الباحث الشاب محمد الأمين بن عائشة لـ “البصائر” …/ مؤانسة: حسن خليفة
الباحث الجزائري الشاب محمد الأمين بن عائشة مثال للشباب الجزائري الطموح الذي اجتهد في إثبات ذاته، وتدرّج في مساره العلمي والعملي حتى حقق جزءا من أمنياته..وهو اليوم باحث في أحد المراكز البحثية المهمة..يسرّنا ـ في البصائر ـ أن نقدم هذه المؤانسة معه تشجيعا وتقديرا لشبابنا، في مختلف الاختصاصات والميادين..ونرحب بكل باحث (ة) جاد تعريفا وتنويها وتقديما وتعاونا، فالجمعية لجميع أبناء وبنات الوطن.
ـ كيف تجد نفسك كباحث ومهتم ودارس ومدرس في الجامعات الإسبانية والأوروبية؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله في البداية أشكرك على هذه الفرصة التي تسمح لي بالتكلم عن الجانب العلمي والأكاديمي.
عندما تدرس وتعمل في بلد آخر غير بلدك، سوف تكتسب حتماً تجارب وخبرات واسعة، الدراسة في الخارج تقدم لك فرصة التعليم المميز والنوعي الغني بالخبرات الأكاديمية والعلمية، وتساعدك بالاحتكاك بمختصين وخبراء، وتتيح لك الفرصة لتوسيع معارفك وتطوير لغاتك الأجنبية وتتيح لك فرص الإنتاج العلمي والبحث الأكاديمي المتخصص.
ـ كباحث شاب تتطلع إلى تحقيق الإنجازات العلمية والعملية..كيف تنظرـ بصراحةـ إلى آلاف الشباب الجزائري، من الجنسين ممن درسوا واجتهدوا.. ولكن لم يحققوا مطامحهم حتى الآن؟
مما لاشك أن الجزائر لديها ثروة بشرية هائلة، فعدد الجامعيين في الجزائر هو حوالي 2 مليون طالب جامعي، لكن من المؤسف والمحزن أن نجد شبابا متحصلين على شهادة عليا مثل شهادة دكتوراه لكنهم بدون عمل، هل يعقل أن يكون هناك دكاترة بطالون وعددهم حوالي 20 ألف دكتور بدون عمل في الجزائر في مختلف التخصصات.
الشباب الجزائري لديه قدرات إبداعية ولديه أفكار بنّاءة لكن المشكل في التطبيق وفي العمل ليس هناك وسائل وليس هناك تنسيق بين الوزارات الوصية هناك فجوة كبيرة بين سوق العمل وسوق التوظيف وبين عدد المتخرجين من الجامعات.
يحزنني أن أرى النخبة المثقفة من الشباب في الجزائر تائهين بين شهادتهم وبين سياسة تجفيف العقول، لكن أنصح الشباب بعدم الاستسلام والبحث عن الفرص داخل وخارج الوطن، وأنصح الشباب بالعلم والتعلم مهما كانت الظروف، يقول الشافعي:
”العلم مغرس كل فخر فافتخر… واحذر يفوتك فخر ذاك المغرس
فلعل يوماً إن حضرت مجلسا … كنت الرئيس وفخر ذاك المجلس”
ـ درست في الجامعة الجزائرية ابتداء..ثم انتقلت إلى جامعات أخرى ..هل يمكن أن نعرف منك الفروق بين الجامعتين الجزائرية وغيرها؟
بعد حصولي على شهادة البكالوريا التحقت بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تحصلت على شهادة ليسانس تخصص علاقات دولية، ثم أكملت دراسة الماجيستر في تخصص دراسات إقليمية، كما تحصلت على شهادة ماستر من المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم الإعلام، ثم بعدها تحصلت على شهادة دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية وأنا في سن 29 سنة، الحمد لله، ثم قمت بالتسجيل للحصول على شهادة ماستر في جامعة غرناطة.
بالنسبة للفرق بين الجامعات الجزائرية والجامعات الأوروبية هو فرق شاسع لا مجال للمقارنة والدليل على أن الجامعات الجزائرية غير مصنفة تماما في التصنيف العالمي للجامعات، الفرق هو في البنى التحتية ومستوى التعليم وطرق التدريس وفي التكوين المستمر والمتواصل للأساتذة والطلبة وفي وجود عدد كبير من التخصصات فمثلا في العلاقات الدولية يوجد أكثر من 23 تخصصا مما يساعدك على دراسة مجالك بشكل معمق ودقيق، بالإضافة إلى وجود مكتبات علمية وخدمات علمية تشجع الطالب والأستاذ على البحث والتعلم، ففي الجامعات الأوروبية الأستاذ مطالب بإنتاج على الأقل كتاب واحد سنويا سواء بصفة فردية أو في إطار جماعي، بالإضافة إلى تحرير بحوث ومقالات دورية، كما أن الفرق يكمن في اهتمام السلطات بالبحث العلمي وتخصيص ميزانيات ضخمة لضمان توفير المناخ الملائم للطلبة والأساتذة.
