نصوص ووثائق في تاريخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والثورة-01/ عبد المالك حداد
سنعيش في الفاتح نوفمبر المقبل الذكرى الـ64 لاندلاع الثورة التحريرية المباركة التي أنهت احتلالا حكم البلاد بالقهر والنار والاستيطان مدة قرن وثلث قرن، وخلال سبع سنوات ونصف، والتي كانت عمر الثورة، تجند الشعب بكل فئاته لطرد الاستدمار وجنوده.
إن الذين يعرفون الظروف التي ولدت فيها الثورة، يدركون أن هناك رجالاً كانوا يُعِدُّون لها بطرق مختلفة، ثم احتضنها الشعب وتشبع بقيمها ومبادئها، وتشكلت حولها مواقف داعمة وأخرى مستلهمة منها حضورها وقوتها وصلابتها وفعاليتها. ولكن بعض المتأخرين من تلك الحقبة وحتى أيامنا هذه، حصروا الثورة في جماعة أو حزب، ولم يكونوا منصفين عندما أثاروا جدلا عقيما حول مواقف ودور بعض الأفراد والهيئات خاصة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. ولعلهم كانوا يظنون أن التاريخ لن يبوح بوثائق ونصوص تبرهن على أن جمعية العلماء كانت في الطليعة الثورية.
1- موقف الجمعية من الثورة: بَانَ موقفها في عدة وثائق ونصوص، أبرزها المتعلقة بتأييد الثورة خلال 6 أشهر الأولى منذ اندلاعها:
– أول بيان في 2 نوفمبر 1954 من إمضاء رئيس الجمعية الشّيخ مُحَمَّد البشير الإبراهيمي ومندوبها الشّيخ الفضيل الورثلاني، عنوانه:”مبادئ الثورة في الجزائر”، وزع على الصحافة المصرية ووكالات الأنباء العالمية.
– بيان ثاني في 3 نوفمبر 1954 أمضاه الشّيخ الورثلاني، ونشره في الصحف المصرية وغيرها بعنوان:”إلى الثائرين الأبطال من أبناء الجزائر اليوم حياة أو موت بقاء أو فناء”.
– بيان ثالث مفصل عن مكتب الجمعية بالقاهرة بتاريخ 11 نوفمبر 1954 أمضاه الشيخين الإبراهيمي والورثلاني، تضمن أوسع المعلومات عن بداية الثورة في الجزائر ووزع على الصحافة المصرية ووكالات الأنباء العالمية.
– نداء للشعب الجزائر في 15 نوفمبر 1954 وجه رئيس الجمعية الشّيخ الإبراهيمي ومندوبها الشّيخ الورثلاني بعنوان:”نعيدكم بالله أن تتراجعوا” يذكرانه فيه بمساوئ الاستعمار الفرنسي في الجزائر ويحثان على خوض معركة الكفاح المسلح دون تردد، ودائما في إطار تعبئة الشعب الجزائري لنصرة ثورته.
– التوقيع على ميثاق جبهة تحرير الجزائر بالقاهرة في 17 فبراير 1955 من قبل الشّيخ مُحَمَّد البشير الإبراهيمي، والفضيل الورثلاني مع أحمد مَزْغَنَّه، ومُحَمَّد خيضر، وحسين آيت أحمد، ومُحَمَّد يزيد، والشاذلي المكي، وحسين لحول، وأحمد بن بلّة، وأحمد بيوض، أعلنوا فيه: أن الشعب الجزائري على اختلاف أفراده وهيئاته كتلة واحدة في خدمة الجزائر، والكفاح في سبيل تحريرها واستقلالها مساندين بذلك جيش التحرير، وعاملين على إنجاح الحركة الثورية القومية.
– التوقيع على اللائحة الداخلية لجبهة تحرير الجزائر بالقاهرة في 18 فبراير 1955 يحمل نفس التوقيعات، لأجل العمل على حثّ الشعب الجزائري بهيئاته وأفراده على تأييد حركة الكفاح من أجل الحرية والاستقلال وتعبئة جهودها للدعاية لصالح القضية الجزائرية بكل الوسائل الممكنة.
– بيان المعلمين الأحرار التابعين للجمعية بعنوان “نداء إلى الشعب الجزائري”، نشر في جريدة البصائر لسان حال الجمعية في صفحتها الأولى بتاريخ 11 مارس 1955، بينوا فيه إيمانيهم بشرعية دفاع الشعب على حقه، كما يؤمنون بالجزائر نفسها. وقد أمضى على البيان عدد من المعلمين نيابة عن أكثر من 300 معلم ومعلمة في سلك التعليم الحر بالقطر الجزائري.
– بيان من جبهة تحرير الجزائر أصدره رئيس الجمعية الشّيخ الإبراهيمي في مؤتمر صحفي عقده بالقاهرة في 21 مارس 1955.
