أقلام القراء

الحراك والبعد الثقافي/ عبد القادر قلاتي

ما نمر به اليوم من أحداث مؤشر على عملية تحوّل حقيقي، قد لا يفضي إلى ما نطمح إليه من تغيير جذري في البنية الفكرية والسياسية في بلادنا، إلاّ أنّه حدث مهم في مسيرة التغيير نحو دخول مجال الدولة الحديثة والخروج من النّفق المظلم الذي أفرزته دولة ما بعد الاستقلال والتشوهات التي ألحقتها بمجمل حياتنا السياسية والثقافية، فإذا أردنا تغييرا حقيقياً فعلى النّخبة أن تتصدر المجال الثقافي، وأن تدفع المجتمع نحو التحول المبني على رؤية ثقافية عميقة، تتجسد في قراءات متعدد ومفتوحة على مجال واسع من الأفكار والمفاهيم التي أنتجتها حقول العلوم الاجتماعية والفلسفية في العالم، وفق رؤية أصيلة لا تتجاوز المعطى الثقافي والحضاري، بل تصنع القطيعة مع كلّ المقولات المنتهية معرفياً، وذلك بالاستفادة الواعية من مجمل حقول العلوم الاجتماعية، أما أن نبقى في إطار القراءات القائمة على المعلومات والحيثيات الآنية، والتي لا تنتهي أو تتوقف عند حد معين، بل تتسارع بحيث لا يمكننا مجرد التوقف للفهم والاستعاب، وهذا ما هو حاصل اليوم في وسائل الإعلام التي تعطي زخماً كبيراً من الأوهام أكثر من الحقائق الفعلية، ففلسفة الاعلام تقوم على البحث عن المعلومات مجردة عن سياقها التاريخي والثقافي، دون محاولة البحث عن أبعادها الفكرية.

إنّ الاعتماد على التصورات المغلوطة الآتية من الفضاء الإعلامي، قد تدفع بالحراك –لا قدر الله – نحو مسارات تبحث عنها الأطراف المشكلة والمحيطة بالعملية السياسية، ونقصد بها الدولة العميقة وتوابعها، والمشروع الاستعماري الغربي ممثلاً في فرنسا وتوابعها أيضا، ومن هنا فعملية تحييد الحراك عن السياق السياسي المجرد، والدفع به نحو فضاء ثقافي واسع الأطراف، هو من يضمن القراءة السليمة لمجريات الأحداث، والجامعات هي الحاضنة الحقيقة لصناعة هذا الفضاء، وذلك بفتح ورشات عمل مستمرة ودائمة لتوجيه الحراك وإخراجه من هذا النفق المظلم الذي صنعته العفوية والارتجال السياسي، والإعلامي المتهافت، هذا إذا كنا نريد بناء دولة حديثة قائمة على آليات سياسية حقيقة وفاعلة، أما أن يبقى الحراك يسير وفق هذه رؤية سياسية تغلب عليها العفوية والاتجال، فمآله الفشل وعودة الدولة العميقة، كما جرى في الكثير من الاقطار العربية التي سبقتنا إلى هذا المسار. والله المستعان

 

 

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com