كلمة الجمعية في الندوة الوطنية للحوار/ التهامي مجوري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أيها الإخوة مع حفظ الألقاب والمواقع والمراتب السلا عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
نشكر الأحزاب والجمعيات والنقابات والشخصيات والوطنية التي سهرت على إعداد هذه المبادرة على رأسها، فعاليات قوى التغيير التي وضعت البدور الأولى لهذا الجهد.
وبهذه المناسبة نهنئ الشعب الجزائري وشبابه، في هذه الذكرى المزدوجة: الذكرى 57 للاستقلال، وعيد الشباب.
ونهنئ الشعب الجزائري وشبابه، الذي قاد هذه الهبة الشعبية خلال 20 أسبوعا، بمطالبه المشروعة وشعاراته المعبرة.
ونحيي فيه الانضباط، والسلوك الحضاري، وصبره على مكارهه.
فهنيئا للجزائر كلها بهذا المكسب السياسي الاجتماعي العظيم، الذي تحقق خلال هذه الأسابيع العشرين، والذي من مكاسبه الهادفة هذا المنتدى بأرضيته التي بين أيديكم، كمكسب جامع هام تعرض فيه القوى السياسية وفعاليات المجتمع المدني تصورها.
إن ما توصلنا إليه الآن بهذه الوثيقة -رغم أهميته- لا نراه كافيا لتحقيق الطموح الشعبي، وإنما يحتاج إلى روافد أخرى لابد من استصجالها في مسيراتنا لاحقا.
ونحن في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، إذ نثمن كل جهد مبذول من أي وعاء كان، فإننا نركز بشكل أساسي ورئيسي على البناء الذاتي للقوى السياسية والاجتماعية، الرسمية والشعبية، لأن الحراك الشعبي قد عبر عن إفلاس منظومة ثقافية سياسية، ولولا إفلاس هذه المنظومة لما بلغ حد اليأس وانتفض…، وهو معبر أيضا عن نهاية مرحلة وبداية مرحلة أخرى، وأهم ما تبدأ به هذه المرحلة الجديدة هو الحوار واستمراره كوعاء للتعارف والنقاش المثمر؛ بل كهدف استراتيجي لا تقيده الأهداف الاجرائية العاجلة، وإنما ينتقل به إلى الأوعية ألأوسع والأفضل والأنفع وذلك بما يلي:
1-أن يبنى الحوار على إرادة الارتقاء ومطاردة الخوف على الذات و”البيضة”، والخواف من الآخر {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }آل عمران64. وتعالوا بمعنى ارتفعلوا استعلوا وارتقوا…، وليس تنازلوا وتجاهلوا..
2-التأسيس للحفاظ على الحريات،كلها للذات وللآخر؛ لأن نهاية المفرط في حريته يصبح جمادا، والمعتدي على حرية غيره يصير وحشا، كما قال الشيخ ابن باديس رحمه الله.
3-بناء ثقافة سياسية جديدة بعيدة عن استعداء الأطراف لبعضها البعض، والعمل على تقديم التضحيات، أكثر من الجري وراء المكاسب الفئوية الزائلة.
4-العمل على بقاء فضاء الحوار مفتوحا في وجه كل من يطلبه.
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أم الجمعيات في الجزائر، والوعاء الجامع لكل الجزائريين، تدعو الطبقة السياسية، من رسميين وشعبيين خصوصا، إلى تحمل مسؤولياتهم كاملة والالتحاق بمواقعهم في السلم الاجتماعي؛ لأن الشعب لا يتخلى إلا على من تخلى عنه، أما من تصدر المجالس لخدمته والدفاع عن مكاسبه، فيحتضنه ولا يسلم فيه، فانقلوا إلى الشعب تجاربكم الناجحة ولا تشغلوه بصغائركم، التي لا يرى لها قيمة في حياته.
إن الشباب المنتفض اليوم كله من مواليد الثمانينات من القرن الماضي، ومن ثم فقد تخلص من الكثير من الخوف الذي لا يزال يسكن الكثير منا.
﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد 11]