في معية الفرزدق/ محمد الصالح الصديق
ذكر الشاعر الفرزذق في مجلس علمي، بأنه من فحول الشعراء في العالم الإسلامي، وتحدث بعضهم في شاعريته، وفاضل بينه وبين جرير وذكر غيره ما امتاز به شعره من قوة ورصانة .
وحدثتهم بدوري عن ديوانه ثم ذكرت هذه الحادثة التي أوردها الشريف المرتضى في كتابه الشهير (أمالي المرتضى) ج1.، ص65.
أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني قال: حديثنا محمد ابن إبراهيم، قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق: قال: حدثني محمد بن محمد بن سليمان الطفاوي قال: حدثني أبي عن جدي قال: شهدت الحسن البصري في جنازة النوار –امرأة الفرزدق- وكان الفرزدق حاضرا، فقال له الحسن، وهو عند القبر: يا أبا فراس ما أعددت لهذا المضجع؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة. فقال له الحسن: هذا العمود، فأين الطنب؟ وفي رواية أخرى أنه قال له: نعم ما أعددت! ثم قال الفرزدق في الحال:
أخاف وراء القبر – إن لم يعافني-* أشدَّ من الموت التهابا وأضيقا
إذا جاءني في يوم القيامة قائد * عنيف وسواقٌ يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى * إلى النار مغلولَ القِلادة أزرقا
يقاد إلى نار الجحيم مُسرْبلا * سرابيلَ قطرانٍ لباسا محدّقا
قال: فرأيت الحسن يدخل بعضه في بعض. ثم قال: حسبك، ويقال إن رجلا رأى الفرزدق بعد موته في منامه، ما فعل بك ربك؟ فقال: عفا عني بتلك الأبيات.
وكان متشيعا لبني هاشم وله فيهم شعر رائع جميل، وفي كتب الأدب والتاريخ أن علي بن الحسين حج فارتاع الناس لطلعته البهية، وتشوفوا له وجعلوا يقولون: من هذا؟ فقال الفرزدق في الحين:
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي العَلَم
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيتُ يعرفه والحِلّ والحَرَم
إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرَم
يكاد يُمسكه عرفان راحته * ركنُ الحطيم إذا ما جاء يستلم
يُغضي حياء ويُغضي من مهابته * فما يكلَّم إلا حين يبتسم
ولد الفرزدق عام 38هـ وتوفي عام 110هـ وقد بلغت قصائده ومقطوعاته نحو من 714.