المجاهد الشيخ الحسين مخازنية مسيرة رائدة في خدمة الجزائر و الإسلام

أ. سمير زمال */
يزخر تاريخ الجزائر المعاصر بشخصيات كان لها دور كبير في الحياة الثقافية والجهادية، ساهمت بشكل فعّال من خلال ممارسة رسالة التعليم والتوجيه من جهة وكذا الكفاح التحرري بالبندقية والكلمة من جهة أخرى، ومن تلكم النماذج الشيخ المجاهد الحسين مخازنية، وفيما بلي. محطات من حياته و نشاطه
المولد والنشأة
ولد الحسين بن الأخضر بن علي مخازنية بتاريخ 09 أفريل 1929م ببلدة الونزة الواقعة في منطقة تبسة (الجنوب القسنطيني)، وفي شهادته حول شيخه يقول الأستاذ صالح مكاحلية -إمام خطيب بمدينة تبسة وقد كان من تلاميذه ومقربيه – بأن الشيخ الحسين بدأ حفظ القرآن الكريم في مسقط رأسه ثم زاوية سي عبد الله الواقعة ببلدية مرسط المختلطة حيث تعلم مبادئ العلوم، لينتقل إلى مدينة قسنطينة فأتم القرآن الكريم حفظا جيدا ومجودا، سافر بعد ذلك إلى جامع الزيتونة بتونس طلبا للعلم الشرعي، فنهل من معين علمائها ومدرسيها مجموعة من العلوم الشرعية المتنوعة، ليختم دروسه بأول شهاداته: شهادة التحصيل ديسمبر 1951م وقد وافق ذلك شهر ربيع الثاني (أنظر الملحق رقم 01) ،كما تحصل أيضا على شهادة القراءات القرٱآنية جوان 1961م من تونس (أنظر االملحق رقم 03)
إلتحاقه بصفوف الثورة الجزائرية
يُعدّ الشيخ مخازنية الحسين من الرعيل الأول لثورة الفاتح نوفمبر حيث جُنّد في أوت 1955م (أنظر الملحق رقم 03) بالمكان يسمى بوسبعة في بيت المجاهد مكاحلية بوعافية تحت قيادة الشهيد جبار عمر رحمهم الله حسب ما ذكره الشيخ صالح مكاحلية، لتبدأ مسيرته الجهادية مع إخوانه المجاهدين متخذا سلاحي البندقية والكلمة المؤثرة، فبالإضافة إلى كونه مجاهدا فقد تم تعيينه قاضيا ومفتيا وكذا إماما يصلي بالمجاهدين أينما حلٌ وارتحل، فكان صاحب رأي ومشهورة وكلمة مسموعة في صفوف المجاهدين وحتى القادة.
يضيف محدثنا عن شيخه بأنه ذات يوم خلال معركة ضد جيش العدو الذي استخدم القنابل التي كان يلقيها من الطائرات فأصيب الشيخ الحسين في ذراعه إصابة بليغة عالجه على إثرها الشيخ الطيب باشا رحمه الله – وقد توفي السنة الماضية لعلنا نكتب عنه ما تيسر فهو صاحب تاريخ علمي وجهادي يستحق التخليد – هذا هو الشيخ المجاهد الحسين مخازنية خادم القرآن ومعلم الخير وحامل راية الجهاد حتى تحقق المراد.
ممن رافقهم الشيخ وكانوا معه: بوعلاق السبتي المعروف باسم حشاني من أولاد صالح كذلك العياشي بوخملة وخليل عشي، عبد المجيد بوقفة وعبد الواحد بوجابر والهادي بوذراع… محمود ڨنز المسؤول والقيادي في الثورة.
وقد انتقل في أواخر الثورة إلى تونس-عين عناق- حيث عمل هناك في أجهزة الثورة وواصل تحصيل العلم أيضا، إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية 1962م، ليعود مباشرة إلى الجزائر وتحديدا إلى مسقط رأسه تبسة.
نشاطه بعد الإستقلال
عاد الشيخ الحسين مخازنية إلى بلده وكانت العودة عن طريق بلدية الكويف مع المجاهدين رفقة الضابط عمارة عزري.
وبحكم عمله في صفوف جيش التحرير قاضيا وإماما اقترح عليه محمود ڨنز أن يختار مسجدا لإمامة الناس فيه، فأختار مسقط رأسه «مسجد الفتح بمدينة الونزة»، تم ترسيمه كإمام رسمي بتاريخ 05 نوفمبر1964م (أنظر الملحق 03)، يذكر محدثنا أنه كان يداوم الصلاة خلفه لجميل تلاوته وجودة خطبه و دروسه في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، يذكر الكثير ممن عاصروه أنه كان صاحب نشاط، فقد كان داعيا لله معلما مرشدا محبا لوطنه وجميع الجزائريين والمسلمين، يصلح بين الناس كلهم يصفه تلميذه صالح مكاحلية بأنه: «مقبول في طرحه بين فئات المؤمنين وقد حضرت معه في المناسبات لا يرد له طرح أبدا وعندما يحضر الشيخ كل الفئات ترضى بحضوره ورأيه لاشك في ذلك الشيخ يواسي كل الناس يجلس معهم وأحيانا يجلس الأيام والأيام يعظ ويرشد ويجيب على الأسئلة الدينية والفقهية وهذا ماجعل الشيخ محبوبا جدا في وسط الـمجتمع ومعروفا بين الكل..». بجميل أخلاقه وتواضعه.
كانت له جلسات ولقاءات ونشاطات مع رجالات العلم الجزائريين في زمانه الشيوخ أحمد حماني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ٱآنذاك وعبد الرحمان شيبان والذي أجازه بشهادة الكفاءة في الخطابة سنة 1984م وعلي المغربي أحد قادة جمعية العلماء رحمهم الله، ومن أصدقائه وجلسائه الشيخان علي هوام والحبيب فارس رحم الله الجميع، وبعد حياة عامرة وحافلة بالجهاد والدعوة والكفاح والعلم وافته المنية سنة 2007 م.
عليه رحمة الله وجزاه عن الجزائر والإسلام خير الجزاء.
* ماستر تاريخ الجزائر المعاصر جامعة العربي التبسي – تبسة.