الفتوى رقم:307/ محمد مكركب
الموضوع: الزواج بدون تسجيل العقد في الدوائر الرسمية خطأ يؤدي إلى مخالفة شرعية.
قال السائل: أنا مهاجر في بلد أوروبي وزوجتي تركتها في بيتنا بالوطن وهي موافقة على ذلك ولم تشأ أن تسافر معي، وأزورها كل ثلاثة أشهر، وأنفق عليها بالتمام والحمد لله. ولكن أردت الزواج في البلد الأوروبي الذي أعمل فيه، وأيضا بقبول زوجتي الأولى، ولكن رفضوا زواجي بزوجة ثانية، فهل يجوز لي الزواج دون تسجيل العقد؟ وهل يجوز أن أقول لهم طلقت الأولى بأوراق غير صحيحة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله وآله.
أولا: ليعلم أخي السائل الكريم أن المؤمن لا يكذب، ولا يغش، وأي عمل يقبل عليه أن يفكر في المآلات، يفكر في العاقبة الدنيوية والأخروية. إذا كان قصدك الزواج وما دام زوجتك الأولى راضية والحمد الله على أن الله عز وجل رزقك زوجة تحبك وتسهل لك، فابحث عن زوجة من وطنك وتزوج في وطنك وسافر معها. وعقد الزواج لابد أن يسجل بطريقة رسمية في بلدك، فإذا رزقك الله أولادا تكون حالتك المدنية والإدارية مضبوطة ومعلومة شرعا. والذين يتزوجون ولا يسجلون العقد يرتكبون خطأ يؤدي إلى مخالفات شرعية، فإثبات الهوية الأسرية للرجل والمرأة واجب شرعي، ما هو الدليل على أن تلك المرأة التي تصاحبها أنها زوجتك؟ وما هو الدليل على انتساب الأولاد بغير سجل عائلي؟ على الأخ السائل أن لا يتزوج بغير عقد مسجل. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: ما سأل عنه من هل يجوز له الطلاق الصوري؟ كما قال:[وهل يجوز أن أقول لهم طلقت الأولى بأوراق غير صحيحة؟] ولست أدري كيف سأل هذا السؤال؟ وكيف خطر بباله هذا المحال؟ فلا يصح لك هذا يا أخي، كيف تقف أمام القاضي مع زوجتك وأنت تقول للقاضي شاهدا على نفسك وكل السامعين، بأنك طلقت زوجتك وأنت كاذب، ويسألها القاضي وتقول أمام الشهود: نعم طلقني وأنا راضية بذلك. وهي في الحقيقة كاذبة؟ ثم تبقى هي زوجتك بدون تسجيل؟ لا أرى هذا العمل صحيحا. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: هناك معالم تدل على صحة العمل، أو فساده.
المعلم الأول: كل عمل يخالف الحقيقة التي تظهر في علاقات الناس لا يجوز أي لا يصح، فمثلا: لا يجوز قيادة سيارة بغير رخصة السياقة، ولا يجوز حيازة ملكية بدون عقد رسمي، ولا يجوز للموظف أخذ عطلة مرضية ويذهب للعمل في غير عمله الرسمي.
ثانيا: المعلم الثاني: كل عمل فيه كذب، وهذا محل الشاهد في المسألة. أنه لا يصح.
المعلم الثالث: كل عمل تدخل فيه وسيلة غير شرعية لا يصح. كمن يطلب عملا بوثيقة مزورة، أو يوقع باسم مزور على وثائق بيع وشراء مثلا. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: للنصيحة، إن الشباب من أبنائنا المسلمين الذين يهاجرون إلى بلدان أجنبية ويتزوجون بأجنبيات على أساس أنهن كتابيات، فإنهم يقعون في أخطاء كبيرة، فقد تكون غير كتابية أي كافرة أو مشركة والله تعالى يقول:﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾(البقرة:221). قال البيضاوي:(والمشركات تعم الكتابيات لأن أهل الكتاب مشركون لقوله تعالى:﴿وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ﴾ إلى قوله:﴿سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ولكنها خصت عنها بقوله:﴿وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ﴾) ولا يتبين له ذلك، ثم كيف يربي أولاده هو أم هي، وهل يستطيع هو أن يسمي ولده محمدا، أم هي التي تسميه موريس؟ وهل يسمي بنته خديجة، أم هي تسميه جولييت.؟ والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.