اتجاهات

القاتل الحقيقي لـــ “جمال”/ محمد الحسن أكيلال

 

قال الرئيس “ترمب”:” السعوديون يعتقدون أنهم خدعوني، ولكنهم في الحقيقة خدعوا أنفسهم”. صدق  الرئيس “ترمب”

انتهى أمر الرجل السعودي “جمال خاشقجي”، لقد اتفق الجميع على موته، واستشهاده لدى الغيُّورين من أبناء الأمة، ولكنهم جميعا يتساءلون.. من القاتل الحقيقي الذي بلغت به الشراسة والوحشية إلى هذه الحدود من تخلصه من إنسانيته وآدميته وبرودة دمه وانسلاخه عن روحه.

المتفق عليه أن المجرم الحقيقي الذي يشار إليه دون ذكر اسمه هو آخر العنقود من سلالة آل سعود الذي قفز مثل جده على العرش دون إذن أحد من المملكة والعائلة لأنه استأذن من هم أولى وأكبر وأقوى وأجدر، لقد استأذن رئيس أقوى قوة في العالم تقف وراء أقوى حركة سياسية وإيديولوجية وأكثرها تأثيرا في العالم، إنه الرئيس “دونالد ترمب” الذي رشحه وأنجحه الحزب الجمهوري المكون في أغلبيته من الإنجيليين المعمدانيين الذين أسسوا عمليا وفعليا الحركة الصهيونية قبل إسناد أمرها إلى اليهود بزعامة “هيرتزل”.

آخر العنقود هذا الذي أسماه أبوه محمدًا طمعا منه في أن يقتاد به ويتأسى ويرفع راية الإسلام عالية خفاقة بين أقطار الأرض والشعوب التي تسكنها لينال به أجر الدارين، هذا الآخر الأخير يبدو أنه دفعته وهابيته الحديثة والمستحدثة ليستحدث بدوره طريقة حديثة في الشرع والحكم تقربه أكثر من العقيدة العالمية التي أصبحت فعلا تتحكم في مصير العالم الموبوء بها منذ ظهورها في عام 1897، إنها الصهيونية العالمية التي أسستها مجموعة من القساوسة البروتستانتيين الذين سموا أنفسهم بالإنجيليين المعمدانيين ثم أوكلوا أمرها إلى يهودي لا علاقة به بدينه إلاّ بالنسب، هو رجل طموح يريد فعلا أن يحكم العالم، هذا الرجل هو “هيرتزل” الذي استطاع في وقت قصير أن يجند خلفه كثيرًا من اليهود الذين كانوا يعانون من عنصرية الشعوب التي يعيشون وسطها في البلدان الغربية لأنه وجد ضالتهم في منحهم أرضًا سموها أرض الميعاد  – يهودا والناصرة –.

آخر العنقود وهو يعاني في هذه الأيام ضغوطا كبيرة وخوفا من المحاكمة في محكمة الجنايات الدولية قرر أن يستدعي وفدًا أمريكيًّا من الإنجيليين ويتحادث معهم ويتباحث في شأن ما وعدهم به أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في الأيام الماضية.

جريمة اغتيال “جمال خاشقجي” أرادها هذا الشاب أن تكون تسبيقا في الحساب لهؤلاء وعربون الوعد بإنجاح صفقة القرن التي أعلن عنها رئيس أمريكا والإنجيليون الذين رفعوه إلى سدة الحكم لتحقيق طموحهم وإنجاز حلمهم والوصول إلى هدفهم، فالجريمة إذن كانت من تدبير وإملاء بعد تشاور كل ممثلي هؤلاء وعلى رأسهم رئيس حكومة تل أبيب “نتانياهو” الذي انبرى في هذه الأيام وحيدًا للدفاع عن ولي العهد السعودي وعن المملكة العتيدة باعتبارها حجر الزاوية في استقرار المنطقة ورأس الحرباء في إيقاف الهجوم الإيراني عليها.

إن تحرك ولي العهد للاتصال بالإنجيليين وتحركهم لزيارته وبروز “نتانياهو” بهذا الشكل للتوسط لدى الرئيس الأمريكي وحلفائه الغربيين للشفقة واللطف بالآمر بالاغتيال وبوالده وبالعائلة الحاكمة ما كان ليحدث لولا شعور كل هؤلاء بشدة الزلزال الذي هز أركان الحركة الصهيونية في عقر دارها وفي كل الديار التي تتواجد فيها بما في ذلك الديار العربية التي التحقت بها خلال العقود الأربعة الماضية التي مضت على أول زيارة لرئيس عربي مسلم إلى القدس وتوقيع اتفاقية استسلام مع العدو.

إن الاغتيال الذي هو شهادة إن شاء الله لـــ “جمال خاشقجي” الذي كان يحس ويعي الخطر المحدق به وهو يدلي بتلك التصريحات الذكية التي صاغها في شكل نصائح لنظام بلاده ولكنهم فهموها كما أراد الصهاينة على أنها انتقادات لهذا النظام ولملكه ولولي عهده ما جعلهم يوغرون صدر هذا الأخير ليقرر التخلص منه بذلك الشكل البشع الفظيع ليكون عبرة لمن يعتبر.

إن الجريمة تأتي في سياق منهجية كاملة ومتكاملة بدأت بمسلسل اغتيالات لقادة وعلماء ومفكرين عرب بداية بالفلسطينيين كــــ “غسان الكنفاني” و “كمال عدوان” وانتهاء بــ “أبي جهاد” و “أبي إياد” وآخرهم “ياسر عرفات” رحمهم الله جميعا، ثم الملك “فيصل” والرئيس “هواري بومدين” فــــ “صدام حسين” و “معمر القذافي” اللذين اغتيلا مع اغتيال دولتيهما وشعبهما اللذين ما زالا في الدوامة الرهيبة.

ولي العهد الذي ظن أنه يخدم الرئيس الأمريكي لم يعلم ولم يعرف أنه يقدم له بخداعه هذا مملكته العتيدة في طبق من ذهب، إنه وضعها في وضع المملكة التي لا حماية لها إلاّ بالقوات الأمريكية التي لا ترضى بهذه الحماية دون مقابل والمقابل فيه ما هو مالي وفيه ما هو سياسي وأخلاقي.

ما هو مالي مبالغ طائلة تسلمها مملكته للخزينة الأمريكية كمقابل حماية وجزء منها يسلم لجيب الرئيس ولجيب صهره العزيز “كوشنر” وزوجتيهما.

وما هو سياسي تكفل المملكة بإقناع الدول العربية المجاورة بما في ذلك دولة رام اللـه التي لا دولة لها بقبول صفقة القرن التي سيعلن عنها قريبا وبرضا الأغلبية العربية.

نهأنهأنأنه

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com