تاريخ الإسراء والمعراج وأهم العبر المستفادة منهما

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/
الفتوى رقم:747
الســــــــــــؤال
قال السائل: ما هو تاريخ حادثة الإسراء والمعراج، وما هي المراجع التي نجد فيها حقائق وأخبار وحوادث الإسراء والمعراج؟ وأرجو من الشيخ بيان أهم العبر المستفادة من حادثة الإسراء والمعراج؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: متى كانت حادثة الإسراء والمعراج؟ حادثة الإسراء والمعراج من موضوعات السيرة النبوية، لخاتم النبيين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. وحوادث السيرة تؤخذ من القرآن أو الحديث. وقد جرت حادثة الإسراء والمعراج في آخر السنة الحادية عشرة للبعثة، بسنة ونصف، قبل الهجرة النبوية، لِمَا يوافق:621م، وكان عُمُرُ النبي عليه الصلاة والسلام، إحدى وخمسين سنة (51 سنة). والراجح أن الرحلة كانت في شهر رجب، وعامة المسلمين يعتقدون أنها ليلة السابع والعشرين من رجب، ولم يثبت ذلك بالتحقيق، ولكنه معتبر. وحادثة الإسراء والمعراج من الآيات الكبرى في حياة خاتم النبيين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. والإسراء ثابت في القرآن الكريم. في سورة الإسراء. والمعراج ثابت في الحديث النبوي الشريف في الصحيحين: صحيح البخاري ومسلم. ففي القرآن: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى…﴾ وفي الحديث. قال النبي عليه الصلاة والسلام، في حديث طويل: [..فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا… ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ… حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَى..] (البخاري: 349) والله تعالى اعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: ذكرى ليلة الإسراء والمعراج وما يستفاد منها من العبر: كانت الظروف التي مرت بالنبي عليه الصلاة والسلام، وصحابته، قبل حادثة الإسراء والمعراج، لا تقل حزنا ولا خطرا ولا شدة ولا تحديات، عن واقع الأمة الإسلامية اليوم سنة:1446هـ. وقد ثبت النبي صلى الله عليه وسلم فصبر وصابر، أمام تلك الشدائد، فلم يستسلم لمساومة المشركين وكانوا ذوي شوكة متسلطة على مكة وما جاورها، ولم ينهزم أمام الضعف والأحزان، عندما تنكر له الناس، وعندما خذله أهل الطائف يومها. وبذلك الثبات، قد عبر عن أعظم بطولة نفسية في التاريخ البشري، بما ورد في الأثر في ذلك الدعاء الإيماني الرائع. [اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ…] والعبرة أيها السائل: فعلى الشعوب العربية خاصة، والإسلامية عامة، أن تعتبر بمواقف السيرة النبوية في تلك الظروف التي مرت بالنبي عليه الصلاة والسلام. فلم يلجأ النبي عليه الصلاة والسلام إلى استرضاء المشركين ولا إلى اليهود، ولا إلى النصارى. فاعتصم بالله سبحانه.
1 ـ لأن من يعتصم بالله، ويتوكل عليه حق التوكل، ويتبع الأسباب، فإنه ينتصر ولا ينهزم أمام الكافرين مهما كانت قوتهم.
2 ـ ونستفيد من موقف النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لا ينفع ابتغاء العزة عند الكافرين فإنهم لن يغنوا من توسل بهم.
3 ـ كما لا ينفع التطبيع مع الكافرين، ولا تنفع المداهنة معهم، ولا قبول الدنية في الدين، ولا في الأرض، ولا في العرض، ولا في المال.
4 ـ عندما تَنَكَّر الناس لدعوة النبي، وخذله من خذله، استجاب الله دعاءه وكَرَّمَه بالإسراء والمعراج، والفائدة هنا أنه من يلجأ إلى الله يحفظه وينصره. 5 ـ وإذا كانت الأرض كلها ضاقت بما رحبت، وأبواب الترحيب به قد أغلقت، فإن لله آلاف الأبواب، ففتح لنبيه أبواب السماء. هذه هي العبرة بموقف الرسول عليه الصلاة والسلام، من ظروف النوازل التي سبقت حادثة الإسراء والمعراج. والله تعالى اعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: من نتائج الإسراء والمعراج، والتكريم لخاتم النبيين عليه الصلاة والسلام:
1 ـ آية تسليم راية الإمامة النبوية من طرف كل الرسل عليهم الصلاة والسلام، بعدما صلى بهم إماما في بيت المقدس، فآلت القيادة النبوية الرسالية لخاتم النبيين.
2 ـ ضَمُّ بيت المقدس وما فيها من المسجد الأقصى إلى مكة والمسجد الحرام، وبذلك أصبح للعالم الإسلامي ثلاث عواصم، (مدن عالمية) لكل المسلمين: مكة، والمدينة، والقدس.
3 ـ أنه بعد الإسراء والمعراج كل مؤمن على الأرض يقيم الدين، وجب عليه أن يصلي بطريقة صلاة خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام. قال الله تعالى: ﴿{فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }البقرة137﴾.