عدة أسباب وعوامل ساعدت في تأخر الجامعة الجزائرية أبرزها الإصرار على اعتماد اللغة الفرنسية في التعليم التقني والأبحاث المنشورة بهذه اللغة التي لم تعد كافية ومواتية لتطوير البحث العلمي، إضافةً إلى عدة أسباب تتعلق بالتسيير والتنظيم والإرادة السياسية.
ـ تناولت في بعض أبحاثك الديبلوماسية الجزائرية..في ضوء معارفك وصلتك بموضوع الديبلوماسية..كيف تقيم كباحث أساسا أداء الديبلوماسية الجزائرية؛ خاصة في الساحل؟
واجهت الجزائر معادلة أمنية صعبة في كيفية التوفيق بين واجب التنسيق الأمني مع دول الجوار والالتزام بعقيدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، سواء كان ذلك على الصعيد السياسي أو العمل العسكري المباشر، مما جعل الجزائر تسعى لإيجاد حل توافقي ونهائي للأزمة في مالي وهو الأمر الذي جعل الدبلوماسية الجزائرية مضطرة لمراجعة مذهبها الدبلوماسي وإدخال بعض التغييرات في طرق التعامل مع الأخطار والأزمات والفواعل الجديدة في منطقة الساحل ومحاولة إيجاد موقع ومكانة جديدة للجزائر في المنطقة مع الحفاظ على مبادئها الدبلوماسية الأساسية.
فكل هذا التزاحم الدولي في المنطقة والتقارير التي تشير إلى أن منطقة الساحل هي “أفغانستان ثانية” تبين بوضوح تزايد أهمية منطقة الساحل وتأثيرها المباشر على الأمن القومي الجزائري خصوصا مع تنامي المخاطر القادمة من هذه المنطقة وتأثيراتها على الأمن القومي للجزائر خصوصا بعد تفاقم مشكلة الطوارق الذي خلف وراءه هجرة مكثفة للاجئين من مالي والنيجر رغم محاولات الوساطة الجزائرية.
هذه المعطيات دفعت الجزائر للعمل في محاولة لتغطية الانكشاف والهشاشة الأمنية في الجنوب خصوصا مع تنامي تهريب الأسلحة والنسيج الملّغم القادم من مالي والقابل للانفجار في أي وقت وما سينتج عنه من نتائج وخيمة على الأمن القومي الجزائري خصوصا مشكلة الطوارق، الذين يمثلون أحد مكونات المجتمع الجزائري والمنتشرين بصفة كثيرة في كل من الهقار، جانت، تمنراست وأدرار وبالتالي فإن أي إثارة أو خطأ ضد الطوارق المنتشرين عبر الصحراء الكبرى ومناطق الساحل الإفريقي من شأنه أن يثير ويحرّض طوارق الجزائر خصوصا وأن أقليات الطوارق تجمعهم علاقات وطيدة تتنوع بين التجارة والمصاهرة وهو ما يعود بتداعيات سلبية على الأمن في المنطقة عموما وعلى الجزائر خصوصا.
اهتمام الجزائر بما يجري في منطقة الساحل راجع لكون هذه الأخيرة أصبحت تشكل مجالا لاستقطاب قوى خارجية ومجالا لعمل قوى إقليمية وذلك نظرا لما تتميز به هذه المنطقة من ثروات فوق وتحت الأرض، وهو ما يؤكد فرضية الدراسة، لذا كان لزاما على الجزائر أن تعمل من أجل إيجاد حلول في هذه المنطقة تفاديا لأي تهديد للأمن القومي الجزائري.
الساحل الإفريقي من بين أكثر المناطق في العالم التي تشهد حالة من الانهيار والانفلات الأمني أو حالة ألا أمن وما يخلفه من أثار سلبية على سكان المنطقة حيث أصبحت المنطقة المصدر الأساسي لكثير من المشاكل التي ترتبط في الغالب بعدم توفر أدنى مستويات الحياة للأفراد بالإضافة إلى غياب مفهوم الدولة وحالة الهشاشة والانكشاف الأمني والاقتصادي وخصوصا الاجتماعي الذي غالبا ما ينتج عنه أزمة هوية التي ينتج عنها تفكك المجتمع وبالتالي الدولة، مما يؤدي إلى ظهور الدولة الفاشلة أمنيا ومجتمعيا.
