شيء عن أملاك الجمعية وقوانيها …تحسيس أولي/ حسن خليفة
كانت وقائع المؤتمر الخامس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، في عمومها، إيجابية وموحية بإمكان الانتقال إلى مرحلة جديدة كليا في مجال العمل للتمكين للدين ولمباديء الهُوية والوطنية، وإعادة بناء سُلم القيم في مجتمعنا الذي تزداد رُقعة “التفسخ “فيه اتساعا وامتدادا، ولا حول ولاحوة إلا بالله ؛
وحيث إنه لا مجال للحديث عن الأهداف والنتائج إلا من خلال استعراض الوسائل وامتلاكها ،فقد أحببتُ الحديث في هذه المناسبة عن مجال هام من مجالات العمل الذي تشتغل عليه الجمعية منذ انبعاثها الجديد قبل أكثر من عقدين …وهو مجال “ممتلكات الجمعية” .
وإذا كان من الواجب تقديم رؤية واضحة مستقبلية محددة المعالم ، شاملة لكل المجالات والميادين التي تعمل فيها الجمعية :فكرية، دينية، علمية،تربوية ، ثقافيةالخ ،وهو ما تشتغل عليه مختلف لجان المكتب الوطني،وتقدم فيها تقاريرها وبرامجها بين وقت وآخر، فإن المجال القانوني وخاصة ما يتعلق منه بأملاك الجمعية هوأمر جدير بالطرح والاستيعاب ، والسعي ـ بعد ذلك ـ لتحقيق الأهداف المرسومة له، وأقلها استعادة الجمعية لجميع أوقافها وأملاكها التي هي حقّ أصيل لها، بحكم الشرع، والقانون، ومقتضى العمل النافع الكبير الذي تقدمه للمجتمع، فضلا عن مقتضيات أخرى قد يأتي ذكرها.
*****
ولعله من المفيد أن نجعل مطلع هذه السطور تذكيرا بما يجب الالتزام به في هذا الملف المهم
ـأولا: إن أمر استعادة أوقاف وأملاك الجمعية هو أمر يخص كل عضو في الجمعية ، في أي شعبة كانت ، وفي أي موقع عمل كان، ويقتضي هذا أن يكون الاهتمام والحرص من الجميع؛ لأن هذا الإرث المضيء القيّم إرث مشترك للجميع ، ومن ثم وجب أن يكون الشعور عاما لدى الجميع ، وأن يكون الاجتهاد كاملا في هذا الأمر ، وفق ما سيتضح بعد حين من عمل وإجراءات
ثانيا: من المهم جدا أن يُدار ملف استرجاع أملاك الجمعية بشكل مختلف ، وأن تكون له الأولوية في المرحلة الحاضرة(السنوات القليلة القادمة) ؛من حيث وجوب إعادة تفعيل السعي ـ في كل الاتجاهات ـ لإيجاد الحلول والمخارج لهذا الإشكال الذي استطال وامتد في الزمن ،دون أن يحقق السعي أي هدف ، يتيح إعادة الحقوق إلى أصحابها ..عاجلا غير آجل .
ثالثا: من الواضح لكل ذي بصر صافي القلب والضمير أن الجمعية تؤدي أدوارا مهمّة للغاية في المجتمع، وهي ـ مع أخواتها من الجمعيات العاملة النافعة ـ جبهة متقدمة متينة تقاوم مختلف الأدواء الاجتماعية والنفسية، وتصدّ أعاصير الانحراف المدمّرة التي تجرّ المجتمعات إلى الهاوية، وأقلّ ما يمكن أن يُقدّم لها في هذا المجال ـ من الدولة ومن المجتمع ـ هو الدعم الحقيقي ماديا ومعنويا؛ لأنها تعمل بشكل تطوّعي خيري ، فكيف يستقيم أن تُحرم من ممتلكاتها ويُغضّ الطرف عن ملف كهذا مع العلم أنه مكسب يعينها على أداء أفضل وأقوى في أعمالها المختلفة.؟
وعلى كل حال :إن وضع أملاك الجمعية وضع حرج وينبغي أن يجد الاهتمام بالبحث عن حلول واقعية مرضية لله تعالى أولا ، ثم لكل الأطراف، فهي في النهاية لا بد أن نعمل معا وفي انسجام لخدمة المجتمع .
