الإنسان فتنة لغيره/ محمد الصالح الصديق
روى أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ويل للعالم من الجاهل، وويل للسلطان من الرعية، وويل للرعية من السلطان، وويل للمالك من المملوك، وويل للشديد من الضعيف، وللضعيف من الشديد بعضهم لبعض فتنة“.
وهكذا جعل الله الناس بعضهم لبعض فتنة، فابتلى الفقراء بالأغنياء، والجهلة بالعلماء، والضعفاء بالأقوياء.
يقول طنطاوي جوهري في تفسير قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} وهي الآية التي نعيش في ظلها ونحن نسجل هذه الأفكار:” اعلم أن الله عز وجل خلقنا في الأرض ليربينا ولقد جعل التربية بأمرين: نعمة ونقمة، فلا نعمة إلا كان معها نقمة، وقد جعل الضدين يتسابقان لخيرنا سواء أعلمنا أم لم نعلم، وفهمنا أم لم نفهم، فانظر كيف جعل الضدين في كل شيء: الليل والنهار، والصيف والشتاء، والشباب والشيب، والموت والحياة، والإيمان والكفر”.
ومن هنا يظن الكثير من الناس أن العداوة مثلا ضرر محض، وما علموا أن الآفات والعوارض والعقبات مقويات لمن تنتابه وتواجهه، فكم من مريض كان مرضه سبب توبته أو سبب اتقائه مضار كثيرة، وكم من عداوة جرّت نفعا كبيرا يقول الشاعر:
عدائي لهم فضل عليّ ومنة فلا أبعد الرحمن عني الأعاديا
هم عرّفوني زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
ولست بهياب لمن لا يهابني ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
كلانا غني عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تقاصيا
ان السياسة لا تدخل في شيء الا أفسدته , فهي أفسدت مختلف المذاهب والأديان
يعتقد أحمد أمين ان عقيدة ( المهدي )أدت الى تضليل الناس وخضوعهم للاوهام من ناحية والى تسبيب الثورات المتتالية بين المسلمين من الناحية الاخرى فكل فكرة تنتج نوعين من التأثير حسن وسيء
وهذا يؤيد ما ذهب اليه الفيلسوف ( هيغل ) من ان كل فكرة تحمل نقيضها معها
لفظة ( المهدي ) هي في الواقع تعريب للفظة ( المسيح ) الموجودة في التوراة فالمسيح معناه الممسوح والمسح في التوراة يعني ( الهداية ) وتصف التوراة هذا الممسوح الذي يرسله الرب ليبشر المساكين فتقول : (….. ويحل عليه روح الرب وروح الحكمة والفهم وروح المشورة والقوة و روح المعرفة ومخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه ولا يحكم بحسب سمع اذنيه بل يقضي للمساكين ويحكم بالانصاف لبائسي الارض فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي …
الظاهر ان آمال الطبقات المضطهدة واحلامها واحدة في كل مكان وزمان فالمظلوم الذي لا يستطيع أن ينتقم من ظالمه فعلا يلجأ الى الانتقام منه بأفكاره وأحلامه وعند ذلك يشيد لنفسه قصورا باذخة من الآمال