقي الدِّين الـحنيف إلاّ أنَّ الـجدل الفقهيَّ لا يَزال قائمًا حول “الرِّدَّةِ” … هلْ كفل الإسلامُ حَقَّ الـمُرتدِّ عنِ الإسلامِ؟
- هنا مسألة قتل المرتد التي بنيت على نص نبوي قاله صلى الله عليه وسلم في ظرف وزمان يختلف عن زماننا بكثير، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:”من بدّل دينه فاقتلوه“، وهو ما بتعارض مع قوله تعالى:{ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}، وقوله تعالى:{ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، وقوله تعالى:{ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}… هي نصوص تكفل حرية المعتقد، ولذلكم قلت في البداية أنّه من الضروري العودة إلى مركزية القرآن الكريم في تفكير الأمة لتخرج من براثن التناقضات وتواجه التحديات بقوة بدلا من محاولات إدارة الظهر للبشرية والانطواء على الذات من حيث نريد أو لا نريد… إن قضية الردّة قضية سياسية والـحُكم فيها قضائي صرف مبني على مدنية الإسلام الكافل لحرية المعتقد.
- كيْف حـمَى “الـخلفاء الرَّاشدون” و”التَّابعون” الـمال العامَّ مِنَ النَّهب والاختلاس والتَّبذير؟
- يمكن أن نلخصها في أن الشعب كان يتولى الرقابة، والدولة كانت مصدرا للأمان والاستقرار وملجأ الجميع… وسيرة أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضوان الله تعالى عليهم في التعامل مع المال العام وحمايته مليئة بالنماذج، وهم بصفتهم حكاما لم يكونوا فوق القانون بل كانوا حماة له وهم أول من يستجيب ويحترم الدولة وسلطاتها.
- لِماذا لا تَتكفّلُ الدُّول الَّتي أنشأتْ دساتير في أحد موادِّها “الإسلامُ دِينُ الدَّولةِ” ببناء الـمَساجِد والـمَدارس القرآنيَّة؟ “
- هنا إبداع واضح في التفكير الإسلامي والذي خربته قوى الاستعمار، لأن إشاعة الملكية بين الشعب وعدم فرض السيطرة على المسجد بطريق الوصاية والتمويل من الدولة الذي يسلط السياسي على رقاب الفقهاء والعلماء هو السبب الرئيس في جعل مؤسسات الأوقاف تمتلك حرية في الرأي بعدم تمويلها من أي طرف من الأطراف، والمسجد والإمام حينما يستقلان عن السياسي الذي يحاول السيطرة عليهما، يحظى المسجد بقوة والإمام بمصداقية تامة في الإفتاء ومعالجة قضايا المجتمع، لأن المسجد مؤسسة مجتمعية لا مجرد معبد، وإلا هدمنا مدنية الإسلام، والكلام هنا دقيق وطويل، ويحتاج وقتا وسعة.
- ما رأيكَ في ميزانيات الأبـحاث العِلميِّة في العالَم العربيِّ والإسلاميِّ؟
- في أغلب الدول العربية تسيطر عقلية اقتصادية محضة منبهرة بالتقنية العالمية معتقدة أن العلوم الإنسانية لا تسهم في بناء الحضارة القوية، وهو ما جعل أغلب الميزانية البحثية توجه لعلوم الفيزياء والكيمياء والطب والاقتصاد، وهي ميزانيات ضحلة إذا ما قورنت بالميزانيات المخصصة للتسليح أو حتى للتظاهرات الثقافية مثلا.
- كأنَّ التَّنمية الشَّاملة في العالَم العربيِّ والإسلاميِّ تَتأخَّرُ؛ ونسبة الشَّفافية تَتضاءلُ وتَكادُ تَنعدمُ… ما تفسيركَ؟
- عدم اهتمام منظوماتنا التعليمية في جميع الأطوار ببناء الإنسان المتكامل واقتصارنا على تقليد غيرنا فيما أبدعوا فيه، تكريسا لثقافة الاستهلاك، جعلنا مجتمعات تابعة لا متبوعة، وهو ما يفسر تهميش وبعد الجامعة ومختلف المؤسسات التعليمية عن خدمة المجتمع، وأصبحنا نخرج أجيالا لديها قطيعة مع المجتمع، ضحلة التكوين المعرفي ونلحظ غياب القيم الحقيقية عند الأجيال، وهو ما يفسر سيطرة فكر ما بعد الحداثة على سياسات مجتمعاتنا فمختلف منظوماتها التي تنتج كما قلت إنسانا غير متوازن تسيطر عليه الماديات ولديه عقلية استهلاكية.
