قضايا و آراء

يأيها المسلمـــــــــــــون اتحدوا…/ محمد العلمي السائحي

هذا نداء ينبغي أن تبلغ أصداؤه كل المسلمين في الأرض، وعليهم أن يستجيبوا له ويعملوا على تحقيقه في أقرب الآجال، لأن وجودهم واستمرارهم في هذه الحياة مرتبط به ومتوقف عليه، فالواقع والتاريخ كلاهما يشهدان شهادة صريحة لا يخالطها شك أو ريب، أن الذي مكّن الأعداء منهم، ويسر لهم الانتصار عليهم، واحتلال بلدانهم، ليس كثرة الأعداء ، ولا تفوقهم عليهم في الذكاء، بقدر ما يرجع إلى خلافاتهم الداخلية التي دفعتهم إلى الاحتراب في ما بينهم، وجعلتهم ينشغلون بأنفسهم بدلا من الاشتغال بالأعداء، وقد كانت أشد عليهم من العدو نفسه، حيث ذهبت بقوتهم وأضعفتهم، وجعلت التعاون بينهم مستحيلا، وسهلت على العدو اختراقهم، واستغلال تلك الخلافات البينية، لتوسيع شقة الخلاف بينهم، وتأليب بعضهم على بعض، حتى لا تقوم لهم قائمة، وليستحيل عليهم الوقوف في وجهه، والتصدي له، والامتناع منه، وهذا ما جعله بعد أن احتل بلدانهم، يبادر بإقامة الحدود بينها، وتغيير الواقع الجغرافي بآخر يبقي هيمنته قائمة على المنطقة، ويعزز تبعيتها له، وذلك عن طريق دق أسافين الخلاف فيما بينهم وتنويعها حتى يتسنى له زرع الشقاق بينهم متى ما أراد ذلك، وإثارة الفتن إذا دعته إليها الحاجة، ومن تلك الأسافين التي حرص على زرعها فيما بينهم الخلافات الحدودية، والخلافات العرقية، والخلافات اللغوية، والخلافات الدينية، وهذه الأسافين هي التي وقفت حائلا دون قيام الوحدة فيما بين العرب أنفسهم فيما بين المسلمين، وفيما بين العرب والمسلمين، وهي التي تسببت في ضياع فلسطين، تفكك الصومال وتمزيق السودان وتقسيمه، واحتلال العراق، وانهيار سوريا، وخراب اليمن، وتمزيق ليبيا.

وهذه الأسافين هي التي مكنت روسيا والصين من ابتلاع مملكة تركستان الشرقية دون أن يتمكن المسلمون أن يهبوا لنجدتها.

وهي التي مكنت الغرب من إضعاف تركيا وإسقاط الخلافة العثمانية والاستيلاء على البلدان التي كانت تتبعها في مشارق الأرض ومغاربها، وهي التي جعلت المسلمين يقفون مكتوفي الأيدي أمام انتهاكات بورما في حق المسلمين الروهينغا، وهي التي شجعت الصين اليوم على التعسف في حق المسلمين الإيغور بل محاربة الإسلام ومظاهره في الصين، وهي التي شجعت الحكومة الهندي الهندوسية الحالية على المبالغة في التضييق على المسلمين في الهند على الرغم من أن تعدادهم يبلغ حوالي ثلاثين بالمائة من السكان، وهي نسبة لا ينبغي أن يستهان بها، وهي التي شجعتها اليوم على إلغاء الحكم الذاتي في كشمير والقيام باحتلال الجزء الخاص بالمسلمين فيها.

إن الدارس لتاريخ الأمة الإسلامية عربها وعجمها، يجد أن من أسباب ضعفها وهوانها على الناس يكمن في فرقتها وعجزها عن تحقيق اتحاد بينها، يجعلها قادرة على الاستفادة من كل المقدرات التي تتوفر عليها البلدان التي انضوت تحت لواء هذا الاتحاد.

و لا أدل على ما ينطوي عليه هذا الاتحاد من خيرات، أن القوى العظمى غربية كانت أوشرقية، تتصدى له وتحاربه وتحرص على منع حدوثه وتستبيح لأجل ذلك كل الوسائل، وخير شاهد على ذلك أن ترامب في استراتيجيته لحماية الأمن القومي الأمريكي، جعل من الإسلام العدو رقم واحد، على الرغم من أن الإسلام ليس له كيان سياسي يمثله، كالشيوعية، التي تمثلها روسيا والصين، أو الهندوسية التي تمثلها الهند.

ولعل من دواعي تخوف طغاة العالم من قيام اتحاد بين المسلمين في العالم يرجع إلى أن ذلك قد يهيئ الأرضية المناسبة لقيام كيان سياسي للمسلمين يجعلهم يطمحون مثل غيرهم للسيادة على العالم والسيطرة عليه، وهو كيان إذا قام وتحقق يصعب التصدي له والوقوف في وجهه إذ هم يعرفون جيدا أن البلدان الإسلامية تمتلك قوى بشرية هائلة ومقدرات اقتصادية متنوعة، مما يتيح لها أن تستفيد منها في امتلاك كل أسباب العزة والمنعة وخير شاهد على ذلك أن تركيا على الرغم من تكبيلها باتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الأولى استطاعت أن تحقق مراتب جد متقدمة في الاقتصاد، كما أنها أصبحت تصنع نسبة 60 بالمائة من أسلحتها، كما لا يجب أن نغفل عن أن هناك من الدول الإسلامية من يمتلك قوة نووية مثل باكستان، أومن هي في طريق امتلاكها مثل إيران، وذلك يعني أن الكيان السياسي الذي قد يتمخض عنه مثل هذا الاتحاد سيمتلك من المقدرات ما لا حصر له في جميع المجالات وهو ما يجعل من المستحيل التصدي له والسيطرة عليه، لذلك هم يجتهدون كل الاجتهاد في منع حدوثه الحيلولة دون تحققه بداية.

وإذا كان الأمر على ما نصف ونقول: فعلينا جميعا أن ننادي بأعلى صوت وبكل ما نملك من قوة:يا أيها المسلمون اتحدووووووا…

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com