كما أن رهان الجزائر هو في تأمين حدودها، فالجزائر في مأزق أمني حدودي خطير فكل المجال الجغرافي مهدد من تونس إلى المغرب خصوصا بعد سقوط نظام معمر القذافي الذي كان بمثابة مركز متقدم لحماية الجزائر برفضه لتواجد قواعد عسكرية أجنبية في ليبيا ولكن بعد سقوط القذافي انتهى هذا الغطاء وأصبحت المنطقة وكرا للقاعدة ومصدرا لتجارة الأسلحة وممرا لمهربي المخدرات اللينة والصلبة.
سياسة الجزائر في مجال الأمن في منطقة الساحل يشوبها العديد من النقائص، حيث أن العلاقات الجزائرية- الساحلية تتميز بالتقطع وعدم الاستمرارية، وهذا راجع إلى غياب الجزائر المتكرر عن أحداث المنطقة إلا في حالة الخطر الحقيقي مثل أزمة مالي، وهو ما يفسح المجال لدول أخرى ( المغرب، فرنسا والولايات المتحدة الأميركية) بنسج علاقات مع فواعل في المنطقة تكون أغلبها ذات مشاريع معاكسة ولا تخدم المصالح الجزائرية.
الجزائر لم تستخدم كافة إمكاناتها الاقتصادية في علاقاتها مع دول المنطقة، وهذا الضعف في التعاون الاقتصادي يرجع إلى عدم اهتمام الجزائر بالمنطقة الساحلية على غرار اهتمام الجزائر الموّجه دائما نحو الشمال، وعدم اهتمام الجزائر بالمنطقة يفسح المجال أمام المشاريع الأجنبية في المنطقة مما يؤدي إلى مزيد من التهميش للأجندة الجزائرية في المنطقة، خصوصا وأن المنطقة مرشحة لظهور المزيد من الأزمات واستقطاب نشاط الجماعات الإرهابية المختلفة.
في المجال الثقافي والديني لم تستغل الجزائر كما يجب الروابط والعوامل التي تربط شعوب المنطقة على غرار عامل الدين واللغة وكذا استخدام الزوايا (التيجانية خصوصا بحكم انتشارها في المنطقة)، حيث بإمكان الجزائر لعب ورقة العامل الديني من خلال استقبال الطلبة والأئمة لتكوينيهم في هذا المجال، حيث أن زوايا أدرار كانت في القديم وجهة طلاب العلم من سكان منطقة الساحل الصحراوية.
ـ لـِمَ تبدو الجزائر غير ذات تأثير في محيطها الإقليمي: مالي، ليبيا، الخ ..؟
واجهت الجزائر معادلة أمنية صعبة في كيفية التوفيق بين واجب التنسيق الأمني مع دول الجوار والالتزام بعقيدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، سواء كان ذلك على الصعيد السياسي أو العمل العسكري المباشر، مما جعل الجزائر تسعى لإيجاد حل توافقي ونهائي للأزمة في مالي وهو الأمر الذي جعل الدبلوماسية الجزائرية مضطرة لمراجعة مذهبها الدبلوماسي وإدخال بعض التغييرات في طرق التعامل مع الأخطار والأزمات والفواعل الجديدة في منطقة الساحل ومحاولة إيجاد موقع ومكانة جديدة للجزائر في المنطقة مع الحفاظ على مبادئها الدبلوماسية الأساسية، لكن للأسف دبلوماسية الجزائر تجاه الأزمة الليبية كانت دبلوماسية فاشلة على عكس دور الدبلوماسية الجزائرية في أزمة مالي التي ساهمت في وضع حل سلمي للأزمة.
باختصار يمكن القول أن سياسة الجزائر الخارجية ممثلة في جهازها الدبلوماسي تدور ضمن نظرية التبعية التي تجعل من الجزائر فاعل تابع متأثر وليس فاعل مستقل مؤثر، بمعنى سياسة الجزائر الخارجية تعتمد على سياسة رد الفعل وفقط وليس المبادرة والتحكم، لأن مسار عمل الدبلوماسية الجزائرية مرتبط بمتطلبات وأجندات الدول الكبرى خصوصا في منطقة الساحل.
