الإيـــــــمـــــان/ أمال السائحي
يقول العلماء في تعريف الإيمان ودوره الفعال والمؤثر في حياة الإنسان:” الإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، فالإيمان بوجود الله تعالى ووجود الله تعالى قد دل عليه العقل والفطرة، فضلاً عن الأدلة الشرعية الكثيرة التي تدل على ذلك، ومن دلالة الفطرة على وجوده: إن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)[رواه البخاري 1358. ومسلم 2658]. ومن دلالة العقل على وجود الله تعالى؛ أن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجِدَ نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة .
فالإيمان بالله في ربوبيته وألوهيته وصفاته وأسمائه له الدور الفعال في تقييم السلوك الإنساني، فكل حركة أو سكون تكون فيها المراقبة الذاتية للخالق تبارك وتعالى، ولنضرب مثالا لذلك: فالمرأة بحكم موقعها في المجتمع كربة بيت، أو على مستوى عملها، أو على مستوى أسرتها الكبيرة أو الصغيرة، تجعل من عالمها بستانا أو قبوا، والرجل المهندس في موقعه ومراقبته لعمله في كل صغيرة وكبيرة، والمُعلِّم في مدرسته الذي يربي لنا جيل المستقبل والذي نطمح أن يكون هذا الجيل عضدا قوية لوطنه الكبير، ولوطنه الصغير، والطبيب في مشفاه الذي يزرع البسمة من جديد على كل محيا، والعامل والزارع والصانع وغيرهم، لو أن هؤلاء جميعاً عاشوا في ظل مراقبة الله سبحانه، لأدَّى كلُّ واحد منهم دورَه المنوط به في الحياة على أكمل وجه، ليس لأنه مكلف به ومطلوب منه، وإنما لأنَّ الله تعالى يراه، ولأنه يؤمن بأنَّ الله سبحانه يراه، ويجازيه الجزاء الأوفى على ما يقوم به، ليس لوجه فلان أو علان، ولكن لأجل الخالق الديان، الذي يحاسبه على كل صغيرة وكبيرة.
وإذا تطرقنا إلى باب معاملة الخلق فيما بين بعضهم بعضا، نجد أن الإيمان يجعل الفرد المتحلي به، ينبثق منه جميل السلوك والأخلاق، التي ترتد على الفرد ومجتمعه بالخير والبركة، بحيث يجعل ذلك السلوك الطيب في التعامل في باب الأمانة، وباب الكلمة الطيبة، وباب قضاء حوائج، وباب نقاء النفس من النفاق، وغيرها من أمراض القلوب، فيتوج بالصادق، أو الفاضل، أو الكريم.
والعكس بالعكس إذا تجرد الإنسان من الإيمان قَبُح سلوكه، وانحطت أخلاقه، وتداعت إليه كل الرذائل من نفاق، وتجريح، وسوء تأويل وهكذا تباعا.
خلاصة القول: إن الإيمان هو الأصل فيما نصادفه في الحياة من جمال وكمال، وهو الذي يرفع به الله رجالا ونساء إلى مصاف الصالحين من الأخيار والأبرار…