المرأة و الأسرة

لماذا تغادر الطيور أوكارها ؟/ أمال السائحي

الكثير من الآباء والأمهات، بدافع من الأبوة أو الأمومة يحيطون أبناءهم بكل تلك أنواع الأحاسيس الممزوجة بالعنف والحب معا، مما يجعل شخصية الطفل تنمو وتتبلور في ذلك المناخ المشبع بتلك العواطف المتناقضة، فيكتسب الصفات الإيجابية والسلبية معا، بحيث تعطينا إنسانا محبا، عطوفا، متميزا، أو إنسانا منطويا، اندفاعيا، أو أنانيا، أو غير ذلك من الصفات الأخرى المكتسبة من محيطه، وبطبيعة الحال تترجم الصفات إلى سلوك إيجابي أو سلبي، وأفعال نجد صداها يتردد في مواقفه ويميز شخصيته.

من ذلك أن الأنانية تظهر عند الأطفال في مرحلة مبكرة من سنوات العمر الأولى، حيث يمر معظم الأطفال بنوع من أنواع الأنانية، غير أنهم يجتازون هذه المرحلة بشكل صحي، بعد مرور فترة بسيطة من الوقت، لكن البعض الآخر يحتفظون بها عند النضوج والكبر…

واستقرار السلوك الأناني عند الأطفال إذا تقصيناه نجد أن سببه ومنشأه التربية الخاطئة منها:

– القدوة غير المناسبة.

–  القسوة على الأبناء بالضرب والتأنيب والتحقير.
–  حرمان الطفل من الأشياء التي يحبها أو يراها عند الآخرين .
–  عدم تعويد الأبناء على التسامح فيما بينهم، وتعويدهم على الانتقام .
–  علاقة الوالدين بعضهما ببعض، بحيث لا يسود بينهما روح التسامح والتغاضي.
–  التمييز بين الأبناء في المعاملة.

هذه الأساليب التربوية الخاطئة تؤثّر على سلوكياتنا مستقبلاً، فإنها إن لم تصنع إنساناً أنانيّاً فإنها في أقل الأحوال ستزرع عند هذا الإنسان القابليّة للتخلّق بهذا الخُلق.

ومن الأمثلة الحية عن الأنانية وأضرارها على الأسرة قبل المجتمع ككل، الظاهرة المنتشرة بكثرة بين الشباب الذي أصبح اليوم يعشق الغرب عشقا جنونيا، يربي الوالدين أبناءهم ويبذلون كل ما في وسعهم من جهد ومال، فقط حتى يصلوا إلى الشهادات العليا، وبعدما ينحني ظهر الوالدين تجد هذا الشاب أو تلك الشابة، يترك والديه وهم في أمس الحاجة إليه اليوم من الأمس، ويسافر إلى الخارج بدون رجعة، اللهم إلا في العطل المتاحة وكثيرا منهم لا يفعلون، ولا يجدون أدنى حرج في التنكر للأهل والإخوان، ومفارقة مرابع الصبا والأوطان.

وللأنانية أضرار بالغة ترتد على الفرد والمجتمع بـأفدح النتائج وأخطرها من ذلك:

ـ لا يصلح أن يكون أبا أو أما لكون هذا الدور الاجتماعي يتطلب التحلي بروح الإيثار والتضحية.

ـ تخلي الجماعة عن الفرد لكونه يقدم مصالحه الفردية على المصلحة العامة.

ـ يجعل الفرد مُهيّئا لاستغلاله وتأليبه ضد أمته ومجتمعه.

ـ يساعد على تفكك المجتمع وضرب وحدته الوطنية وإضعافها من قبل المتربصين به من الأعداء.

وهذا ما يجعل معالجة هذا السلوك السلبي ضرورية واجبة، ومن الأُمُور التي تُعالج الأنانية:

– حسن التربية في الصغر مع التركيز على القيم الدينية والأخلاقية.

– القدوة الحسنة.

– تعليمه أن يحب لغيره ما يحب لنفسه.

– التعاون والتقارب بين الناس.

– محبة الخير والنفع لجميع الخلق.

وإذا استطعنا أن نحمل أبناءنا على التحرر والانعتاق من هذا السلوك السلبي، فإننا نكون قد ضمنا لهم حياة سعيدة ومستقرة في مجتمعهم، وضمنا للوطن وحدة وطنية تصد عنه كيد المعتدي في الحاضر والمستقبل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com