- من أجل تَكامُلٍ يَشمل الفقه الإسلاميَّ والقانون والاقتصاد وغيرهما؛ كيْف التَّوفيق بيْنها في بلد سكَّانه مُسلِمون؛ بشأن فوائد الـمَصارِف “البنوك” لـمشروعات الـمَساكِن وتشغيل غير العاملين؟
- هناك فجوة معرفية على المستوى الأكاديمي والتعليمي بين التربية الإسلامية وعلوم الشريعة وبين مختلف العلوم بحيث نفرق دون مسوغ حقيقي موضوعي بين العلوم، وهو ما نجده في الاقتصاد مثلا، حيث ندرس طلبة الاقتصاد علوم متعلقة به أغلبها لم تلتفت ولا تلتفت للنموذج الإسلامي أو لا يصحبها تكوين في الفقه الإسلامي الذي يمكن الاستفادة منه بشكل كبير في التأسيس لنظريات اقتصادية رائدة.
ولذلك مسألة البنوك والمصارف لا بد من دراستها دراسة اقتصادية وفق وقواعد الشريعة الكبرى، أي بعقلية اقتصادية شريعية، وما يطلق عليه بالفوائد البنكية لا بد أن نحررها من حيث ماهيتها الحقيقية عند أهلها وننقل المفهوم من أجل التكييف الشرعي لاستخراج الـحُكم، وإلى الآن لم يتم فتح بنوك إسلامية حقيقية بل الموجود بعض النوافذ التي اجتهد بعض العلماء في نسبتها للإسلام من خلال اجتهادات كالمرابحة للآمر بالشراء أو الإجارة المنتهية بالتمليك، وبحسابات اقتصادية واضحة فإن النموذج التقليدي للقرض قد يكون أرحم على المستهلك من تلك العقود التي تم الاجتهاد في تكييفها. والمسألة ما تزال طور لبحث وتحتاج نظرا اقتصاديا أعمق. والإفتاء بها يجب أن يكون واقعيا لا خرافيا أو غير منطقي، في ظل غياب البدائل.
ويجب أن نكون أقرب إلى هموم الناس ومقتضيات العصر بل الإفتاء بفقه ميت يشوه الإسلام ويتعب المسلمين ويؤدي إلى القطيعة معه.
- رغم ثراء مَصادِر التَّمويل في منظومة الإسلام “الزَّكاة والأوقاف والـمَصارف الإسلاميَّة نماذج” إلاَّ أنَّ بُلدانًا كثيرة من “مُنظَّمة التَّعاون الإسلاميِّ” تُعاني الفقر… ما رأيكَ؟
- منظمة التعاون الإسلامي ليست إلا مظلة لاجتماع القادة والتنديد وأخذ القرارات العاطفية إلا قليلا منها مما أمكن تطبيقه، نحن دول لا تحكم نفسها وإرادتها الحقيقية معلقة بحكامها المتعلقة رقابهم بمن وضعهم وفرضهم، وغالب هؤلاء لا يمكنه الخروج عن النسق الأمريكي الروسي الأوروبي، المسيطر على النظام العالمي، ولذلك فمصادر التمويل الإسلامي غير مفعلة حقيقة ولا يمكن في ظل النظام العالي الحالي والأنظمة غير الديمقراطية أو التي تستمد شرعيتها من ديمقراطية غير صحيحة.