وكصيغ عملية يمكن الاستئناس بهذه المقترحات في إطارإعادة ملف أملاك الجمعية إلى السكة :
- أهم ما ينبغي العمل عليه ، وهو ميسور وممكن التطبيق:إعداد سجلّ وطني عام لجرد ممتلكات الجمعية، وإحصائها، وتصنيفها ،على مستوى مختلف الأقاليم (الولايات ـ البلديات…ـ…) .
- في إطار التصنيف يمكن الإشارة إلى أن أملاك الجمعية تتنوع :
أـ ممتلكات ثابتة بسند رسمي يثبت ملكيّتها ، وهذا النوع ينقسم إلى : ممتلكات شاغرة ،وهذه يتم وضع اليد عليها مباشرة. وغير شاغرة، وهذه تجب المباشرة بالإجراءات القانونية للمطالبة بإخلاء العقار وتسليمه لصاحب الحق(الجمعية).
ب ـ ممتلكات غير ثابتة بعقد رسمي(سند قانوني) وهنا تتفرع الأمور إلى عدد من الإجراءات تستوجب القيام بأعمال واجتهادات وجهود وتنسيق مع رجال القانون من محامين وموثقين لتوضيح مايجب القيام به،وهو ما ينبغي العمل عليه ـ في الشهور القادمة ـ بالتعاون بين المكتب الوطني والشعب الولائية والكوادرالتي لديها اهتمام وثقافة قانونية ذات الصلة بالموضوع ، طبعا مع السعي المحمود لدى الأطراف المعنية لحلّ هذا الإشكال .
- من المهمّ التذكير ـ مرة أخرى ـ بأن الشعب الولائية مطالبة بإرسال ما عندها في شكل ملفات دقيقة محددة عن كل ما له علاقة بهذا الموضوع(أملاك الجمعية)..، على أن تتضمن تلك المراسلات: تقارير مفصّلة عن أملاك الجمعية في الجهة ، مع العقود الرسمية (السندات القانونية) ـ أوشهادات شهود بأن تلك الأملاك (عقارات) تعود ـ بالفعل ـ إلى الجمعية . كل تفصيل في هذه المسألة مهم ؛ لأنه يساعد على ضبط تلك الممتلكات ويعين على تصنيفها لاعتماد ما يجب بشأنها .
- من المهم للغاية الاستمرار في نشر ثقافة الوعي بالتبرّع للجمعية خاصة فيما يتصل بالعقارات لحاجة الجمعية إلى فضاءات عمل ؛ خاصة في المجال التربوي العلمي التعليمي ،على أن يكون التنسيق كاملا مع المكتب الوطني لتوثيق تلك الهبات وبيان طبيعة عملها بشكل قانوني واضح .ونعلم أن المتعاطفين مع الجمعية ومحبيها كثر،وأن شعبنا لديه كرم وفضل في هذا المجال فيحسُن إدارة هذا الموضوع بما يحقق المبتغى ـ بعد رضوان الله تعالى ـ وهو تحقيق الأهداف العامة للجمعية وهي أن تكون جمعية عاملة عالمة لها دور في المجتمع المدني الجزائري إشعاعا وتنويرا وتوجيها وتربية .
- يحسن التنبيه لكل من يهمّه الأمر أن المادة الأولى من القانون الأساسي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين يشير في تسمية وتعريف الجمعية بالقول:” هي جمعية إسلامية تربوية ثقافية، علمية، وطنية، تأسست في 17 ذي الحجة 1349 موافق 5ماي 1931 ،وهي تواصل نشاطها طبقا لمبادئها الأصيلة ووفقا لقانون الجمعيات 90-31 المؤرخ في 17 جمادى الأولى 1411 موافق لـ 4 ديسمبر 1990 ..” .
وذلك يعني : أن الجمعية الحالية امتداد شرعي طبيعي للجمعية التاريخية، وهي تواصل دورها وعملها بنفس المنهج البصير الذي تحكمه مباديء الشرع وقوانين البلاد ، والمتذرّعون بأن الحالية ليست السابقة لا سند لهم فيما يدّعونه.
- من المفيد أن يًستفاد من رجال القانون والحقوق والمشرّعون ليمتد اهتمام الجمعية إلى تراثها الكبير وأدبياتها وفكرها ..ولا بد ّ لذلك من مخارج أيضا حتى تستفيد الجمعية وتفيد ..وللحديث بقية.