وذهبت الجمعية إلى أبعد من ذلك لنصرة الثورة عندما طلب رئيسها الشّيخ الإبراهيمي من شيخ الأزهر في 12 نوفمبر 1954 أن يؤذن في المسلمين بالجهاد لمؤازرة الشعب الجزائري، كما أشار إلى ذلك ضابط المخابرات الفرنسية الكومندان جاك كاري. كما سعى الشّيخ الإبراهيمي لحشد التأييد للثورة منذ اندلاعها بمراسلة قادة الدول العربية والإسلامية، مستغلا مكانته لديهم وسمعته عند تلك الشعوب، ولأجل تدويل القضية الجزائرية اتصل بالجامعة العربية وبعث برقية للملك سعود بن عبد العزيز في 9 جانفي 1955 يطلب منه فيها أن يكلف الأستاذين أحمد الشقيري وعبد الرحمن عزام أو أحدهما لمتابعة قضايا الجزائر والدفاع عنها، وقد كلف الملك سعود الأستاذ أحمد الشقيري للقيام بعرض قضية الجزائر على منظمة الأمم المتحدة، وتم ذلك بالفعل في أكتوبر 1957.
وقد توالت الكلمات والبيانات والنداءات الموجهة للشعب الجزائريين والمجاهدين من رئيس الجمعية ومندوبها بالقاهرة عبر وسائل الإعلام، خاصة في إذاعة صوت العرب، وأصبح الشّيخ الإبراهيمي لسان الثورة في المقابلات الصحفية والإذاعة المصرية والمنتديات والدول التي زارها داعيا لدعم الثورة، فالتقى بالملوك والرؤساء العرب والشعوب والعلماء والمفكرين، وشارك في تأسيس مكتب المغرب العربي بالقاهرة والذي يضم تونس والمغرب والجزائر للتحرر من قبضة فرنسا. وفي سنة 1957 م وبهدف التعريف بالقضية الجزائرية وكسب التأييد لها، نظم يوما خاص بالجزائر سمي “يوم الجزائر” ألقى فيه كلمة اعتبر ذلك نصرا معجلا للجزائر والجزائريين، وموقفا جديدا لثورتهم تعظيما لشأنها، وأكد أنه لولا مساعدة الأشقاء العرب للجزائر لما بقيت هذه الأخيرة جزء لا يتجزأ من أرض الوطن العربي.
هذا وكان لجريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين دورا هاما حيث اتفق الجميع على أن يتولى أحمد توفيق المدني تحرير الافتتاحية، ومقال تغطية أحداث الثورة، وموضوع السياسة العالمية، كما نشرت بلاغا بعد عقد الاجتماع العام للجمعية في 7 جانفي 1956 بعنوان:” الاستعمار مسؤول عن كل شيء” وقعه أحمد توفيق المدني والشيخ العربي التبسي، جاءت فيه كلمة صريحة تبنى خلالها المؤتمر السنوي للجمعية في الداخل لموقف الثورة ويحمل الاستعمار مسؤولية ما يحدث في الجزائر.
2- دور الجمعية في الثورة: برز دورها في نشاط قيادتها ومدارسها، وثقته الوثائق والنصوص التي اشتملت رسائل ومذكرات شخصيات عايشت الثورة وتقارير المخابرات الفرنسية…
وكأمثلة لا على سبيل الحصر التحق عدد من طلبة دار الحديث بتلمسان بجيش التحرير، واستشهدوا في ميادين البطولة، أسماؤهم في لوحة رخامية في مدخل دار الحديث، وهم: محمد بن يحي- مليحة حميدو -عويشة حاج سليمان- كمال قورصو- جمال أباجي- عبد الرزاق أباجي- عثمان محمد إبراهيم – عز الدين العبان- مصطفى بابا أحمد- شوقي أحمد بجاوي- عبد الرزاق بختي- محمد الصغير برحيل- محمد حساين بوفردة- حاج حناوي- علي خديم- سيد أحمد خياط مزوزي- بن علي بودغن (العقيد لطفي)- عبد الحفيظ بوذراع- منير ديب- محمد ولد أحمد رمضاني – عبد الحميد بالسعود- حسن شحمي- مصطفى بن شقرا- عبد الكريم بن شقرا- مهاجي قويدر- أحمد بن شقرا- محمد شقرون- عبد الله كرزابي- قادة مرزوق- منير مغيلي- جيلالي دالي يوسف- جيلالي صاري- عبد الرزاق صاري – حسين علالي – شكري علالي- عبد الكريم أبي عياد- مختار غزلاوي- جلول غزلاوي- محمد غزلاوي- رشيد رضا قارى تركي- نور الدين قارى تركي-محمد قادة قلوش- محمد خير الدين قاراوزان- عبد الحميد قرطي- حسين قوار- منير قوار- محمد الكبير كاهية ثاني.
يتبع