- لا تَزالُ “ظاهرة تَأخُّر الزَّواج” لدى الـجنسيْن في الـمُجتمَعات الإسلاميَّة مَحلَّ نقاشات… ما رؤيتكَ لعلاجها؟
- تأخر الزواج ظاهرة غير صحية في المجتمعات، وتؤدي كما هو مُشاهَد إلى بروز الجرائم المختلفة، وأهمية الزواج في السن المبكرة التي يمكن فيها للزوجين تحمل المسؤولية بتأهيلهما لذلك، يعتبر أساسا من أسس استقرار المجتمع وقلة الجريمة فيه، مع ضرورة ارتفاع الدخل الفردي بتكريس وتطبيق عدالة اجتماعية من خلال السياسات المعتمدة من الدول العربية والإسلامية.
لذلك فعلاج ظاهرة تأخر الزواج لابد أن نبدأ فيه من عامل اقتصادي بتوفير مصادر الرزق مع ضمان العدالة الاجتماعية، وبالضرورة تأهيل المقبلين على الزواج بشكل إجباري تأهيلا معرفيا وثقافيا وشرعيا وقانونيا، حتى نقلل ونحد من ظاهرة التفكك الأسري، ونحدث توعية حقيقية بأهمية الزواج في الحياة.
وأول خطوة هي خطوة سياسية بامتياز بضرورة توعية الساسة بأهمية الاهتمام بموضوع الزواج كأساس قوي لاستقرار المجتمع والحد من مختلف الجرائم.
- هلْ ما يُقدَّمُ لتلاميذ الـمَدارس في العالَم العربيِّ من مَناهجَ كافٍ لتعليم جيِّدٍ؛ وهلْ يَحتاجون مادَّة “التَّربية الـجنسيَّة” أَمْ هي من مسؤوليَّة الوالديْن فقط؟
- كل فراغ في المناهج التربوية يؤدي إلى إيجاد مساحات للمناهج الخفية التي تستقي من تلك الفراغات، ومعنى هذا أننا إن لم نقم بالتعليم الكافي والمتوازن ووفق مراحله المطلوبة ونحيطه بالقيم الإسلامية، فهنا خطر محتوم لبحث التلميذ عن أجوبة لأسئلة تطرح عليه ورغبات تلح عليه ومعارف تحجب عنه من مصادر خطيرة كمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإباحية وغيرها، ولذلك فالتربية الجنسية لا تقدم في المدرسة ولكن كما ذكرت تقدم ضمن دورات تأهيل للمقبلين على الزواج كضرورة معرفية للاستقرار الأسرة.
- هلِ الـمَواقِعُ الإباحيَّة عبْر “الإنترنت” هي ضِمن حـرِّيَّـة الثَّقافة أَمْ مِن واجب الدُّول حجبها إنْ أرادتِ الشُّعوب ذلك؟
- بناء مجتمع المعرفة والأخلاق يعتمد على الحرية ضمن إطارها القيمي، وبالتالي فحجب المواقع الإباحية واجب أخلاقي وديني على القائمين على الاتصالات وليس من الحرية في شيء، بل هو عامل تخريب للعقل البشري لأن الميولات الجنسية إذا غلبت على العقل صار الإنسان ميالا إلى الجريمة والانحراف.
- للأدب والفنِّ تأثيرٌ قويٌّ في بِناء الـحضارة لدى الـمُجتمَعات والشُّعوب والأُمم؛ في حين يُقلِّلُ العاملون في الـحقل الإسلاميِّ منهما إلاَّ ما نَدر… ما رأيكَ؟ وما سقفُ حـرِّيَّـة الإبداع الأدبيِّ والفنِّيِّ لهما؟
- المتأمل في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم سيجد ذلك البعد الذوقي حاضرا وبقوة، وهو ما تجسد في تاريخ المسلمين، بحيث أبدعوا في مختلف الفنون، لكن نجد بعض مناهج الفقه قد توارثت تحريم بعض الفنون بل أغلبها، وهذا النسق الفقهي ليس له مبرر إلا السطحية في التعامل مع نصوص السنة، دون ربطها بالمبادئ والقواعد العامة التي بنيت عليها الشريعة الإسلامية، ودون تمحيص لحقيقة الفن وضروراته.
