شؤون تربوية

العلاج النفسي مطلب شرعي وضرورة اجتماعية

أ.د. زبيدة الطيب/

تتكاثر جرائم القتل والذبح والتعنيف والاغتصاب، وقطع الأرحام والاعتداء عليها في المجتمع الجزائري بصورة غير مسبوقة؛ وهي جرائم طالت الأرحام والجيران والأصدقاء، ولم تستثن شريحة من شرائح المجتمع ولم تنحصر في بيئة اجتماعية معينة، ولا في مستوى تعليمي دون آخر؛ ويكون الفاعل في أغلب الأوقات يعاني من اضطرابات نفسية، بحسب ما تنتهي إليه جل التحقيقات والتقارير الإخبارية.
والاضطرابات النفسية؛ هي حالة تتكون بفعل أسباب وعوامل اجتماعية؛ تتعلق بالوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ، وأسباب وعوامل تربوية تتدخل فيها طرق التربية والعنف الأسري، وعوامل سياسية ناتجة عن القمع وكبت الحريات والاستبداد. كما تتكون بفعل أسباب وراثية وبيولوجية أيضا، بحسب ما يؤكده المختصون، ويكون فيها الشخص عرضة للإجهاد والاكتئاب والفصام والقلق واضطراب المزاج؛ وتعقد العلاقات مع الأسرة ومع المحيط؛ يفضي إلى انفعالات حادة وجرائم واعتداءات نسمع عنها باستمرار وتتداولها الأخبار يوميا.
إن الاضطرابات النفسية، بهذا المعنى، هي مرض له علاج وأدوية ومختصون؛ وظيفتهم الأولى والأساسية هي وقاية المجتمع منها ومحاصرتها، والاسهام في التضييق على أسبابها وأثرها المدمر في الواقع على المريض ومحيطه، ومن ثمة توفير وضمان الصحة النفسية للفرد. وهي (أي الاضطرابات النفسية) لا تعني فقدان العقل أو الجنون؛ لكن تأثيرها على الفرد والمجتمع مدمر، كما سبقت الإشارة إليه، وهو ما يبقى عصيا على تفهم الكثير من الناس في المجتمع الجزائري، سواء كان المريض نفسه أو محيطه وعائلته، ومن ثمة عصيا على تقبل الاعتراف به، وقبول العلاج والإقبال على الطبيب النفسي أو زيارة عيادة الطب النفسي.
وهنا يأتي دور الناحية الشرعية في التأثير على المزاج العام للأفراد والمجتمع في الاتجاه؛ الذي يُقبل فيه الناس على نسج علاقة إيجابية مع الطبيب النفسي، ومن ثمة الذهاب نحو توطيدها ليصير الاهتمام بالصحة النفسية والسعي إلى ترقيتها ثقافة الفرد والمجتمع؛ من منطلق كونها أحد المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية. ومن جهة ثانية؛ كون الدين رافدا مهما وحيويا للعلاج النفسي؛ نظرا لما يستبطنه من مضامين وعناصر تحويلية قادرة على صناعة الاستقرار النفسي خاصة في بعده العقدي، ما يعني حتمية وضرورة التكامل بين العقيدة وعلم النفس؛ على مستوى الخطاب والممارسة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com