الجزائر في حاجة إلى الإسلام أكثر من أي شيء آخر…/ محمد العلمي السائحي
إن الواحد منا ليعجب كل العجب مما يكنه بعضهم للإسلام من كراهية في هذا الوطن، كراهية تجاوزت كل الحدود، وخرجت عن كل ما هو معهود، كراهية فاقت كراهية الاحتلال الفرنسي الصليبي له، الذي كان يعتبره المسئول الأول عن إذكاء وتأجيج روح المقاومة له في قلوب الجزائريين، ابتداء بمقاومة الأمير عبد القادر بن محي الدين، وانتهاء بثورة التحرير المندلعة في غرة نوفمبر1954 .
مما يجعلهم يتحينون المناسبات، ويهتبلون الفرص، ليعبروا عن كراهيتهم تلك التي تعتمل في نفوسهم، ويبرزونها للناس في أبشع هيئة، وأقبح صورة، وهم أدرى من غيرهم، أن كراهيتهم تلك لا تضر الإسلام في شيء، وإن كانت تؤذي المسلمين، ولأنهم ساديّيون بطبعهم فهم يعمدون إلى بصق سمومهم تلك ليتلذذوا بما ينتاب المسلمين من آلام، جراء ما يتعرض له الإسلام في عقر داره، من تطاول عليه، من شرذمة من الناس، ما كان لأصحابها أن يتقلدوا المسئوليات، أو يشغلوا المناصب، في بلد حرره الإسلام في القديم من الاحتلال الروماني، وفي الحديث من الاحتلال الفرنسي.
وبهذا أصبح هذا الدين الذي عجزت فرنسا عن أن تنال منه في الماضي، ولم تستطع أن تحمل أبناءه وبناته على التخلي عنه، واعتناق النصرانية التي كانت تزينها لهم، وتريد لهم أن يعتنقوها، مقابل ما كانت تقترحه عليهم من امتيازات شتى، فكان ردهم أن ازدادوا تمسكا به، وحرصا عليه، وتسابقوا للدفاع عنه، والجهاد في سبيله، ولم يترددوا طرفة عين في التضحية بأموالهم وأنفسهم لأجله، يُحارب اليوم من طرف من ينتسبون له، ويحسبون عليه، وإن كان هذا السلوك اتجاه الإسلام يمكن توقعه ممن ثبت مناوأة أصولهم لكل ما لا يرضي فرنسا، فإنه يصعب تفهمه، ممن نتوقع منهم الانحياز إليه، والغيرة عليه بحكم تكوينهم العلمي، وانتمائهم الديني، ومنصبهم الوظيفي، باعتبار أن كل ذلك يملي عليهم الدفاع عنه، لا الهجوم عليه، وإلا كيف نفهم قولهم اعتبار مضامين منهاج التربية الإسلامية في التعليم الثانوي في تخريج التكفيريين، والمتعصبين، والمنغلقين، وهم بحكم تخصصهم العلمي الأكاديمي، يعرفون أكثر من غيرهم، أن الأمر على غير ما يقولون، وأن تلك دعاوى غربية تهدف إلى تحييد الإسلام، والقضاء على روح المقاومة فيه، ولذلك نادوا بالإسلام المعتدل، وهم يعنون به ذلك الإسلام الذي لا يحرك في أبنائه ساكنا، إذا ما استبيحت البلاد الإسلامية، أو تعرض أبناؤه هنا أو هناك، لضيم أو أذى…
وإن هذه الدعوى بالذات ترمي إلى منع أي تقارب واتحاد بين العرب والمسلمين، تقتضيه متطلبات الدفاع عن قضاياهم المركزية كقضية فلسطين، وتريد منا أن نغض الطرف عما فعلته المليشيات المسيحية في إفريقيا الوسطى بالمسلمين هناك.
وتريد منا أن نسكت عن قضية المسلمين الروهينغا في ماينمار، الذين قتل رجالهم، واغتصبت نساؤهم، وطردوا من ديارهم.
وتريد منا أن نتجاهل تماما ما تفعله الصين بإخواننا الإيغور، والتضييق عليهم في دينهم، وتحويل مقاطعتهم إلى سجن كبير، يتجرعون فيه الويلات ليل نهار.
وإني لأعجب كل العجب ممن يدعون العلم بالسياسة والتمرس بها، كيف يقبلون بخطة تقترح عليهم التخلي عن أسلحتهم، وأسباب بقائهم.
إن الإسلام بالنسبة للجزائر هو الضامن للوحدة الوطنية، وكل من يعارض الإسلام في الجزائر، إنما يعارض الوحدة الوطنية، وهل للجزائر بقاء بغير وحدتها الوطنية، إن الجزائر حقا بحاجة إلى الإسلام حاجة الواحد منا إلى الماء الذي يشربه، والهواء الذي يتنفسه…