- نَعلمُ أنَّ الإسلامَ لَمْ يَدْعُ النَّاسَ إلى تركِ ألسنتهم… ما رؤيتكَ لتعايش ثقافيٍّ ولسانيٍّ “لُغويٍّ” بيْن القوميَّات في البلد الواحد بدل الانفصال؟
- من أخطائنا الحقيقية التي يجب أن نعترف بها، هي محاولات العرب تاريخيا تعريب المسلمين، أي احتكار الإسلام بجعله دينا قوميا للعرب بطريقة مباشرة، وهنا أقول هو خطأ وليس استراتيجية معتمدة، ولتصويب وتصحيح مسار العربية لغة القرآن الكريم هو أنها وسيلة لفهم القرآن وليس وسيلة للهيمنة الثقافية، وبهذا المنطلق نتعايش ثقافيا ولا نترك فراغا لدعاة الانفصال الثقافي وما يتولد عنه من انفصالية في كل شيء، مثلا دراسة وتدريس اللغة العربية والأمازيغية والثقافة الأمازيغية ودعاتها ينبغي لنا ألا ننزعج من ذلك أبدا لأنها هُـوِيَّة مُكوَّنٍ رئيس من مكونات الجزائر، المخيف هنا أن تكون المطالبات والدعوات تنطلق من خلفية غير وطنية، أي وجود أطراف خارجية أو داخلية تنفث بروح العصبية الطائفية في المجتمع لتحطمه لا لتبنيه وهنا المحك الرئيس للنخب الثقافية العربية الأمازيغية التي تشتغل في هدوء وقوة وعمق حماية للوطن والـهُوِيَّـة.
- تَنتقدُ فئات مِنَ الصَّفوة “النُّخبة” حكومات بُلدانها للإصلاح وليس لإسقاطها؛ لكن كثيرًا ما تَسعَى “منظومات الـحُكم” –مهْما تكن شرعيَّتها- إلى إقصاء تلك الصَّفوة… ما رأيكَ؟ وكيْف تَرَى “الـمَسيرات الشَّعبيَّة السِّلميَّة في الـجزائر”؟
- الشق الأول المتعلق بإقصاء النخب الفاعلة الحقيقية من طرف السلطة، وهو معروف تاريخيا، ولا غرابة فيه عموما، ليس لأنه صحيح بل لأنه متوقع، لأن المفكر النخبوي الذي يمكنه أن يؤطر المجتمع ينطلق من تحرير الإنسان، وينطلق السياسي من منطلق السيطرة، وهنا التناقض الذي ينبغي أن ننتبه إليه، وللقضاء عليه يجب أن تكون مبادئ السلطة قيمية، هدفها الإنسان، والكون فكلما حادة عن منهج القيم الصحيحة اتخذت مناهج الانحراف التي تقصي النخب الحقيقية الفاعلية.
بشأن المسيرات الشعبية في الجزائر فنسميه الحراك المبارك، الذي حقق من الأهداف والمطالب المشروعة ما كنا نحلم به، وبغض النظر عما يقال، من محاولات تحجيم ما تحقق، إلا أن الواقع السياسي تغير، والوعي الموجود لا يمكن أن يخفى على أحد، والأزمة وإن طالت ولكن الأعمال الناجحة هي التي يخطط ويحضر لها جيدا، ولذلك فالمسيرات الرائعة التي قام بها الشعب منذ 22 فبراير إلى اليوم هي مسيرات مباركة، نحلم من خلال ما تحقق وسيتحقق بغد أفضل للجزائر بعيدا عن أي وصاية خارجية.
- كأنَّ الإسلامَ صار مُشكِلةً وليس حلاًّ أو له حُلولٌ كأيِّ فِكرٍ… متى لا يَفْرِضُ الآخرُ “وطنيًّا وعربيًّا ودوليًّا” شروطًا حين وصول الإسلاميِّين إلى سدَّة الـحُكم عبْر انتخاباتٍ حُرَّةٍ؟
- المشروع الديني في المجتمع المسلم ولد ويولد ميتا، لأن أي مشروع نابع من روح الوطن استقى قيمه من الإسلام ولم يخالفه هو مشروع إسلامي بامتياز، أي وصول بعض الجماعات التي نسميها بالإسلام السياسي وعلى رأسهم الإخوان المسلمون إلى الـحُكم، لا يعني وصول الإسلام إلى الـحُكم، بل هو تجربة بشرية تضفي على مشروعها روحا دينية وهنا الخطأ الفادح الذي راجعته نهضة تونس نوعا ما وبقي الباقون يعزفون على الوتر نفسه.
