الحبيب اللوز: لن ينجح أصحاب هذا التقرير فالمعركة سيربحها التيار التونسي والشعب التونسي المسلم / أجرى الحوار عبد القادر قلاتي
البصائر: التقرير أصبح واقعا، والتيار اليساري تمكن من الاستحواذ على سدة النخب الفكرية، كيف استطاع التيار الوصول الى هذه المكانة في الواقع الثقافي والسياسي التونسي؟
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى من ولاه، في الحقيقة تونس مصابة بنخبة من أرذل النخب العربية، النخبة العلمانية الرديئة، لأنهم تعودوا تسمية أنفسهم بالنخبة، بصفة عامة بالنسبة للنخبة الإسلامية الناشئة هي الآن تريد أن تواجه هذه العلمنة، لكن النخبة العلمانية نشأت منذ أيام ما قبل الاستقلال، لما خرج بورقيبة عن الحزب القديم الذي كان فيه الشيخ الثعالبي وفي عام 34 خرج منشقا بتيار آخر أسماه بالحزب الدستوري الجديد، واجه الآخرين لأنهم متدينون زيتونيون ويريدون أن يصلحوا تونس من المرجعية الشاملة، وكان يرى ذلك هو وزمرة من الشباب العلماني من محامين وأساتذة وأطباء، لكنها كانت فئة ضيقة في انتشارها ولكن تمسكت بمواقع السلطة في الحزب الدستوري الجديد، وأصبح بورقيبة ،يموه على الشعب التونسي أنه رجل مؤمن ويحفظ آيات قرآنية، وكان يعمل على إزاحة الإسلام عن حياتنا، ولما منح الاستقلال الداخلي بمفاوضات مع منداس فرانس، جلس هو معه في مقهى كانت قبالة صومعة الزيتونة في المدينة العتيقة يتحدث وأياه قال له فرانس: وماذا ستفعلون بهذا؟ وأشار إلى صومعة جامعة الزيتونة، قال: هذه عندي وأشار إلى صدره، قال: واللغة الفرنسية؟ قال: أنا أريد خلق تونس صغيرة، ولذلك جامع الزيتونة قال سأغلقه وفعلاً أغلقه، والمرأة وعد بها، لذلك فمنذ البداية أسس لهذا الخيار، كان سابقاً جداً وسباقاً، فبورقيبة كان ينظر بعيدا ليحارب الفكرة الإسلامية في مقاصده، المرأة، التعليم الزيتوني، اللغة العربية، واستطاع أن يقدم الثقافة الغربية معلبة في صيغ شعبية بسيطة تقبلها الناس، وهكذا مرر أطروحاته إلى المواطن التونسي في خطب كثيرة، ولهذا أنتج نخبة، يستحق أن نقول عنها نخبة بورقيبة. هذه النخبة الآن طعمت باليسار الماركسي الذي كان يحاربه لفترة ولكن بعد ذلك لما ظهرت الحركة الإسلامية رجع هؤلاء وتحالفوا مع النّظام في مواجهة الحركة الإسلامية في البلاد، والتيار الإسلامي والهوية والمرجعية الإسلامية، وخاصة في عهد بن علي.
البصائر: كيف تم ذلك؟
بن علي استنجد واستنصر باليساريين وأدخلهم إلى الحزب الحاكم، وكوَّن حزباً جديداً فيه خليط من الدستوريين واليساريين، وكان الجامع بينهما هو محاربة الحركة الإسلامية وجاء بن علي ليحارب الحركة الإسلامية وأتقن هذه الحرب، كان بورقيبة في آخر زمانه وذلك ما منعه من هزيمة الإسلاميين فانهزم، وجاء بن علي ومسك السلطة وأزاح بورقيبة بإيعاز من الغرب وأن يتقن مواجهة الحركة الإسلامية إلى حد ما كانت ملحمة التسعينيات، استطاع بن علي أن يُحيدَ الحركة الإسلامية إلى حدٍّ كبيرٍ، لم يقض عليها، بل نضال الإسلاميين في السجون أعطاهم شرعية، ومن ثمَّ كانت الثورة بصبغة إسلامية والتيار النهضاوي، والآن هؤلاء العلمانيون علموا أنّ الحركة الإسلامية -رغم ما جرى من محاولات إسقاطها- استطاعت أن تمد في أنفاسها وتراعي الواقع وتتفاعل معه بمرونة، هذا ما أقلقهم ولذلك يريدون إحداث تفجيرات سياسية للواقع للمجتمع التونسي.
البصائر: وهذا التقرير ترجمة لهذه الرؤية الايديولوجية.أليس كذلك؟
نعم هم يتصورون ذلك فطرح القضايا المتعلقة بالدين، والتخلي عن الدين الإسلامي في الدستور، وكل ما جاء مخالفا في هذا التقرير الخطير، ظنوا أنهم بهذا الطرح سوف يفجروا متناقضات بين التونسيين، فمن يعادي هذا الخيار يصطف مع الدستوريين اليساريين، والإسلاميون ينعزلون، والنتيجة التي وقعت الآن أن الشعب التونسي كله أحس وأن الخيار الأصيل هو الخيار الإسلامي وأن ما يطرحه هؤلاء سواء كانوا سياسيين ومفكرين أو أصحاب التيارات الاجتماعية أنهم خرجوا عن الإطار الشرعي الشعبي وعن إطار المرجعية الإسلامية للشعب التونسي، الذي لا يرضى أن يتخلى عن هويته وبالتالي هذه المعركة سنربحها الآن وهي معركة أرادها الله سبحانه وتعالى والخير فيما اختاره.