عن إعلام الجمعية/ حسن خليفة

من المفيد، بين آن وآخر، أن يقف المرء وقفة نقدية يراجع فيها حساباته، ويحاول إعادة صياغة وترميم بُنيانه. ومن المفيد هنا أن أذكّر أنه في إطار الاجتماعات الدورية التي يعقدها المكتب الوطني كثيرا ما كان من بين فقرات جدول الأعمال “تقييم الأداء” الخاص بكل لجنة أو هيئة، وذلك على سبيل معرفة ما تم إنجازه أولا، ومعرفة الصعوبات والعوائق والمشكلات التي تعترض اللجان المختلفة، وتمنعها من تحسين أدائها وتطوير أعمالها.
واستسمحكم في أن أجعل مساحة هذه الزاوية لهذا الأسبوع شعاعا نرسله في اتجاه الأحبة من أعضاء الجمعية ومحبيها، ونخصصه للإعلام عامة، وللإعلام الإلكتروني خاصة.
حقا، يمكن لنا أن نجد بعض الحضور للجمعية، من خلال وسائط الإعلام بما تصنعه من أحداث ثقافية وفكرية ودينية، بين فترة وأخرى، وحقا نجد أيضا ذلك الحضور من خلال ما يحدث من “أصداء” لمواقفها ونداءاتها وبياناتها، وما تجهر به معبّرة عن رأيها كجمعية من أهم الجمعيات في الوطن.
ولكن هل هذا يكفي في مجال الإعلام خاصة؟ وهل يعجز أبناء وبنات الجمعية على الرقيّ بإعلامهم إلى مستوى أكبر مما هو عليه الآن؟ وهل يصعب أن نسجل أهدافا أهمّ وأجمل وأجدى مما يقرّب الجمعية من المجتمع، ويجعلها ذات حضور أكبر، ووزن أثقل، ونفع أعمّ وأوسع؟ الجواب: لا..لا يصعب.
إذن..!
دعونا نسجل هذه الملاحظات:
أـ شخصيا لا أجد وصفا لما يحدثُ على صعيد التفاعل شبه الغائب، ولا أفهم ضعف التجاوب، في المجال الإعلامي خاصة، من إخواننا في الشعب ومن إخواننا وأخواتنا أعضاء الجمعية خاصة، ومحبيها ومناصريها عموما؛ فما تزال مشكلة توزيع المطبوعات (التبيان ـ الشاب المسلم ـ البصائر) تراوح مكانها، وإن سجلنا تحسّنا في الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ حيث نفد أو كاد مخزون “التبيان” ينفد، كما أن هناك تحسّنا في توزيع “الشباب المسلم”. علما أن التقديرات البسيطة التي تم التوصل إليها من خلال دراسات ميدانية تؤكد أنه بالإمكان توزيع أكثر من 30 ألف نسخة من “البصائر” و3000 من “التبيان “و2000 من الشاب المسلم كحد وسط لكل مطبوعة، لو استخدمت الجمعية مواردها (وفي المقام الأول أعضاء الجمعية (من الجنسين) وأعني هنا الأعضاء الفعّالين، مدارس ـ مؤسسات ـ مساجد ـ معارف وعلاقات ـ وسط حاضن ـ مع خطط بسيطة للترويج والتوزيع والإبلاغ، شرط أن ترتقي الهمّة إلى المستوى الإيماني المطلوب. ولعلّ ذلك يتحقق مستقبلا. نعم من السهل الوصول إلى هذه العتبة لو تحقق الوازع الرّسالي.
ب ـ لا أفهم عدم تفاعل الإخوة والأخوات مع ما يُنشر في مواقع الجمعية وفضاءاتها الإلكترونية بالنقد والتقويم، وكذلك عبر المساهمة والكتابة والتعريف، ولو حسبنا عدد المهتمين لوجدنا شيئا يسيرا، بالمقارنة مع الأعداد الكبيرة للأعضاء في الجمعية، في كل أنحاء الوطن، مع سهولة ويُسر الاستخدام بالنسبة لتكنولوجيات التواصل.
إن مواقع الجمعية في حاجة إلى الإسهام المنتظم أو شبه المنتظم بالمقالات العلمية والإعلامية، والأبحاث، والعروض المتنوعة، وثمة مجلة إلكترونية جديدة هي مفخرة للجمعية، وأعني بها “الربيئة “(فكرية تصدر كل شهرين)، ونحن في أمس الحاجة إلى مقالات ودراسات إخواننا وأخواتنا، علما أن الجمعية تزخر بالطاقات البحثية (باحثين وباحثات) وكُتاب وكاتبات، فما هو مردّ هذا البرود غير المبرر؟
ويصدق ذلك أيضا على الكثير بخصوص غياب التفاعل في نشر تغطيات وأخبار أنشطة تقوم بها شعبهم الولائية والبلدية. ما وجه الصعوبة في مثل هذا الأمر؟ تسجيل الحدث وتوثيقه ونشر خبر أو تغطية عنه، فضلا عن إرساله في التقرير الشهري المنتظم، كما توصي به قوانين الجمعية، للإعلام المكتب الوطني من جهة، وللنشر من جهة ثانية.
ج ـ مازالت الجمعية تعاني في مجال السمعي البصري، وعلى الرغم من طرح فكرة “قناة فضائية”، منذ نحو عامين، وتحمّس الكثيرين لها، (والبعض ما يزال يدعو إلى ذلك بإلحاح)، فإننا في هذا المجال لا نكاد نخطو خطوة إلى الأمام حتى نتوقّف – إن لم نتراجع إلى الوراء خطوتين. وقد كانت هناك فرص مهمة للإقلاع في هذا المجال، ولكنها ضاعت لأسباب مختلفة، لعل أهمّها ضعف إدراك أهمية ودور الإعلام السمعي ـ البصري ـ وهبوط درجة حرارة “الرسالية”. والعزم قائم على تمحيص ودراسة هذا الأمر في آجال منظورة، إن شاء الله تعالى.
والمطلوب من الجميع الاجتهاد في هذا الخصوص في تسجيل الملاحظات العلمية والمنهجية، وتسجيل العوائق والحوائل والتحديات والأخطاء والأخطار في هذا المجال، وتقديم خلاصات مفيدة في اللقاء الذي سيُخصص لهذا الموضوع – بحول الله.
أعلم أن النوايا الطيبة الحسنة موجودة وأن الإمكانات والطاقات أيضا موجودة، كما أن الإرادات أيضا موجودة، فأين الخلل؟ أين الخلل في صناعة إعلام مناسب قويّ مؤثر، واسع الانتشار، متنوع المصادر متعدد الوسائل؟وإن لم يكن هناك بديلا للإعلام المميّع القائم، فعلى الأقل يكون قبَسا من قبسات الإعلام العلمائي الطاهر النافع. ويكون الأمر بتطوير وتحسين ما هو قائم ، ثم الإعلاء من شأن الدعوة والخطاب الدعوي، والإبلاغ والتبليغ الذي هو رسالة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في إعلام قائم متميز.
وإذا كانت المشكلة في القائمين على هذا الإعلام فما أيسر وأبسط استبدالهم وتعويضهم بمن هم أفضل وأحسن، وإن كانت في أمور أخرى فالوقت يداهمنا جميعا من أجل أن نكون في المستوى اللائق بجمعية عظيمة، ذات شأن تاريخ، وذات أهداف عظيمة.
اللهم إني قد بلغتُ.