كلمة حق

هل الأغنام آيلة إلى الإبادة؟/ أ.د. عمار طالبي

إن ما تتعرض له الأغنام من طاعون في بلادنا ينذر بالخطر على هذه الثروة الوطنية، ولحد اليوم ما يزال الغموض يحيط بنوع هذا المرض وأسبابه، وعلاجه.

إن تاريخ فلاحة الحيوان كما يسميه ابن العوام الأندلسي من تقاليد المسلمين، فقد تعرض في كتابه “الفلاحة” لأمراض الأشجار والحيوان وعلاجها بالتجربة المتاحة في ذلك الزمن، ولذلك استفاد منه الأسبان فترجموه وطبعوه مرتين في القرنين التاسع عشر والعشرين أيضا، وتولت ذلك وزارة الفلاحة بما رأت فيه من منافع مبنية على علم وتجربة كما ترجمه الفرنسيون أيضا.

وقد وقع الاتصال بوزارة الفلاحة من أجل هذا الكتاب عندما اتصل بها معالي الوزير الأستاذ سعيد شيبان، ولكن لم يكن لذلك أثر.

وقد اتصلت شخصيا منذ أيام بمعهد الفلاحة في هذا الشأن ورحب بذلك مديره -بارك الله فيه- ونرجو أن ننجز طبعه بعد تحقيقه وأن ننشره ليفيد منه الفلاحون والباحثون، نشاهد مناظر مفزعة من جثث الأغنام صريعة على الأرض، ومناشدة الفلاحين النجدة لوقف هذه الخسائر الفادحة للثروة الوطنية المهمة.

وسمعنا بعض المسؤولين يقولون إنهم قاموا بإجراءات لجلب الدواء بجرعات كافية آخر هذا الشهر.

ولكن لم نسمع عن طبيعة هذا الداء من خلال المخابر وأسبابه، ولعل استيراد الأعلاف من الخارج من أسباب ذلك، لأن هذه الظاهرة شملت عدة جهات من الوطن شرقا وغربا، وهو أمر غريب في هذا العموم.

فكيف يمكن استيراد الأدوية إن لم يعرف الداء وطبيعته؟

فالفلاح في حيرة من أمره، والمسؤولون لم يكونوا على استعداد علمي، والقيام بأبحاث متواصلة لحماية هذه الأغنام وغيرها، وهذا الفراغ من العناية بالوقاية مما يمكن أن يحصل من الأوبئة، والإسراع للقضاء عليه، أدى إلى مفاجأة هذا الطاعون المجهول على حسب علمنا ورأي بعض المتخصصين الذي استمعنا إليه وإلى شكواه من هذا الفراغ.

إن عدم العناية بتربية المواشي والبحوث العلمية المتواصلة لترقيتها ووقايتها، وإبعاد أسباب الأمراض بالقيام بالبحوث الضرورية من أجل ذلك يؤدي إلى هذا وأكثر.

تطورت طرق تربية المواشي في بلدان كثيرة، وتطورت الأبحاث، فأين نحن من هذه التطورات، وأين مدارس تكوين البياطرة والخبراء القادرين على حفظ ثرواتنا من الهلاك والضياع في وقت تقدم فيه البحث العلمي في هذا المجال كما نرى ذلك في بلدان متعددة انظروا إلى الدانمارك وثروتها العظمى من الأبقار وإنتاج الحليب وأنواع الأجبان الجيدة، وما تقوم به من الحفاظ على آلاف الأبقار وتنميتها.

وهذا أدى إلى أننا إلى اليوم لم نصل إلى الاكتفاء الذاتي من الحليب ونعتمد على غيرنا وأرضنا قارة.

كما أننا لم نحقق الكفاية في اللحوم الحمراء ولا الأسماك.

نعتقد أنه يجب الانتباه إلى هذا الشأن، وأن نرسم لأنفسنا استراتيجية تكفل لنا البحث العلمي، وتكوين الخبراء والباحثين الذين يهيئون الظروف والمخابر التي تؤدي باستمرار إلى الحفاظ على هذه الثروة وتنميتها، وترقية أجناسها لإنتاج أقصى ما يمكن من النسل جودة، وأقصى ما يمكن من الحليب واللحوم الحمراء والبيضاء، الأمر الذي يهيئ الغذاء الجيد للشعب، والوقاية من الأمراض التي أخذت تنتشر من سوء الأغذية وفسادها.

إن الحفاظ على أصالة البذور في القمح وغيره، أمر مهم حتى لا نصبح عالة على غيرنا في استيراد البذور التي تتناسل، ليبقى الناس عالة على المنتجين لها.

إننا كنا نمون الإمبراطورية الرومانية بالحبوب وغيرها فلماذا نصبح اليوم في هذا الوضع المتخلف المزري.

نبقى ننتظر ما يفاجئنا من الأمراض والحيرة في أمرنا فلا ندري ماذا نفعل، والموت يحيط بمواشينا في كل منطقة من بلادنا، فمتى نتنبه للخطر؟

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com