للعـــــيد…معنــــــى /بقلم: أمال السائحي
إنها أوقات تغمرها الرحمات وتتنزل فيها البركات، في شهر الشهر الفضيل، إن الفهم الصحيح لفريضة الصيام، يظهرنا على أنها تطهير للنفس والمال والمجتمع، وأن الصوم عباده صحيحة، وعقيدة سليمة، وأنه صبر وجهاد وتضحية ومشقة…
وتأتي منحة العيد فهو يوم شكر لله سبحانه وتعالى، يجتمع فيه المسلمون وقد أكرمهم الله بتمام نعمة أداة فريضة شهر رمضان المعظم أو فريضة الحج، فيُصلون العيد ويتبادلون التهاني بينهم، ويسعون في حاجة الأهل والأقارب والأحباب..ولا أجد أجمل ولا أطيب فيما ذكره الشيخ الجليل الشيخ البشير الإبراهيمي – رحمه الله – في كتابه “عيون البصائر” عن العيد في معناه:
1 – الديني: هو كلمة شكر على تمام العبادة، لا يقولها المؤمن بلسانه، ولكنها تعتلج في سرائره رضا واطمئنانا، وتنبلج في علانيته فرحا وابتهاجا، وتسفر بين نفوس المؤمنين بالبشاشة والطلاقة، وتمسح ما بين الفقراء والأغنياء من جفوة.
وفي معناه الإنساني، وهو يوم تلتقي فيه قوة الغني وضعف الفقير من وحي السماء عنوانها “الزكاة”، و”الإحسان” و “التوسعة”، فيطرح الفقير همومه، ويسمو إلى أفق كانت تصوّره له أحلامه، ويتنزّل الغني عن ألوهية كاذبة خضوعا لألوهية الحق.
أما في معناه النفسي فهو حدّ فاصل بين تقييد خضعت له النفس، وتسكن إليه الجوارح وبين انطلاق تنفتح له اللهوات، وتتنبّه له الشهوات.
والعيد في معناه الزمني فهو قطعة من الزمن خصّصت لنسيان الهموم، واطّراح الكُلَف، واستجمام القوى الجاهدة في الحياة.
أما في معناه الاجتماعي فهو يوم الأطفال، يفيض عليهم الفرح والمرح، ويوم الفقراء، يلقاهم باليسر والسعة، ويوم الأرحام يجمعُها على الصلة والبرّ، ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور.
فهل فقهنا معنى فريضة الصيام، وهل فقهنا كذلك معنى منحة العيد؟ إننا عندما ننظر يُمنة ويسرة ولا نجد من فقه هذه الكلمات النيّرة التي ذكرها الشيخ البشير الإبراهيمي، فإننا ندرك أننا لم ننصف لا أنفسنا ولا أعيادنا.
والحقيقة المرة التي تجابهنا هي أن العيد لم يبق له طعم العيد الذي ألفناه في الصبى، وأيام السلم والرخاء، وكيف يكون في هذه الأيام طعما للعيد، وهذه أحوال المسلمين في كل البقاع لأحداث فظيعة، وآلام مريعة، فلا تجد بلدا إلا وأبناءه ينزفون ألما، وحرمانا، وفقرا، فكيف لهذا القلب أن يكون مبتهجا وهذه هي أحوالنا…حتى أصبحنا اليوم لا نفرق فيما يعرض علينا من صور، بين فلسطين وسوريا، وبين العراق وأفغانستان، وبين تلك البلاد المسلمة وبين أخرى، فكيف لنا أن نفرح مع أولادنا، ونعلم علم اليقين بأن أمهات قد فقدن فلذات أكبادهن، وأخرى ترملت، وأخرى شردت..وأخرى..
هذا هو حالنا، وهذه هي محنتنا، فما علينا إلا -على الرغم من ذلك- أن نقوم بواجبنا نحو خالقنا ونحو من لهم الحق علينا، وبعدها نتضرع إلى الله، فلعله – سبحانه – يكشف عنا الضر وهو أرحم الراحمين.وكل عام وأنتم بألف خير.