ما قل و دل

الإنسان والتفاؤل والتشاؤم/ محمد الصالح الاصديق

أول دراسة مطولة ومعمقة، كتبتها كانت عن التفاؤل والتشاؤم، وأنا ما زلت طالبا بجامع الزيتونة، نشرتها لي مجلة:”وحي الشباب” سنة 1949، إن لم تخني الذاكرة.

وأذكر أن المقال أحدث صدى حسنا عميقا في نفوس المتفائلين وظلوا أياما ينوهون به ويعبرون عن إعجابهم به، وتقديرهم لكاتبه.

أما الذين يعدون التشاؤم من لوازم الفلاسفة وطباعهم، فقد نددوا به وحاولوا جهد طاقتهم الحط من قيمته ومستواه، وذلك لأني آثرت التفاؤل على التشاؤم، ورأيت التفاؤل يجعل الإنسان على الدوام ميالا إلى الانشراح والانبساط والنشاط، أما التشاؤم فإنه يشل الإنسان ويجمده ويميته قبل أجله، وإليك ما قاله الكاتب الأمريكي الشهير “إمرسون” في إيثار التفاؤل على التشاؤم:

“إن الدنيا بحذافيرها تنساق إلى المتفائل المستبشر… إذا كان التفاؤل مبعث العزيمة الماضية والهمة الثاقبة، التي كأنها تخلق للمرء عينين جديدتين يرى بهما من ضروب الحيل والتدابير ما لم يكن يراه من قبل.

إن المتشائم يسكن الجنة فيصيرها من جراء سخطه وضجره جحيما، ويسكن المتفائل النار فيصيرها بفضل انشراحه وعزمه وسعة تدبيره فردوسا”.

وقد دلتنا التجارب المتكررة أن المتفائل متصل بالحياة اتصالا وثيقا ينديها ويخصبها ويتفاعل معها، أما المتشائم فعلى الهامش دائما لا تنيله الحياة أدنى شيء من ثمارها.

ومن هنا قال أحد المفكرين:”إن المتفائل أشبه ما يكون بجعبة مملوءة بالكفاءات والطاقات والقوى وكأنه قضيب مغناطيس فوق كرة من الحديد يجذبها إليه ويتداولها كما شاء”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com