عِبرٌ من غزوة بدر/ الأستاذ نور الدين رزيق
غزوة بدر سماها القرآن الكريم يوم الفرقان، لم يكن لهذه الغزوة قصد حربي مخطط له من قبل إنما هو عمل مشروع من مبدأ: جزاء السيئة سيئة مثلها، إذ قريش طردت المؤمنين وصادرت أموالهم، فخرج المسلمون لاعتراض عِيرها وأخذ ما معها من أموال، وكان ذلك عدلاً لا ظلم فيه، فسبق تقدير الله وأمره تقدير البشر ورغباتهم، وكان ذلك 17 رمضان 2هـ.
- الأخذ بمبدأ الدّفاع عن النفس، عملا بقوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾الحج/39.
- وجوب مراعاة العهود والمواثيق:
وقفة قبل النزول إلى موقعة بدر وهي رص الصفوف وجمل الكلمة لهذه المهمة ومنطلق ذلك مبدأ عظيم في الإسلام ألا وهو الشورى ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾الشورى/38.
فقال صلى الله عليه وسلم: “أشيروا علي أيها القوم؟!” فتكلم أبو بكر وعمر والمقداد وهم من المهاجرين، فقال صلى الله عليه وسلم: “أشيروا علي أيها الناس؟!” فتكلم سعد بن معاذ سيد الأنصار: والله لكأنك تعنينا يا رسول الله، قال “أجل” فقال سعد: “فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا لما أردت ونحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا أحدٌ” وحديث حذيفة بن اليمان وحُسيل… فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه أن يشيروا عليه كان يعني الأنصار لأن شروط بيعة العقبة التي كانت بينه وبينهم لم تتضمن نصرتهم له خارج المدينة فخاف أن لا يقاتلوا معه من خارج لقتاله.
- الدّعاء أحد الأسلحة في مواجهة الأعداء:
بعد ذلك استقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وعليه رداؤه وإزاره وهو يدعو ويقول: “اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم أن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد بعد في الأرض“، لا ينبغي للطائفة المؤمنة إهمال الدعاء فشأنه عظيم وأمره جسيم، كم أقام الدعاء ممالك وأزال ممالك وهو سمة العبودية واستشعار الذلة البشرية.
- الخبرة العسكرية:
حينما نزل النبي صلى الله عليه وسلم موقعاً أدنى ما يكون إلى بدر بجيشه فاستفسر الصحابي الجليل الحُباب بن المنذر من النبي صلى الله عليه وسلم عن اختياره لهذا المكان: آمراً من الله تعالى أم الحرب والمكيدة فقال صلى الله عليه وسلم: بل الحرب والمكيدة فأشار الحباب على النبي صلى الله عليه وسلم برأي أعجبه واستحسنه مما يؤكد مشروعية الشُّورى وأنها من الواجبات الضرورية في كل ما يَهُمُّ أمر المسلمين، وأهمية الرجوع إلى أهل الخبرة وأهل العلم المتخصص.
- إمداد الله تعالى المؤمنين بالملائكة:
الحكمة من ذلك هي تحصيل ما يكون سبباً لانتصار المسلمين وتثبيت المؤمنين وتقوية قلوبهم وعاملاً قوياً على تحطيم معنوية الكفار.
قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾الأنفال/9.
وقال سبحانه: ﴿إِذ يوحي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذينَ آمَنوا سَأُلقي في قُلوبِ الَّذينَ كَفَرُوا الرُّعبَ﴾الأنفال/12.
- مشروعية فداء الأسرى أو قتلهم أو المنّ عليهم:
لم يكن الهدف من فداء الأسرى جمع المال، دل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان على استعداد ليطلق الأسرى قوله صلى الله عليه وسلم: “لو أن مطعم بن عدي كان حياً وكلمني في هؤلاء النتنة لتركتهم له“.رواه البخاري.
بعد هذا الانتصار العظيم الذي تحقق في معركة بدر، انتشرت الأخبار في الجزيرة العربية ممّا أدى إلى تحسين سمعتهم وزيادة هيبتهم بين القبائل، وأكسب المسلمون المهارات العسكرية والخبرات الحربية وشهرة كبيرة في الجزيرة العربية وخارجها.