صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أرض الجزائر/أ. نور الدين رزيق
الصحابي هو من لقى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام.
وأفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة وهم سعد بن أبي الوقاص وسعيد بن زيد وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح ثم بعدهم أهل بدر ثم أهل أحد ثم أهل بيعة الرضوان.
وآخر الصحابة موتا عامر بن وائلة اليثي مات سنة مائة من الهجرة بمكة.
وقد قال تعالبى فيهم: ﴿وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّـهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الفَوزُ العَظيمُ﴾التوبة/100.
وجود الصحابة رضي الله عنهم ضمن جيوش الفتوحات يُعدّ من بشائر النّصر، روى مسلم (6630) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يأتي على الناس زمان يغزو فِئام من الناس فيقال لهم فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيُفتح لهم” وجود الصحابة في مثل هذه الجيوش شحذ للهمم وقوت للعزائم، بل الشرف العظيم لأي أرض استشهد فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأي فضل فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من أحد من أصحابي يموت بأرض إلا بُعِثَ قائدا ونورا لهم يوم القيامة” الترمذي (3865).
ومن البلدان التي نالت الشرف والرفعة والفضل بدخول الصحابة فاتحين ودعاة لرسالة الإسلام واستشهد عدد منهم على أرضها التي طابت بدمائهم الطاهرة الزكية بلد الجزائر المحروسة.
وقد ذكر السّيوطي في درّ السحابة أزيد من 350 صحابيا نزلوا مصر ولعل أقلها حظا بلاد الأندلس التي دخلها صحابي واحد هو المنذر الإفريقي رضي الله عنه.
مع العلم أن تسمية بلاد إفريقية والمغرب تمتد من الحدود المصرية الليبية وتنتهي عند المحيط الأطلسي –أكثر من 400كلم- تضم الدول التالية: ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.
ومن الصحابة الذين دخلوا هذه البلاد إفريقيا والمغرب: العبادلة السّبعة رضي الله عنهم.
وذكرت النصوص التاريخية صريحة أسماء بعض الصحابة الذين شاركوا في فتح مدينة أو مصر من هذه الأمصار فهذا رُويفع بن ثابت دفن في البيضاء، وزهير بن قيس في درنة والمنذر الإفريقي وأبو سجيف بن قيس في طرابلس وأبو زمعة البلاوي في القيروان، حيث قبورهم معلومة ولم تذكر صراحة أسماء الصحابة الذين شاركوا في فتح أرض الجزائر أو دفن فيها سوى سيدنا عقبة صحابي بالولد رضي الله عنه.
ويرى بعض المؤرخين أن الحملة الأولى لعقبة بن نافع رضي الله عنه (50هـ 55هـ) انشغلت بفتح تونس وبناء عاصمة الغرب الإسلامي القيروان، وجامعها الأعظم، أما حملة أبي المهاجر دينار رضي الله عنه فقد دخلت أرض الجزائر وشملت حاضرة تلمسان إلا أن النصوص التاريخية لم تذكر أسماء الصحابة الذين شاركوا في حملة أبي مهاجر أما حملة عقبة بن نافع الثانية وصلت إلى المملكة المغربية مرورا بالجزائر، وكان فيها عدد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر عددهم 18-25 صحابيا ومنهم قائد الحملة عقبة بن نافع الفهري الذي استشهد في هذه الديار ولا يعلم أسماء الصحابة الذين استشهدوا معه.
الفتح الإسلامي لبلد الجزائر:
ذكرت كتب السير والتاريخ الإسلامي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أمير الجيش الفاتح عمر بن العاص بعد فتح طرابلس في 22هـ على التوقف شفقة على المسلمين وحفاظا على أرواحهم، ولما بُويع بالخلافة لعثمان بن عفان رضي الله عنه عزل عمر بن العاص عن إمارة مصر، وعين عبد الله بن سعد بن أبي سرح رضي الله عنه سنة 25هـ على مصر، وكان أخوه من الرضاعة.
وبعد سنين من الولاية سنة 27هـ أمره بغزو إفريقيا حيث خرج جيش عظيم فيهم، مروان بن الحكم، وعبد الله بن الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، والمطلب بن الثائب، وثبر بن أرطأة وغيرهم من المهاجرين، كما ذكر ذلك بن عذاري في (البيان المعرب 1/8)، وذكر البلاذري عددا آخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شاركوا في حملة عبد الله بن سعد بن أبي السرح منهم: معبد بن العياس بن عبد المطلب والمسور بن محرمة وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وعبد الله وعاصم وعبيد الله أبناء عمر بن الخطاب، وذؤيب خويلد بن خالد الهدلي (البلاذري ص220).
والذي على أهل السير أن جيش عبد الله بن سعد بن أبي السرح لم يصل لبلد الجزائر وكان يبعث بالطلائع والسرايا ويبدوا من كلام العلامة ابن خلدون أن جيش عبد الله بن سعد بن أبي السرح قد بلغ في فتوحاته غرب القطر الجزائري حيث مواطن مغراوة وأميرها صولات بن مزمار الخزري المغراوي الذي أسلم وهو أول أمير جزائري.
(يتبع)