أعلام

الشّيخ الأستاذ عبد القادر قريشي [ الأخلاق زينة وتاج ]/ ابراهيم بن ساسي

وُلد الشيخ عبد القادر بن محمد ناجي بن الحاج النعيمي قريشي في عائلة عريقة الحسب والنسب سنة 1929م

بدأ تعليمه ببلدة الرويسات في ورقلة والده الشيخ سي محمد ناجي إماماً وفقيهاً وعنه بدأ حفظ القرآن الكريم ليختمه على يد خالي معلم الأجيال الشيخ أحمد بن أحمد قريشي المعروف بسي الطالب أحميدة جالس شيوخا كثيرين.

رحل إلى تونس طالباً للعلم سنة 1946م بعد عودته من فرنسا توجّه إلى مصر سنة 1953 بحيث تحصّل على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية دار العلوم الشهيرة، ومع بزوغ شمس الثورة الجزائرية بأمر من قيادتها التحق بخلايا جيش التحرير الوطني في طرابلس الغرب بليبيا الشقيقة صحبة المجاهد رابح بيطاط رحمه الله مؤدياً واجبه الوطني هناك جامعاً بين العمل السياسي وطلب العلم إلى أواخر بعد الاستقلال.

عاد إلى القاهرة لينال شهادة الليسانس سنة 1964م.

في القاهرة تأتّى له مجالسة ولقاء أقطاب العلم والأدب والسّيّاسة وروّاد الحركة الإسلاميّة كالشّيخ البشير الإبراهيمي والشّيخ محمد الغزالي والدّكتور طه حسين وعبد القادر عودة والفرغلي وهواش رحمهم الله.

بعد عودته للجزائر عُين أستاذاً بثانوية ابن رجب بتلمسان وثانوية الفخار في المدية وفي ورقلة عُينَ أستاذاً بالمعهد التكنولوجي لتخريج المربين موسم 71/72.

تعددت وظائفه بعد ذلك من أستاذ إلى ناظر بثانوية علي ملاح فمدير لثانوية محـمد العيد آل خليفة بورقلة التي استقر بها إلى غاية تقاعده موسم 91/92 ليتفرغ بعد ذلك كلياً للدعوة العامة والإرشاد مدرساً وخطيباً في المسجد العتيق بالرويسات وحاضراً ومحاضراً في العديد من والمناسبات.

كما كانت له عضوية مميزة في المجلس الشعبي الولائي بورقلة، عرفت الشّيخ عبد القادر بن محمد ناجي قريشي أستاذا مشبّعا بالثّقافة ملمّا بالعربيّة لا يتحدّث بغير الفصحى إماما واعظا ناصحا يغتنم كلّ المناسبات لا يضيّع فرصها وكان للقيّم والأخلاق النّصيب الأوفر في حديثه وتوجيهاته كما كان صريحا جريئا لا يخشى في الله لومة لائم في حديثه مزاح هادف ونكتة بليغة وسرعة بداهة وذكاء خارق، لا يفتر عن المطالعة والسّفر والتّجوال داخل الجزائر وخارجها.

توفيّ رحمه الله يوم الأحد 03 يناير 1993م فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه، وكغيري من الأقران لزمته وتتبّعت دروسه منتصف سبعينيّات القرن العشرين، وممّا حفظته ووعيته قوله:[ يا أبنائي لا زينة لكم كالأخلاق فهي تاج علومكم وحياتكم وسبيل نجاحكم فاجعلوها درعكم ولباسكم الواقي وهل تقدّمت الأمم وسمت بغير الأخلاق، كم يستهويني ذلكم الشّاب التّقيّ النّقيّ الخلوق المدرك لرسالته في الحياة! يؤدّي الفرائض، ويحرص على الواجبات، مطيع لربّه، بارّ لوالديه،  ناجح في دراسته، متقن لعمله، ذاك هو الشّاب الّذي نرتضيه وتلك هي الفتاة الّتي نحرص على إيجادهما ليكونا نواة بناء لمجتمعاتنا العربيّة الإسلاميّة] لك الله يا أستاذنا! أي توفيق هذا الّذي حباك الله إياه وأنت تركّز في توجيهاتك وتوصيّاتك على موضوع الأخلاق وضرورة التّحلّي بها باعتبارها قارب نجاة حين تتلاطم أمواج الحياة العاتيّة، إذ ليس من منقذ سوى مكارم الأخلاق الّتي تحفظ البقاء والنّماء، وهو المقصد من بعثته صلّى الله عليه وسلّم إذ يقول:[إنّما بُعثت لأتمّــم مكارم الأخلاق] لأنّها ضمان لحياة الأمم والشّعوب، فقديما تعلّمنا قول الشّاعر الحكيم:

إنّما الأمـم الأخـلاق مـا بقيّـــت * فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبـــــوا

فلابدّ للسّالك من سمات تميّزه وتحفظ مقامه كصدق وصبر وصفاء سريرة وسلامة اعتقاد وفكر، ولله درّك يا شيخنا وأنت تأمر أساتذة ثانويّة محمد العيد آل خليفة بورقلة أن يفتتحوا دروسهم كلّ صباح بموعظة أخلاقيّة لتعتمده وزارة التّربيّة بُعيد ذلك حين برمجت حصّة بربع ساعة للأخلاق، لكنّها سرعان ما حُذفت في أوّل تعديل مسّ المناهج والبرامج وهو ما نطالب به اليوم المسؤولين عن إعداد المناهج في كلّ الأطوار محافظة على مستقبل أجيالنا الّتي تواجه سلسلة من القواصف والعواصف الّتي قد تأكل الأخضر واليابس ـــــ لا قدّر الله ـــــ  وصلّ اللّهمّ على سيّدنا رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com