المرأة و الأسرة

من مرحلة مدرسية إلى أخرى/ أمال السائحي

إن التفوق والنجاح له نكهة وطعم خاص، هذه الأيام هي أيام مشهودة، يعلن فيها عن النتائج المدرسية، كخلاصة عامة لعام منصرم، بكل ما يحمل من سهر، وتعب، وضحك، وحزن سواء للوالدين أو للتلميذ، أو للأستاذ، كل كان في خليته يذود ويجود، بزبدة ما استخلصه من الدروس والتقويمات التي تفرز لنا خانة كل تلميذ تفوقه، توسطه، أو رسوبه… وهكذا يسطر أبناؤنا نجاحهم وارتقاءهم إلى مرحلة مدرسية أخرى، من الابتدائي إلى المتوسط، ومن هذه الأخيرة إلى الثانوية، التي هي بدورها تعتبر مركز العبور إلى مستقبل أكبر ألا وهو الجامعة …نتطلع عبر هذه الكلمات إلى ما يمكن القيام به من حوار بناء بالنسبة للأسرة عامة وللتلميذ خاصة ..

يشير أهل الاختصاص في التربية أن الأهل والتلميذ يتطلّعون إلى الانتقال إلى المرحلة المدرسية المتوسطة بفارغ الصبر، فهي خطوة كبيرة تتطلب الاستعداد النفسي والأكاديمي للتكيّف مع متطلباتها، إذ يدرك الأهل والتلميذ الاختلاف بين المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسّطة، وفي بعض الأحيان  يعيشون هذا الحدث كما  لو أنه انتقال إلى مدرسة جديدة، فالاختلاف الذي ينتظر التلميذ لا يقتصر على الصعيد النفسي، بل يشمل مواد مدرسية جديدة لا تخلو من صعوبة تقتضي منه مضاعفة جهوده، وفروضًا مدرسية إضافية في المنزل، والتعامل مع أساتذة جدد، وارتياد مبنى مدرسي جديد فضلاً عن زملاء وربما أصدقاء جدد.

كل هذا يشكّل قلقًا عند التلميذ، فتختلط المشاعر وتتفاوت بين الشعور بالحماسة لدخول مرحلة مختلفة والقلق من المسؤوليات الجديدة التي تلقى على عاتقه، إضافة إلى هذا، يتأثر التلامذة بخبرات من سبقهم إلى هذه المرحلة وما سمعوه عنها، فمثلاً عندما يكون للتلميذ أخ سبقه إلى المرحلة المتوسطة وواجه صعوبة قد يعاني قلقًا من هذه المرحلة خصوصًا إذا أبدى الأهل تشدّدًا في ضرورة أن يدرس بشكل مكثّف لأنها مرحلة دقيقة ويذكّرونه بذلك في كل مرّة يريد فيها مثلاً أن يقوم ببعض النشاطات التي اعتاد عليها سابقًا، فأحيانًا كثيرة يردد الأهل على مسمع التلميذ «أنت في مرحلة دقيقة ولا يمكنك التهاون فيها، ذهب وقت اللعب وبدأ مشوار الجد». فهذه العبارة توتر التلميذ وتزيد قلقه وقد تعيق تقدّمه المدرسي».

ومن جانب آخر تكون حيرة التلميذ وقلقه في التفكير الزائد وطرح السؤال بعد السؤال في كيفية تقبله هذا الوسط الكبير من التلاميذ في هذا العمر الحرج وكيفية التعامل معهم، هل سينجح وهل سيخفق، وهل ستزيد المشاكسات التي لا تنتهي؟

ومن هنا نقول من الجميل أن يقدم الوالدان لأبنائهم بعض النصائح والإرشادات، وبعض القصص الحية، والحوار الجاد، الذي يمكن أن يحتوي هذا الطفل، وينزع عنه ولو القليل من هذا الفتيل، فتيل القلق والأسئلة التي تبقى بدون جواب..

فالنصيحة التي يمكن أن يقدمها الوالدان لتفادي بعض العقبات، تتمثل في عدة نقاط نذكر منها ما يلي:

أولها مشاركة الأهل الأبناء في التخطيط للدخول إلى هذه المرحلة والتفاعل معهم، لأن التأثر بالأتراب بالتجارب التي تحكى على مسامع الطفل يكون لها بالغ الأثر في هذه المرحلة، لذا فإرشاد الأهل ضروري.

التركيز على ما هو مشترك بين المرحلة السابقة، المرحلة الابتدائية والمرحلة المقبلة، كالرفاق القدامى الذين انتقلوا مع التلميذ إلى المرحلة نفسها، والمواد الرئيسية والنشاطات اللامنهجية، وذلك للتخفيف من الضغط الذي يسببه الانتقال إلى مرحلة جديدة.

التركيز على قدرات التلميذ لتمكينه من التكيّف ومواجهة تحديات المرحلة الجديدة مما يؤدي إلى تخطيها بنجاح وبدون قلق .

تشجيع التلميذ على استعمال معارف ومهارات جديدة والتأكيد له أن انتقاله إلى هذه المرحلة مؤشر لنجاحه ونضجه الفكري.

الاستفادة من الخبرات السابقة السلبية والإيجابية معًا، وذلك بإرشاده إلى تجنب السلبي والبناء على الإيجابي، والتأكيد للتلميذ أن الإخفاق السابق نتعلّم منه دروسًا، أما الإنجازات فنبني عليها للقيام بإنجازات جديدة على الصعيد الأكاديمي والشخصي.

وهكذا تتضح الرؤية عند التلميذ ويتهيأ نفسيا على الأقل لخوض معركة جديدة إذا صح التعبير، مع مدرسة أخرى، ومحيط جديد، نسأل الله التوفيق والسداد لكل من نجح وتفوق، ونقول لكل من رسب لا تفتر عزيمتك واجتهد لتجد مكمن الخلل، وستفوز بدورك ..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com