قصة أول امرأة إمامة لأول مسجد نسائي بالدانمارك/ سعدي بزيان
شاعت في السنوات الأخيرة ظاهرة جديدة وهي تولي نساء مناصب الإمامة في مساجد في أوروبا والولايات المتحدة، وفي المدة الأخيرة نقلت إلينا إحدى الصحف الفرنسية حديثا مطولا لأول امرأة مسلمة تتولى منصب الإمامة في أحد المساجد في برلين وهي امرأة مسلمة تشغل منصب محام ومن أصل تركي وجنسية ألمانية.
وها هي مدينة من مدن الدانمارك تنفرد بإمامة إمام في مسجد خاص بالنساء، وقد تلقت دعوة من رئيس جمهورية فرنسا إيمانوال ماكرون “ليستمع لرأيها فيما يتعلق بمشروعه في إعادة تنظيم الإسلام الفرنسي وفق قواعد تستجيب لشروط مطلوبة بالنسبة لتنظيم إسلام فرنسي بعيدا عن نفوذ البلدان الإسلامية التي هي لحد الآن تتولى إرسال الأئمة تدفع مرتباتهم، وهؤلاء الأئمة حسب العديد من الفرنسيين لا تتوفر فيهم الشروط المطلوبة ليقوموا بدورهم في مجتمع فرنسي علماني له ثقافته الخاصة واعتناقه للعلمانية منذ 1905”.
ما هي قصة إمامة مسلمة لمسجد نسائي في الدانمارك؟
اسمها شرين خانكان أم لعدة أبناء تدير لأول مرة في أوروبا مسجدا خاصا بالنساء تتولى فيه منصب الإمامة وتدعو في خطبها ووعظها وإرشادها إلى إسلام متفتح على العصر، وقد ذهبت إلى أبعد من ذلك إذ تطالب بإعادة قراءة القرآن من جديد على ضوء العصر ومستجداته، وهي حاليا أول امرأة مسلمة في الدانمارك تتولى الإمامة على مستوى كامل بلدان أوروبا الشمالية “السويد، النرويج، فنلندا” عمرها 43 سنة، وهي تدعو في خطبها إلى إسلام متفتح ومتسامح، وتقدمي وقد اهتم بها الإعلام في بلادها وشاع اسمها في كافة أوروبا الشمالية، وكانت تحلم منذ أن كانت 19سنة أن تفتح مسجدا خاصا بالنساء، وقد تحقق حلمها وهي تدافع بقوة عن حقوق المرأة المسلمة في مجتمعات أوروبية وتقود حملة شرسة ضد التطرف الإسلامي والإسلاموفوبيا، وصدر لها مؤخرا في باريس منشورات STOCK كتاب باللغة الفرنسية بعنوان “المرأة ومستقبل الإسلام”LA FEMME EST LAVENIR DE LISLA?
استقبلها رئيس جمهورية فرنسا إيمانوال ماكرون في إطار استشاراته حول إعادة تنظيم الإسلام في فرنسا ومكانة الإسلام في المجتمع الفرنسي وهي بلا حجاب ولها قراءة خاصة للإسلام في عالمنا المعاصر.
وقالت في إحدى تصريحاتها:” أقترح قراءة جديدة للقرآن بعيدا عن التزمت والفكر الجامد وأريد أن أبرهن للناس بأنه من الممكن تطبيق دينك الإسلامي وأن تكون كذلك عضوا في المجتمع الديمقراطي” وتسعى للدخول في حوار في رؤساء الديانات التقدميين والذين ينتمون إلى ديانات مختلفة، وللعلم فإن هذه الإمامة متخصصة في علم اجتماع الديانات وكان اسمها الحقيقي آن كرستين وغيرته إلى شيرين وهي من ثمار الزواج المختلط أب لاجئ سوري مسلم، وأم فلندية بروتستانت مسيحية، سافرت في يوم من الأيام إلى أرض أبيها دمشق سنة 1999 لدراسة علم التصوف وخلال وجودها في دمشق ظلت تتردد على معهد أبو النور واحتكت بعدة نساء في هذا المعهد، وأخذت فكرة الإمامة تراودها عندما تعود إلى بلادها الدانمارك، وفعلا عادت إلى الدانمارك سنة 2001 فأسست “فوروم إسلامي وأخذ تناضل من أجل إعادة قراءة جديدة للإسلام بطريقة نقدية ومساواة النساء بالرجال على ضوء ما ورد في القرآن الكريم، ثم فتحت مسجدا يحمل اسم مريم مسكين وتتعجب كيف يتجاهل الأئمة التقليديون هذا المسجد ولا يعيرون له أدنى اهتمام ولم يحضر ولا إمام واحد، يوم الافتتاح في أوت 2016. وهي اليوم تأمل أن يأخذ الجيل الجديد من النساء المسلمات دورهن في بعث إسلام تنويري يضيء أوروبا الشمالية، وقد احتلت شيرين خانكان الإمامة المسلمة في مسجد خاص بالنساء، وقد صنفتها قناة BBC واحدة من 100 امرأة ذات النفوذ في العالم لعام 2016، في حين يرى فيها اليمين المتطرف في بلادها بأنها مسلمة راديكالية متطرفة والمؤيدة لتطبيق الشريعة الإسلامية في الدانمارك في ظل حملة يقودها اليمين الأوروبي المتطرف الذي يحذر من سياسة أسلمة أوروبا، وهو شعار متداول لدى أوساط اليمين الأوروبي المتطرف الذي يشيع وسط شعوب القارة بأن المسلمين في الغرب يسعون “لأسلمة أوروبا” أي تحويل القارة الأوروبية إلى قارة مسلمة تطبق فيها الشريعة الإسلامية وعلى هذا الأساس نرى اليمين المتطرف في الدانمارك يصنف هذه الإمامة المسلمة بأنها أصولية وهذا يدخل في إطار حملة شرسة ضد الإسلام ووصف الإسلام بأنه ديانة همجية قائمة على القمع وممارسة الإرهاب، وهو عدو لدود للمرأة.
جولة داخل مسجد شيرين خانكان
يقع مسجدها في الطابق الأول وفي شقة تتربع على 250متر مربع وجدران المسجد مغلف بلوحات تحمل سور لآيات قرآنية وقالت الإمامة إن المسجد مفتوح في وجه الجميع، وقد قام هذا المسجد بعدة حفلات للزواج بين المسلمين والمسلمات وحتى بين المسيحيين والمسلمين، وأن صلاة الجمعة وحدها هي التي تبقى خاصة بالنساء في هذا المسجد، وعبرت في الختام عن موقفها قائلة:” لست إماما ثوريا، ما أنا إلا امرأة مسلمة تستمد ثقافتها الإسلامية من مصادر إسلامية أصيلة لا أقل ولا أكثر”.
وتبقى الكلمة لرجال الدين والأئمة المسلمين حول هذه الظاهرة الجديدة وهي المرأة الإمامة تؤم النساء وهو ما لا نعرف له وجودا في بلداننا العربية والإسلامية لحد الآن.