ـ هل يمكن الحديث عن جيل من الديبلوماسيين الجزائريين الشباب الذين تكونوا بشكل جيد لكن لم تتح لهم الظروف والبيئة البيروقراطية البروز لحل المشكلات وترك البصمة الجزائرية في النزاعات المختلفة؟
نعم من الممكن الحديث عن جيل من الدبلوماسيين الشباب في الجزائر ولنا في ثورة التحرير أحسن مثال على قوة وشجاعة وحنكة الشباب الجزائري في التفاوض وفي تدويل القضية الجزائرية، كما قلنا سابقا الشباب الجزائري لديه قدرات وكفاءات في مختلف الميادين وليس فقط في الدبلوماسية، لكن للأسف في ظل غياب مراكز البحوث والدراسات وأزمة البطالة والصعوبات البيروقراطية وتدهور المستوى التعليمي في الجزائر صعب جدا في إتاحة الفرصة للشباب، على الشباب الجزائري أن لا يمل ولا يكره وعليه بمواجهة كل الضغوطات والعقبات التي تواجهه لتحقيق طموحاته.
ـ اشرح لنا بشيء من التفصيل ما تضمنه كتابك عن الديبلوماسية الجزائرية في الساحل..المسار والأداء والنتائج..حتى الآن؟
مع انتشار ظاهرة – “الارهاب” في 2007 ومع بروز القاعدة في المغرب وشمال إفريقيا أدى إلى إنشاء تصور مشترك بريادة جزائرية في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية لمواجهة الظاهرة “الإرهابية” وذلك بتنصيب قيادة عسكرية مشتركة تتولى التنسيق الأمني والاستخباراتي والعسكري بين الأجهزة المكلفة بمقاومة “الإرهاب” وملاحقة عناصر “القاعدة” في المنطقة، والذين حوّلوا نشاطهم بشكل لافت نحو الصحارى الشاسعة مقتربين من السواحل الغربية لإفريقيا للتزود بالأسلحة عبر المحيط ودمج أنشطتهم بأنشطة مهربي المخدرات لتوفير الأموال، فضلا عن عمليات خطف الرهائن والحصول على الفدية.
كل هذا أجبر الجزائر على التدخل والمعالجة الإستباقية لمختلف التهديدات الإقليمية وكانت هذه المعالجة قائمة على:
- التحرك الدبلوماسي المكثف لتسوية الأزمات ومعالجتها وهذا مرتبط بالمصلحة الأمنية للجزائر ومحاولة تجنب الوقوع في اضطرابات أمنية خصوصا على الحدود.
- التركيز على الحل السياسي والسلمي والبرامج التنموية للتخلص من مسببات التوتر والأزمة في مالي واستبعاد الحل العسكري.
- توسيع دائرة الحوار والتشاور والتنسيق مع المنظمات الدولية والاعتماد على الوساطة لحل النزاع.
عرف النشاط الدبلوماسي في الجزائر منذ أزمة مالي 2012، نشاطات مكثّفة بسبب التحولات الإقليمية والجهوية التي تعرفها مناطق الجوار، مما دفع إلى مسايرتها والتفكير في الأساليب الملائمة للتعاطي معها، وكثيرا ما حظيت مقاربات الجزائر في هذا المجال بالتقدير والاحترام، رغم الانتقادات التي يوجهها لها البعض بسبب اِلتزامها الصمت إزاء بعض القضايا، في الوقت الذي أكدت فيه الجزائر على تمسكها بدبلوماسية الأفعال وليس دبلوماسية التصريحات.
وقد نجحت هذه الدبلوماسية في الكثير من المناسبات، في تمرير الرؤى الخاصة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وكافة الآفات المتعلقة بالشق الأمني مباشرة.
ولعل أكثر ما ميز حركية الدبلوماسية الجزائرية هو التطورات الخطيرة التي تشهدها مشارف الحدود الجنوبية للبلاد، بسبب الأزمة في شمال مالي، وذلك في أعقد قضية عرفتها المنطقة بسبب التداعيات الخطيرة التي قد تنعكس لا محالة على كافة مناطق الساحل، وقد ركزت الجزائر كثيرا على إيجاد حل سلمي لهذه الأزمة وتفادي التدخل العسكري الذي ستكون نتائجه وخيمة على المديين القريب والبعيد.
حرصت الجزائر على إبعاد الخيار العسكري في التعاطي مع هذه الأزمة، في الوقت الذي يحظى فيه بإجماع من قبل بعض الدول الإفريقية والقوى الكبرى، فإن الدبلوماسية الجزائرية لم تفقد الأمل من أجل التوصل إلى إيجاد تسوية سلمية، رغم مصادقة مجلس الأمن على لائحة تجيز التدخل العسكري بشروط، انتهى بتدخل عسكري فرنسي.
