قضايا و آراء

نتائج حقيقية وليست كارثية/ جمال نصر الله

 

ذهبت عدة جهات في الجزائر وهي متابعة للشأن التربوي بأن نتائج البكالوريا لهذه السنة 2019 كارثية..والقارىء لهذه التفسيرات والتعاليق يفهم بأن هنالك أخطاء في الأصل والمرجع، لكن الحقيقة هي أنها نتائج صحية وحقيقية صرفة .ولا داعي للعجب والتساؤل بل من المفروض التسليم بها والاقتناع عن أنها صورة طبق الأصل ومرآة لواقع الحال، فكثير من العقلاء يرون بأنها نتائج تعكس المستوى الحقيقي لتلاميذنا، لأن الوزارة الوصية قامت بواجبها يوم شمّرت على سواعدها وأعلنتها حربا على الغش والغشاشين (ورغم ذلك لم تسلم هذه الإجراءات من بعض المحاولات المعزولة) الوزارة مشكورة لأنها وقفت الند بالند لبعض الفئات التي شوهت ولازالت مصداقية هذه الشهادة العزيزة، وأرادت أن تجعل منها سجلا تجاريا لكل أنواع الخداع والتميّع، وأصبح لا فرق بين مجتهد وعاجز اتكالي، فبهذه الاجراءات الردعية سوف تعود عزة ووقار هذه الشهادة، وتجعلها ثمرة عالية فوق شجرة لن يقطفها إلا من تعب وسهر الليالي، ففي سنوات مضت كانت أعداد الناجحين بالآلاف؟ لا لشيء سوى أن الغش كان مباحا، وكانت كل المنظومة تقريبا متواطئة في هذه الجريمة الحضارية من حارس ومراقب إلى بواب وزميل في الخارج، حتى لا نقول كذلك مصححا، وهذا في إطار سياسة أنه وجب على الجامعة أن تحتضن كل الفئات أفضل وأحسن من مخالب الشارع الذي لا يرحم؟ أو باسم هذه السياسة نتج لنا جيل تافه وبلا قاعدة. جيل خفيف الظل طائر كوريقات الشجر تجلبه ريح وتأخذه ريح، وصارت جامعاتنا عبارة عن سوق شعبية تجتمع فيها كل أنواع البشر وبها كذلك تفاوت وتباعد بين المستويات وليس تقارب، حتى وصلنا إلى الجريمة وكل أنواع الرذائل داخل حرم هذا المبنى وذاك بسبب أن الجميع في سلة واحدة وحضن واحد، ولا فوارق ولاهم يحزنون، وهذا عين الخطأ. لم تعد هناك فوارق وتباينات بين أبيض وأسود أصبح الكل رماديا أي بلون واحد مما أهل الجميع أن يجوز على نفس الامتيازات والحقوق وكذا نفس الفرص، وانتعشت ثقافة أن القوي هو صاحب المعارف والعلاقات وليس المؤهلات والقدرات، فصارت الجامعة بين عشية وضحاها مرتعا لفتل العضلات ومسرحا لسباق الأقوياء ماليا وعضلاتيا وليس علميا أو كفاءات. وهذا كله لأنهم جميع يتساوون في الشهادات، ومن هنا ماتت قيمة البكالوريا لأنها والعياذ بالله أصبحت تباع في الأكشاك؟! وأن حيازتها لا يحتاج إلا لبعض الروتوشات، فهي لعبة يتساوى الجميع في لعبها وحيازة تقنياتها سهلة جدا، هذا كله انعكس على الحياة العامة للبشر وأصاب هذا الطوفان حياة المجتمع والأفراد، لكن اليوم والحمد لله بدأت هذه الشهادة تعيد هيبتها بفضل إجراءات وجهود كبيرة لمحاربة الغش وضبط كل صغيرة وكبيرة، وأن منحها لن يكون إلا لمن برهن على قدراته، وجاهد وثابر طيلة السنة.

وعليه سوف تعود هيبة وقيمة هذه الشهادة حتى ولو كانت النسبة خمسة بالمائة فهذا لا يهم. فقط لا يكون هناك نوع من الظلم فقط ؟! هذا على رأي الشاعر:

وما نيل المطالب بالتمني   

ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

ودليلنا في كل ما قلناه أن الأجيال القديمة التي حازت على البكالوريا زمن السبعينيات والثمانينيات هي أذكى وأثقل وأخلق من جيل التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة. وهذا الحكم ليس مطلقا ولكن نحن نتحدث عن الأغلبية التي جعلت الجامعة اسطبلا يدخله الجميع؟ا

 

شاعر وصحفي جزائري

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com