وجهة نظري التي أدافع عنها أن المجتمع بحاجة إلى مشروع برؤية واضحة يخدم الإنسان وفق القيم التي سطرها الإسلام وهي قيم لا تتصادم مع القيم الصحيحة الموافقة للفطرة التي يدافع عنها غيرنا في مجتمعات غربية، كالنزاهة والعدالة والتطوع بكل أنواعه وصناعة الخير والمحافظة على البيئة وغيرها مما تتضمنه مشاريع الأحزاب المختلفة.
الجزائر أو غيرها محتاجة إلى سياسيين نزهاء هدفهم خدمة المجتمع حقيقة، رأسمالهم الفضيلة، وببرنامج قوي وليد من المجتمع ذاته، وليس برنامجا مستوردا.
- العلماءُ ورثةُ الأنبياءِ؛ ماذا تقولُ لِمَن يَرَى الاتَّحاد العالَميَّ لعلماء الـمُسلِمين “مُنظَّمة إرهابيَّة”؟ كيْف تُقيِّم جهود “جـمعيَّة العلماء الـمُسلِمين الـجزائريِّين” في الـحفاظ على الـمُقوِّمات الـحضاريَّة للشَّعب الـجزائريِّ؟
- الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يضم شخصيات بارزة علميا لها حضورها العالمي والمحلي، ولكن الذي جعل المطبلين للنظام العالمي الجديد يصنفونه منظمة إرهابية هو وجود الشخصيات الإخوانية الأكثر بروزا ضمن الفاعلين فيه بل أغلبهم، وجماعة الإخوان خطر على “إسرائيل” في فلسطين، وخطر عليها في كل بلاد الإسلام وبالتالي فمن الطبيعي محاربتها لأنها لا تعترف بالكيان الصهيوني كدولة، ولها رصيد نضالي في العالم العربي ضد الأنظمة الفاسدة.
بشأن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، إن نجاحاتها المختلفة هو أنها مزيج من أطياف الشعب وليست حكرا على أيديولوجية أو جماعة واحدة، وأمامها الكثير لتحقق النجاح الحقيقي، ولكن لها مواقفها الرائدة، والمجتمع بحاجة إليها والسلطة بحاجة إليها، وننتظر عملا ونقلة نوعية في نشاطاتها، لأنها إن علم الفاعلون فيها تعتبر صمام أمان وملجأ للجميع حال الأزمات.
- ما رأيكَ في زيارة بعض العلماء وأهل الإعلام والصِّحافة والأدب والثَّقافة والفنِّ إلى الـمَسجد الأقصى بالقدس بتأشيرة دخول “إسرائيليَّة” بداعي نُصرة الـمُسلِمين في فلسطين؟
- شخصيا أراه تطبيعا مع الكيان الصهيوني المستدمر للبلاد المقدسة، وهي محاولات تدجينية لتعويد المشاهد والقارئ والسامع المسلم على مثل هذه التصرفات التي تعتبر اعترافا بالاستدمار من حيث ندري أو لا ندري.
- حاربتِ “الولايات الـمُتَّحدة الأمريكيَّة” عَرَبًا وفُرْسًا سُنَّةً وشِيعةً بأنفسهم وأموالهم وأسلحتهم وأوقاتهم وجهودهم؛ ويَستوردون نِصف الأسلحة الـمُنتَجة؛ لكن لا يَحمون أنفسهم؛ وليست لـهُم أحزمة أمان… واستفادتِ “الولايات الـمُتَّحدة الأمريكيَّة” مِن كُلِّ شيء؛ ولا تَزالُ تُفرِّقهمْ وتَبتزُّهمُ ابتزازًا… أين الـخلل؟
- الخلل المعرفي بامتياز نابع من المعرفة الحقيقية للمجتمعات المسلمة وبفشل ذريع عند العلماء في تأطير الشعوب، إلى الآن لا نزال نعيد نفس الأخطاء ونحيا دون استراتيجية فاعلة وحقيقية للتخلص من الاستدمار بكل أنواعه وأخطره الاستدمار الثقافي الذي يطمس هُـوِيَّـتنا.