ورغم هذه التطورات، إلا أن الدبلوماسية الجزائرية لم تتوان في الدعوة إلى تكثيف الجهود ودعوة دول الساحل والشريكة لها من أجل التصدي لظاهرة الإرهاب، من خلال التذكير والتحسيس بأهمية تجريم دفع الفدية، بعد خوضها لمعركة دبلوماسية تكللت بموافقة أممية، على اعتبار أن الأموال المتأتية من الفدية تشكل أحد أبرز مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، سواء في الساحل الإفريقي أو في الصومال أو أي منطقة تشهد نشاطا للجماعات الإرهابية.
وبالإضافة إلى ذلك، تلعب الجزائر دور المنسق والفاعل الإقليمي المحوري لمنطقة الساحل والصحراء في مواجهة تحدي مكافحة القاعدة في منطقة الساحل والصحراء، بعد أن أثبت داخليا نجاعته في ذلك، بفضل تبني خيار المصالحة الوطنية من جهة، وقدرات الجيش الوطني الشعبي، والأسلاك المشتركة الذين أظهروا قدرة كبيرة على مواجهة الجماعات الإرهابية، في ظل توفير الدولة لأحدث التقنيات المستعملة الدولية، حيث لعبت الجزائر فيها دورا محوريا في تبني سياسة رفض أي تدخل أجنبي، خاصة ما تعلق بالقواعد العسكرية.
وحسب رأينا فإن كل هذه العوامل تساهم بدرجة كبيرة في تقيّيم وتحديد مستقبل المقاربة الجزائرية تجاه أزمة مالي ومنطقة الساحل ككل والذي يحتمل نقطتين رئيسيتين:
- السناريو الأول: وهو استمرار الوضع القائم للمقاربة الدبلوماسية الجزائرية تجاه الساحل الإفريقي بمعنى الاهتمام بالمنطقة فقط في حالة وجود أزمات.
- السيناريو الثاني: وهو تزايد اهتمام الجزائر بالساحل الإفريقي على خلفية المنحى التصاعدي للأزمات والتهديدات القادمة من المنطقة.
في ضوء الحراك الكبير في مجتمعنا الجزائري، وفي خلفية ما تعيشه في أوروبا من حراك على أكثر من صعيد..كيف يبدو لك المجتمع الجزائري؟
ـ وما هي الآفاق في تقديرك؟
في ظل غياب إستراتجية واضحة الملامح ومحددة الأهداف والتوقيت في التجارة أو في الزراعة أو في جباية الرسوم الجمركية والضرائب، أو وضوح في تنظيم وممارسة السياسة النقدية والقروض من طرف البنوك؟ أو في تنظيم الصناعة ووضع أهداف واضحة لها لامتصاص البطالة ولتلبية حاجيات السوق الوطنية وتقليص التبعية الخارجية؟ لقد طلقنا التخطيط الاقتصادي والتصنيع المنتج ولم نضع بديلا يحدد معالم الطريق ونهايتها حتى الآن.
المجتمع الجزائري بقي متماسكا بالرغم من الاهتزازات والصعوبات التي عاشها، لكن يجب إحداث التغيير على كثير من القطاعات وخصوصا القطاع الاقتصادي والخدماتي والتخلص من البيروقراطية التي حطمت كل خطط التنمية والاستثمار، كما يجب التمسك بعقيدتنا الإسلامية وديننا الحنيف وسنة النبي عليه الصلاة والسلام فالحل يمكن في تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع تعاملاتنا ومشاريعنا.
محمد الأمين بن عائشة من مواليد: 31 جويلية 1988،تحصّل في سنة 2017 على شهادة دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات دولية من جامعة الجزائر3، بدرجة مشرٍف جدا، ومتحصل على ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة الجزائر3، ومتحصل على ماستر في علوم الاعلام والاتصال من المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم الإعلام، ومتحصل على شهادة ماستر في الدبلوماسية والتفاوض من جامعة غرناطة ومتحصّل على شهادة ليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة الجزائر،
وهو باحث أكاديمي في جامعة غرناطة ومتعاون مع عدد من مخابر البحوث والدراسات العلمية، وله كتاب حول الدبلوماسية الجزائرية في الساحل الإفريقي.
يحسن الكاتب خمس لغات ( العربية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية والروسية)، كما أن المؤلف هو كاتب وصحفي متعاون مع مجموعة من الجرائد الجزائرية ولديه العديد من المقالات المنشورة في الصحافة المكتوبة في الجزائر وخارج الجزائر، بالإضافة إلى عدد من المقالات والدراسات العلمية والأكاديمية المنشورة في عدد من المجلات العلمية المحكّمة داخل وخارج الوطن.