من لمسلمي الصين الإيغور:أولئك المنسيون؟…/ أمال السائحي
كم أصبح بائسا هذا العالم، وعديم الإنسانية، بكل ما تكتنزه الكلمة من ألم ومعاناة، ما كنا نود أن يستقبل رمضان المبارك هكذا، وكل بلد من بلاد الإسلام جريح، ابتداء من فلسطين المغتصبة، وما تلاقيه من الصهاينة، عبر المسجد الأقصى وما تريد عصبة صهيون طمسه فيه من معالم دينية،، إلى المسلمين في المهجر وما يلاقونه من تضييق عليهم في لباسهم وعبادتهم، وخاصة ما جرى مؤخرا في سيريلنكا في آسيا، وغيرها من الدول الأوروبية التي تتعمد ذلك من حين إلى آخر، وذلك بالسيناريوهات العقيمة المفتعلة التي تقوم بها ((داعش)) على حسب تعبيرهم، والتي هي مخلبهم الذي يبطشون به هنا وهناك حتى يمنحوا لأنفسهم الضوء الأخضر، للتضييق على المسلمين أكثر فأكثر، إلى أن نصل إلى تركستان الشرقية وما يلاقيه شعب الايغور المسلم للسنة الثالثة على التوالي من دولة الصين الشيوعية، التي تأبى إلا أن تفتن هاته الأقلية المسلمة في دينها وتعبدها لربها، وخاصة في الشهر الذي يسمو به الإنسان بروحه قبل جسده نحو خالقه.
يذكر مؤرخي التاريخ أن تركستان الشرقية هي جزء من تركستان التي ربما لم نسمع عنها الكثير، تقع في أواسط آسيا الوسطى وتحدها من الشمال جمهورية روسيا الاتحادية ومن الغرب الجمهوريات الإسلامية المستقلة عن الإتحاد السوفيتي السابق ومن الجنوب باكستان وكشمير والتبت ومن الشرق الصين الشعبية ومن الشمال الشرقي منغوليا الشعبية. و هي بذلك تتمتع بموقع إستراتيجي هام، ما يمثل مساحة وقائية من الأخطار الخارجية بالنسبة للصين..
دخل الإسلام هذه البلاد في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (86هـ – 705م)، وتم فتحها علي يد القائد الباسل قتيبة بن مسلم الباهلي عام 95 هـ، ومنذ ذلك الوقت صارت جزءاً من أرض الإسلام .
وقد استولى الصينيون على تركستان الشرقية سنة (1174 هـ = 1760م) بعد أن ضعف أمر المسلمين و قامت بينهم معارك دامية في عام 1759م ارتكبت خلالها القوات الصينية مذبحة جماعية قتل فيها مليون مسلم. ثم قامت الصين باحتلالها في عهد أسرة المانتشو عام 1760، ،وفرضوا سيطرتهم عليها حتى عام 1862 ، لكن الشعب التركستاني لم يستسلم و لم يخضع للجبروت الصيني و استمر في مقاومته للاحتلال، حتي أستطاع تحرير بلاده عام 1863 وأقاموا دولة مستقلة إسلامية تحت زعامة يعقوب بك بدولت الذي استمر حكمه 16 عاما.
وفي عام 1949م قام “ماوتسي تونج” (الزعيم الصيني الشيوعي) بفرض سيطرته على المنطقة كلها، و بمؤامرة روسية صينية مشتركة ، تم القضاء علي زعماء القومية الإيغورية والكازاخية في جمهورية تركستان الشرقية الوليدة ، حيث أيقن الروس أن هؤلاء المناضلين سيدعمون أشقاءهم في دول آسيا الوسطى المسلمة، في كفاحهم للتخلص من الشيوعية السوفيتية…
إن ما تمارسه الصين على مسلمي الإيغور من حصار وتضييق عليهم في دينهم بلغ حدا لا يوصف، فقد تم منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية كالصوم والصلاة، ودمروا لهم أكثر من ثمانية وعشرين ألف مسجد، كل ذلك يجري تحت سمع وبصر العالم الإسلامي، الذي تسوق فيه السلع الصينية ليل نهار، ولو فعل هذا العالم هذه الورقة الاقتصادية وحدها، لاستطاع أن يفرض على الصينيين الاعتراف بالحقوق الدينية لهذه الأقلية ، ولكان بذلك قد أدى لها ما لها عليه من حقوق النصرة والمؤازرة التي نص عليها القرآن في قوله تعالى: (( ان استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق، والله بما تعملون بصير)) الآية 72 من سورة الأنفال
إن عدم احتجاج العالم الإسلامي على اضطهاد الصينين لأقلية الإيغور، هو الذي دفع الصينيين إلى التمادي في اضطهادهم وتضيقهم على هذه الأقلية المسلمة، وما كانت الصين لتضحي بمصالحها الاقتصادية الكثيرة في المنطقة لو طلب منها العالم الإسلامي رفع يدها عن هذه الأقلية .
وإذن يقع على العالم الإسلامي دولا وشعوبا، أن يعلن رفضه الصريح لم تقوم به الصين اتجاه إخواننا الإيغور، ومطالبتها بالاعتراف لها بحقوقها الدينية على غرار المسلمين الآخرين من أصول أخرى في الصين، وأن عليها أن تتوقف عن الكيل بمكيالين، وأن لا تعامل أفرادها معاملة المحتلين، وإلا جاز لهم أن يعلنوا ثورتهم عليها ويحرروا أنفسهم بقوة السلاح…