الفتوى رقم:281/ محمد مكركب
الموضوع: فتنة الفرق المحدثة، إن هي إلا أسماء سموها ليفتنوا الأمة.
السؤال
قال السائل: توجد جماعة تنتسب إلى فرقة تسمى: {كذا}. قال: يجتمعون في مكان يذكرون الله تعالى، وعندما يطيلون الذكر يتمايلون، ويقولون وردا خاصا ليس قرآنا، ما هو حكم الدين في هذه الطريقة؟ يقول: وكيف يُعرف الصح من الخطأ في اتباع الفرق؟ قال: وعندما سألناهم قالوا: هم على مذهب إخوان الصفا فمن هم إخوان الصفا؟ ومن وراء هذه الفرق؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: في البداية النصيحة بأن لا تشغل نفسك بالسؤال والبحث والتقصي عن الفرق والطوائف، فهي كلها من حيث التسمية، من الفتن التي ابتلي بها المسلمون، فقد أمرنا الله تعالى بأن نكون من المسلمين، وسمانا المسلمين، فلا يجوز شرعا ولا منطقا ولا أدبا أن تسمي جماعة من المسلمين نفسها بمصطلح ليس في الكتاب ولا في السنة، ولا دعا إليه الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم-. فنحن مسلمون مؤمنون متقون. كن كهذا الشاب ﴿قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ﴾ فقد عرف طريق الحق، فقال:﴿ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ لم يقل من الفرقة، كذا، ولا من السلالة كذا. فتسمية الفرق والطوائف خطأ، كخطأ تسمية الأحزاب، التي فرقت بين الجماعات والشعوب، والأحباب والأصحاب. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: وهذه الفرق التي نبتت عبر التاريخ، وما زالت تنبت هناك أو هنالك، وراءها من لا يريدون للأمة الإسلامية أن تجتمع وتتحد، ومن يريدون أن يكون التدين مشايخ ومذاهب وزعامات، تتنافس على عدد قرع النعال وراءهم. ألا يكفيك أيها المسلم أن تكون مسلما كما سماك الله، والمسلم أخو المسلم، وليس المذهبي أخا المذهبي، أو الفرقي أخا الفرقي. ألا يكفيك أن تعتصم بحبل الله تعالى، وتجعل النبي صلى الله عليه وسلم، أسوتك، وأن تعمل بما أمره الله تعالى، وأمرنا معه نحن جميعا معشر المؤمنين في العالم. قال الله تعالى:﴿فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾ (سورة هود:112/113) وفي القرآن ما أمر مسلم بأن يقيم فرقة ويدعو إليها، بل أمر أن يدعو إلى سبيل ربه، وسبيل ربنا مبين في الكتاب، وما في الكتاب فرقة كذا، أو مذهب كذا، والذي فيه ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾ (الأحزاب:21) وإذا اتبعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان من المسلمين، هذا هو الانتماء الحق. وإذا كنا نرجو الله واليوم الآخر. فإن ربنا قال:﴿وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ لم يقل ولا تموتن إلا وأنتم على مذهب كذا أو فرقة كذا؟؟؟ والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: فمن زعم أن له خصوصيات تميزه وترفعه فوق من هو من المسلمين. فقد خالف ما شرع الله من الدين. فالله أمر النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، أن يكون من المسلمين. فكيف يدعي مسلم بأنه له خصوصيات أفضل من باقي المسلمين.؟ فمن يكون أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ألا فلا فرقية ولا طائفية ولا مذهبية مفرقة في الإسلام، فمن أسلم فقد اهتدى ومن تولى فهو في شقاق. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.