شعاع

الأداء الجيد…يعني تحقيق الأهداف والنتائج/ حسن خليفة

 

منذ الجامعة الصيفية الأولى لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي خُصصت ـ بالكامل ـ لمسألة “الرؤية” وما يترتب عنها من قضايا ومسائل وأعمال وبرامج، تصبّ ـ في معظمها ـ في تحسين أداء الجمعية وتقويتها وتطويرها وتوسيع دائرة انتشارها، واستقطاب المزيد من العلماء والدعاة والطاقات والكفاءات، وهو الأصل في هذه الهيئة الدعوية التربوية ـ الإصلاحية العلمية …

نعم الأصل هو جذب مزيد من “مستخلص” العلماء ـ في كل قطاع وفي كل مجال ـ وجذب الدعاة من ذوي الفكر والنظر والقوة العلمية والقدرة على التأثير في المجتمع..وجذب المزيد من المؤهلين والمؤهلات ذوي البصر والتبصّر والقوة والأمانة (قوي أمين) الموهوبين في مجال الدعوة والخدمة المجتمعية…وبهذه الموارد البشرية العالية تتحقق باقي الأمور إن تمّ تطبيق التخطيط الفعّال في الإدارة، والتفوّق في التنظيم، والكفاءة في العمل، والتميّز في الأداء …

نعم ..سيتحقق ـ بلا ريب ـ منسوب عظيم من النتائج الجيدة والمتميزة ويتم تحقيق الأهداف، وأعظمها بعد رضوان الله تبارك وتعالى..هو أن تكون جمعية العلماء واحدة من أفضل وأحسن وأقوى وأمثل الجمعيات في العالم العربي.

قلتُ..منذ تلك الجامعة، قبل أربع سنوات، خفَت وانكمش الكلام كثيرا عن مقتضيات التحسين والتطوير، وبات الحديث عن هذه المسائل الرئيسة في أي منظمة أو هيئة أو مؤسسة أو جمعية..بات غير ذي وزن وغير ذي قيمة، وكدنا ننساه جمعيا  !!..وانشغلنا بمسائل وأمور تفصيلية كثيرة  أخرى، وهو ما غيّب أو كاد منظومة الأولويات، والأهداف، وتحقيق النتائج، وقياس الأداء…

ولكنّ حضوري، قبل أيام قليلة فقط أمسية الدكتور المغربي إدريس أوهلال في أحد فنادق قسنطينة، في موضوع “الأداء القيادي العالي”؛ جعلني  استذكر وأستحضر كل تلك الشبكة من المفاهيم والمصطلحات التي تداولناها في تلك الجامعة الصيفية، والتي تخصّ ـ تحسين الأداء في المنظمات والهيئات، ولا شك جمعية العلماء واحدة من تلك الهيئات المعنية بأي شأن له علاقة بالتطوير والتحسين والانتشار والريادة.

من الغريب هنا أننا عندما ندرس الجمعية التاريخية نجدها قد شقت طريقها في الفترات التاريخية الماضية ـ بعون من الله تعالى ـ ثم بذلك الفيض الكبير من أدوات هندسة التغيير كـ: الإدارة الحكيمة المحكمة، والتنظيم الدقيق، والمتابعة الدؤوب، والتخطيط الاستراتيجي الذي استشرف سنوات الاستقلال وعمل لها قبل أكثر من ثلاثين عاما…وهو ما يفسّر الإنجازات والنتائج الكبيرة التي تحققت وتطاولت واتسعت؛ فبلغ عدد المدارس نحو 400 مدرسة والمساجد نحو 210 مساجد، والمعلمون والمعلمات، ثم ذلك الجيش الصغير من الخريجين والخرّيجات (أكثر من 40 ألفا كما يعدّها بعض الدارسين وأكثر عند غيرهم)…وغير ذلك كثير من النتائج التي يمكن رؤيتها وقياسها ولمسها، ولا أتردّد في القول: إن هذا الرصيد الوضيء المشعّ الذي نعيش عليه من اسم “الجمعية” واسم “ابن باديس” وصحبه، هو جزء أيضا من تلك النتائج التي امتدت في الزمن حتى اليوم، وإلى الغد القريب ..والغد البعيد، وهذا هو مفهوم الفعالية والنجاعة والأداء العالي.

إذن ..

لا يمكن التفريط في هذه الأدوات الأساسية التي تضبط حركة الهيئات والمؤسسات، وتضبط فوق ذلك إيقاعها في العمل والنشاط، بين سريع (أهداف قريبة)، وبطيء (أهداف متوسطة وبعيدة المدى)، وبرامج لا يمكن أن تكون إلا بتخطيط عميق، وتنظيم جادّ، ومتابعة ومواظبة دائمين دائبين، وتقييم وتقويم نزيهين صارمين.

ذلك ما استخصلتُه  شخصيا من المحاضرة المطوّلة في الأمسية الرفيعة المستوى حول هذا الجانب من جوانب إدارة المنظمات والمؤسسات، أي الإدارة بالأداء العالي، والتي لا يمكن لأي مؤسسة، أو شركة، أو منظمة، أو هيئة، أو جمعية أن تجد طريقها إلى صناعة التميز وتحقيق الريادة إلا بها، تحكّما واستيعابا وفهما وتطبيقا في أرض الواقع وتنزيلا في الميدان، طبعا إلى جانب الإخلاص والصدق مع الله تبارك وتعالى، فيما يتصل بثقافتنا كمسلمين.

هناك جملة أمور لابد على كل منظمة أو هيئة أن تقوم بها وتحققها؛ حسب المستخلص من الأمسية:

أـ  دراسة الاحتياجات الأساسية المطلوبة في المنظمة (الجمعية) هو أحد الأولويات في أي عمل يريد الانطلاق نحو أفق أفضل، يُضاف إلى ذلك معرفة النقائص أولا بأول، وتسجيلها وإيجاد أساليب ووسائل لتجاوزها بالشكل المطلوب.

ب ـ وجود إدارة قوية تشرف على العمل تخطيطا ومتابعة وتنظيما وتنسيقا؛ هو أفضل ما يمكن أن تقدّمه أي منظمة أو هيئة للاستمرار في شكل تصاعدي وتحقيق النتائج باستمرار؛ وروح تلك الإدارة هو “التواصل القوي”.

ج ـ وجوب القياس المستمر، وكلما كان هناك شيء يمكن قياسه سيكون هناك إمكانية للتطوير والتحسين، والمشكلة عندما لا تكون هناك نتائج تسمح بأي قياس..فالهيئة ـ حينئذ ـ في حالة تراجع أو موات.

د ـ الأداء الجيد مرهون بالنتائج الجيدة، ثم بالمحافظة على تلك النتائج  وتطويرها وتعزيزها، والأداء الضعيف لا يسمح بالبقاء في الساحة لأي شركة أو مؤسسة أو هيئة، بل يُسلمها إلى الاندثار، ولو بعد حين.

هـ القيادة والإدارة جناحان أساسيان في أي عمل جماعي، والأصل فيهما التكامل والانسجام والتواصل، القيادة تُلهم وتبتكر، وتحفّز وتبسط الرؤية. أما الإدارة فتخطط، وتنظم، وتنفذ، وتتابع، وتتصل، وتقيم،…والله المستعان.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com