لماذا الـهُوِيَّـة؟ لأنها هي التي تشعر الإنسان بذاته حقيقة فيبني مجتمعه بعزيمة وقوة، إذا طمست شغلنا واشتغلنا بتخريب مجتمعاتنا بلا هوادة، وسهل على غيرنا التسلل إلينا وصناعة الأزمات بأيدينا، نخرب بيوتنا بأيدينا.
- في ظلِّ الأحلاف العسكريَّة والسِّياسيَّة في العالَم؛ وبعْدَ سُبات الأُمَّـة، ألا تَنهض عبْر وَحدةٍ وتَعاضُدٍ وتَضامُنٍ ونُصرةِ قضايا شعوبها –دون تمييز- وتَسيرُ بِلطفٍ على مَدارج الـحضارة؟
- في ظل الاضمحلال السياسي وسيطرة الانتهازيين والفاسدين الذين لا يملكون السلطة حقيقة بل تم تمكينهم من غيرنا على رقابنا، لا يمكن أن ننهض، والاستراتيجية المستقبلية رهانها على التعليم أولا وأساسا لإعداد أجيال وطنية حقيقية تغير الوضع وتحقق أحلام الأمة في صناعة تحالفات إسلامية قوية، لأننا نملك كل شيء إلا الوعي والمعرفة الصحيحة بما يدور حولنا.
- وصيَّةٌ مُوجَزةٌ منكم إلى كُلِّ العاملين في مـجالات الفقه الإسلاميِّ.
- الذي يمكنني قوله للمتفقهين هو ضرورة إذابة الفجوة المعرفية بينهم وبين العلوم الإنسانية بالإفادة والاستفادة من منجزات البشرية من جهة، والتعريف بمناهجنا ومنتجونا المعرفي من جهة أخرى، لأن الفقه الذي لا يساير الزمان هو فقه جامد لا يمكن إتباعه ولا الوثوق به، بل إنه مدعاة للاستهانة بمبادئ الشريعة وأصولها الشامخة.
كما أن ضرورة انفكاك الفقيه عن المؤثرات السياسية والأيديولوجيات الضيقة هي ضرورة يمليها جوهر الإسلام لأن الفقيه هو عالم للأمة وليس لجماعة معينة أو فكر ضيق.
- ما آخرُ كِتابٍ قرأتَه أو تَقرأُه حاليًا؟
- قرأت كِتاب “سؤال الأخلاق” للفيلسوف البارز طه عبد الرحمن، وهو خلاصة رائعة لفلسفة الأخلاق ومدارس الفكر البشري تحليلا ونقدا، في تحكم جميل جدا باللغة والمعنى وهو ما ينصح به في هذا الموضوع.
وفي الفلسفة الغربية كِتاب “الرأسمالية الإغرائية” للفيلسوف اليساري ميشال كلوسكار، وهو كِتاب مهم جدا، حيث يسلط الضوء حول ما يدور في عالمنا اليوم وينبهنا إلى ما يسيطر على عقولنا ونفوسنا من حيث لا ندري. أنصح بقراءته وهو باللغة الفرنسية.
- سعيدٌ بِكَ اليومَ دكتور؛ كرمًا لا أمرًا؛ اختمِ الـحوار.
- تعجز الكلمات عن التعبير عن الشكر والتقدير لطاقم صحيفة “البصائر” المتميّز الذي استطاع الانتقال بها تدريجيا إلى احترافية نطمح أن تكون قوية على الموقع الإلكتروني وصفحات التواصل أكثر.
وفقكم الله، وشكرا جزيلا، والحمد لله أن في الجزائر أمثالكم من المخلصين.