شجن في طريق الدعوة/ أ. د. ليلى محمد بلخير
مر عام يا حبيبتي أمال، وأكثر من عام، خطوات تركض إثر بعض، الزمن الدفاق يزيد من سرعته، يستحيل أن تعرف كيف تسبق خطوة أختها؟ وهل يصل إليك الموت، أم تصلين أنت إلى الحياة؟؟؟ هناك أسرار بعيدة لا نملك سبر غورها، هو وحده يملكها ويملك كل شئ، بعلمه وحكمته، وحده نبض اليقين بالله لا يمكن أن يمسه الزيف، إنه شريان الحياة الحقيقي، قلت لي بصوتك الندي:”هل تعرفين يا ليلى أن كثيرا من البشر لا يحس بعجلة الزمن حتى تدوسه وتئن أوصاله من ضرباتها، وتتآكل روحه داخل جسده، يشتهي موتا رحيما فلا يجد” دمعت عيني وجاء صوتي خاشعا:”لا رحيم من أمر الله إلا هو” وكأني سمعت صوتك بنبرته الواثقة “ونعم بالله ناصرا ومعينا لمن سعى في الأرض وتوكل”. ارتجفت روحي وهي تستعيد شريط هذا العام، عام وأي عام…وكأنه بضعة أيام! آه جرفتني دوامة الزمن وجعلتني أغرق.. أغرق .. في لجة أفكاري، هو سيل الزمن الدوار، يضربني بقوة يتقدم بي يوما فيوما…ساعة فساعة… لحظة فلحظة، لا يمكنني التخلص من قبضته إلا بفهم عميق لحركته، يذهلني التأمل في عنفوان ضرباته، وتشل قدرتي عن التعبير مرة واحدة، إنه الزمن الهادر، يجلجل بصوت قوي يقرع الآذان، أسكت مليا وتنطق دموعي فيضا مسترسلا، ويأخذني الذهول من بلاغته وبيانه، تنتكس حروفي أمام هولاته وصرعاته. ولا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم، يعود إلي رشدي وذاكرتي الحزينة تحاول التماسك، يعود طيفك يؤنسني يسري عني الأحزان: “لا تحزني يا ليلى، وثقي بالله كل الثقة، لا إيمان إلا بالثقة، ولا سعي إلا بالثقة”… أمسح عيني لأتأكد من طيفك وأقول بحنان وحنين:”زمن انهيار الثقة وتراجع القيم والمبادئ وعلى كل الأصعدة، بالله عليك كيف نستعيد هذه الثقة؟ أكاد لا أصدق أنك رحلت، كنت معنا وغادرت، أرهف السمع، أرقبك، وأحس بروحك تبتسم لي، إنك هنا، ما زلت معي بوهج كلماتك، مر عام ولن أنساك يا صديقتي أمال، ومثلك لا يمكن أن يطويه النسيان، لقد بذرت وغرست وفهمت من الزمن دروسه، وخبرته خبرة عارف بفنيات الحياة، لن أنساك، سأرسل رسائلي إليك –رسائل الروح- ما دمت في هذه الحياة.