قضايا و آراء

عزيمة / د. ليلى محمد بلخير

هذه الرسائل ليست خواطر أدبية، أو ضربا من الخيال، بل لها  علاقة بمحاورات حقيقية  في الفكر والحياة والدعوة إلى الله مع صديقتي أمال زواغي رحمها الله .

أكتب اليوم رسائلي لروحك، ولا أحفل بمن يقول أنها لن تصل إليك، إن فعل الكتابة هو استعادة لطيفك، حتى لا يموت أثرك، ويمتد ويتواصل حضورك في هذا الزمان وحتى لزمن آخر لا يعلم أجله إلا الله .

     كنت تقرئين ما أكتب وتقولين بفرح غامر:” اكتبي يا ليلى اكتبي ولا تتراجعي أبدا … لماذا تجارب الرجال من المؤثرين تبقى وتجارب النساء تموت مع موت أسمائها؟ لأننا لا نجد من الأقلام النسوية التي تهتم بالكتابة عن تجارب النساء الفاعلات المؤثرات. اكتبي هذا قدرك وواجبك، الأمة اليوم من البنات في أمس الحاجة إلى نماذج رائدة في الدعوة والإصلاح، بدل النماذج المشوهة المسيطرة على الذوق العام من أدعياء الفن والفكر والعلم” .  “ارهف السمع ويحضرني طيفك من جديد اكتبي  يا ليلى اكتبي، ففي نبض حرفك المؤمن حياة. حياة  من نوع آخر لم يعرفها أحد لأنها ظلت مستورة أومغمورة “.

 قلت وقد لمعت عيني بقوة عجيبة:” ما معنى أن تكون لك عزيمة تشدك دوما إلى الأمام؟ ما معنى أن تجهدي نفسك طوال الوقت وتستعذبي العذاب؟ وكلما سرت شوطا  يمل التعب من وخز جسدك بألوان الوجع فينهزم الوهن ويتراجع. لتتوثب فيك العزيمة رغم احتدام المواقف وزحمة المهام . ما معنى العزيمة؟ أريد منك جوابا مناسبا لهذا الزمن”.   اقتربت مني وشددت على يدي وقلت لي بيقين وعزم شديد:” عندما تتخيل نفسك مفارقا لهذه الدنيا، وتشعر بأنفاس الموت تلاحق أيامك في كل لحظة، تتوقد العزيمة من وطأة الإحساس بقيمة وجودك تلملم لحظاتك الهاربة بالصدق والانجاز” قرأت صفحة وجهك ظلت مشرقة لم يغيبها التراب وقلت:”      حقا صديقتي، لم نخلق من الطين وحده حتى نعبد المادة وننغمس في الطين، لقد أودع الله فينا سطوة الروح وعزيمة الفؤاد، ما إن شعرنا بفراق جواذب الطين حتى ترتفع همتنا وتعززعزيمتنا ، الحياة قصيرة جدا مهما طالت ولا يوجد أمر من الوهن والفشل ليفتك بها فتكا  ذريعا”.

فتحت  عيني لم أجدك أمامي، تسمرت نظرتي وتألمت وعرفت أني  كلما زاد حزني لغيابك زاد فتيل عزيمتي للسير في الطريق..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com