لكم الله أيها الفلسطينيون…/كمال أبوسنة
إن مأساة الشعب الفلسطيني التي تزداد تفاقما كل يوم، دليل على موت الإنسان في أنفس البشر في عصر اختراق الفضاء…فالعالم كله يشارك في هذه المأساة، ولهذا فهو المتهم الأول على حدوث جريمة إبادة شعب بأكمله من أجل إرضاء غرور شرذمة قليلة من الصهاينة المحتلين الموجودين في قلب فلسطين، والصهاينة المتغلغلين في جسم أمريكا، وبالضبط في مكاتب البيت الأبيض الذي أصبح بيتا أسود من كثرة المآسي التي جناها على المسلمين في كل مكان خاصة، وعلى المستضعفين من بني البشر عامة..!
دولة إرهابية كاملة العدة والعتاد، من مختلف الأسلحة المتطورة، وتحميها دولة عظمى، تقتل الأنفس البريئة، وتدمر المنشآت، وتحاصر شعبا أعزل ليموت ببطء، فلا يتحرك العالم، ولا تندد دولة من الدول التي تزعم أنها متحضرة، وديمقراطية، وراعية حقوق الإنسان، وإذا دافع الشعب الفلسطيني الضعيف – الذي لا يملك إلا ثقته بربه وقضيته وشجاعته- عن نفسه قامت الدنيا ولم تقعد، وتساقطت وتطايرت التنديدات والاتهامات من كل مكان..
ستتحمل أمريكا وأوربا نصيبا كبيرا من أوزار “إسرائيل” التي أزهقت آلاف الأرواح البريئة في فلسطين، كما سيتحمل “حكام العرب” الوزر الأكبر بسبب سكوتهم المخزي، وسكونهم المريب، في الوقت الذي يجب أن يتحركوا فيه لنصرة المستضعفين من إخوانهم الفلسطينيين الذين لم يجدوا لهم ناصرا إلا الله عز وجل…
تعشق إسرائيل ارتكاب الجرائم أيام تكون أنظار العالم موجهة نحو أحداث أخرى حتى وإن كانت تافهة، ولكن ليست المشكلة في ذكاء الصهاينة الإبليسي، ولا في قساوتهم المعهودة والمشهودة، بل المشكلة، كل المشكلة، تبقى في تعامل العرب والمسلمين مع الحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة بكل برودة، وكأن الأمر لا يعنيهم، إلى أن أضحى الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني من المسلمات العادية، حتى “التنديد” الذي كنا نسمعه لم يعد موجودا، وإن وجد من طرف الشعوب المنهوكة والمغلوبة على أمرها، كان مجرد فقاقيع سرعان ما تذهب في الهواء، وإن وُجدَ من طرف بعض المسؤولين العرب، فاحت من عباراتهم رائحة النفاق التي تزكم الأنوف..!
لقد ألقى الإمام الإبراهيمي في احتفال خطابي أقامته جمعية الأخوة الإسلامية كلمة بليغة عبّر فيها عن مشاعر المسلمين الذين يتحرقون أسًى على ما وصلت إليه حالة العالم الإسلامي وخاصة فلسطين جاء فيها ما يلي:
” إن معرفة كارثة فلسطين لا تعدو أن تكون أسئلة وأجوبة، فإن استطعنا أن نعرف الأجوبة استطعنا أن نعرف الداء ثم نعالجه…
أما السؤال الأول فهو: هل أضعنا فلسطين؟
الجواب: نعم.
السؤال الثاني: هل أعطيناها أم أخذوها منا؟
الجواب: أعطيناها نحن…
السؤال الثالث: هل يمكن استرجاعها؟
الجواب: يمكن استرجاعها…
ثم قال: بماذا أضعنا فلسطين؟
الجواب: أضعناها بالكلام.
فقد كان الشعراء ينظمون القصائد الطويلة العريضة في مديح العرب وتسفيل اليهود، والكتاب يكتبون، والساسة يصرحون، فبين النظم والتصريح والكتابة والخطابة ضاعت فلسطين”…ثم قال: “الرجل البطل يعمل كثيرا ولا يقول شيئا…”[آثار الإمام الإبراهيمي الجزء 4/ص 282].
يجب أن يتعلم الفلسطينيون أن “وحدتهم المقدسة” مصدر قوتهم وهي ثابت لا يمكن التنازل عنه تحت أي ترغيب أو ترهيب، فالآلة العسكرية الصهيونية الإجرامية الإرهابية لا تفرق في قتلها بين الفلسطينيين، وعليهم أن يعتمدوا على أنفسهم في خوض معركتهم ضد المحتلين الصهاينة ومن ساندهم وأن لا يتوكلوا إلا على الله لأن العرب في هذه المرحلة التي نعيشها غرقى وضعفاء إلى حد لم يصلوا إليه من قبل، والنصر صبر ساعة..!