قرارات ترم تنتكس/ أ. محمد الحسن أكيلال
لقد فشلت أيها الرئيس في احتواء إيران
«الصحفي الأمريكي هابل جويل»
جريدة ذاهيل
أخيرا بدأ الرئيس ترمب يحصد ما زرع من بذور الفشل والإخفاق خلال الفترة القصيرة الماضية من عهدته الرئاسية التي بدأها استعراضية بأسلوب الممثلين في مؤسسة هوليود المعروفة عالميا وواصلها ببعض من رفع مستوى الأداء يقترب من أساليب رعاة البقر في السنوات الأولى من عمر تأسيس الدولة الأمريكية، بحيث لا يتورع عن التهديد بالسلاح لكل من يحاول عصيانه أو عدم الانصياع لأوامره أو عدم دفع الجزية أو إتاوة الحماية.
لقد بدأ صراعه في الداخل الأمريكي ضد وسائل الإعلام والقنوات الفضائية التي أرادت أن تحافظ على حرفيتها وأخلاقياتها في نشر المعلومة بكل صدق ونزاهة والتمسك الصارم بحرية التعبير التي تعتبر من مقدسات المجتمع الأمريكي الفاعل بجد في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ترمب الذي اختار الانحياز الكامل لدولة إسرائيل التي أنشأتها بريطانيا قسرا على أرض فلسطين، ولكونه أراد التميز عن كل أسلافه من الرؤساء الأمريكيين فقد عمل منذ البداية على الظهور بمظهر المدافع الوحيد عن الصهاينة ودولتهم في فلسطين، وليزايد أكثر أعلن عن قرار جعل مدينة القدس الموحدة عاصمة أبدية للكيان الصهيوني كمقدمة لمشروعه الذي أسماه صفقة القرن الذي ساعده في صياغته بكل أسف حكام وأنظمة بعض الدول العربية، وخاصة الخليجية منها وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي خصها في صفقته بفصل هام يتعلق بالابتزاز المالي الذي مارسه معها بكل وقاحة.
قرار الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لدولة الكيان الصهيوني وتحويل مقر سفارة بلاده من تل أبيب إليها يدخل في خانة المزايدة على الديمقراطيين وحتى على الجمهوريين المعارضين لسياسته وخاصة كبار الشخصيات في مجلس الشيوخ.
صراع ترمب مع الصحافة والإعلام بكل أشكاله جره من حيث لا يدري إلى محاربة حتى أقرب الشخصيات إليه كالشخصيات التي عينها وزراء في الخارجية والدفاع والعدل سابقا والمستشارين للأمن القومي وعوضهم بمن يحرضونه على التمادي في غيه والسير في ركاب الحكومة الصهيونية في تل أبيب التي يسيطر عليها المستوطنون واليمين المتطرف الصهيوني ضانا أنه باتباع إملاءاتهم وتحقيق رغباتهم يمكن له أن يحدث طفرة نوعية في السياسة الخارجية الأمريكية، طفرة أخرى من الناحية الاقتصادية التي تساعده في افتكاك العهدة الثانية من الحزب الديمقراطي والفوز لحزبه في الانتخابات التشريعية.
لقد اعتقد أن العمل السياسي مثل العمل التجاري والمقاولاتي والتفاوض في الأعمال المالية، لكنه وهو يعتمد على غطرسته وجبروت القوة العسكرية والإحادة القطبية نسي أن قوى جديدة تتربص به وببلاده تنتظر الفرصة السانحة التي يوفرها هو بنفسه للانقضاض عليه وتجريده من كل تلك الوسائل التي يستعملها ضد العالم ابتداء من حلفاء بلاده في أوروبا الغربية وانتهاء بالحديقة الخلفية –فنزويلا – التي أرادها أن تكون كما كانت قبل الثورة التي قادها “شافير” وبعد “مادورو” المتحصنين بشعبها.
تدخل في سوريا وناور مع حلفائه لمحاربة الارهاب الذي أنشأته بلاده ومخابراتها بمعية الدول العربية الخليجية وأوروبا الغربية وإسرائيل وحتى انفضح أمر ذلك الارهاب وتأكد العالم أجمع أن ذلك الارهاب الذي جيشوا له عشرات الآلاف من الشباب من مختلف أنحاء العالم وأيدوه بالأموال والعتاد لم يستطع تحقيق النصر والقضاء على الدولة السورية وتقسيمها مثلما فعلوا ذات يوم مع العراق .
المقابل المالي الذي أخذه من المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الخليجية جعل ابتزازه يتغلب عليه وأصبح مضطرا للدخول معها في حرب اليمن وليبيا ليجد نفسه في الأخير في موقع المهدد من طرف إيران وأذرعها ومعه كيان الدولة الصهيونية التي أصبحت معرضة للزوال في أية لحظة بمجرد خطأ بسيط في التقدير والقيام بضربة محدودة في الزمان والمكان ضد هذه الدولة أظهرت له أنها بإمكانها تدمير قواعده وأساطيله في المنطقة.
آن أوان حصاد أمريكا لما زرعه رئيسها في الشرق الأوسط وكل العالم بل وحتى بلدان حلفائها في أوروبا التي ضاقت ذرعا بتهوره وغبائه.
لقد انتكست كل سياسات ترمب وارتدت عليه بظهور أول مؤشرا التدهور الاقتصادي بتسجيل وول ستريت أول هبوط لمؤشرات في الأسبوع الماضي بسبب الحرب التجارية التي أعلنها ضد دول أوروبا الغربية وعلى رأسها ألمانيا والصين الشعبية والعقوبات التي قررها ضد هذه الدول بسبب علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.