متابعات وتغطيات

إضراب التلاميذ: الواقع و الحلول

أ . الأخضر رحموني/

يشهد قطاع التربية والتعليم منذ الأسبوع الماضي تداعيات إضرابات على أكثر من صعيد، كانت محل تعاليق في وسائل الإعلام المختلفة، وفي منصات التواصل الاجتماعي بسبب ما خلفته من ردود أفعال متباينة، منها وقوف موظفي الأسرة التربوية من الأسلاك المشتركة في احتجاج سلمي أمام مقرات الولاية ومديريات التربية على المستوى الوطني لإبلاغ انشغالاتهم بهدف إنصافهم في القانون الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية المعلن عنه مؤخرا، وخروج تلاميذ الثانويات إلى الشوارع مرددين شعارات مطالبة بالتقليل من البرنامج الدراسي، وما حدث بعدها بخروج فرق محاربة الشغب لتفريق مسيرات التلاميذ وملاحقتهم بين الأحياء السكنية وفي الشوارع من أجل الحفاظ على الأمن العام.صور الكر والفر لا يحبذ مشاهدتها أي إنسان عاقل، وتعتبر سلوكا سلبيا وسط المجتمع، ورسالة تعكس خطورة الوضعية الحالية التي قد يتخذها أعداء الوطن في الداخل والخارج فرصة سانحة وحجة لتشويه سمعة الجزائر، ونشر الفوضى والطعن في المكتسبات المحققة، السعي منها إدخال الجزائر في دوامة الاحتجاجات الاجتماعية والتغيير، خاصة وأن الوضع الجيوستراتيجي معقد ومعادٍ جداً لوحدة بلدنا، لهذا يجب على الوصاية التدخل الفوري من أجل البحث عن الحلول الناجعة قبل انتقال الفوضى من مستوى الثانويات إلى المتوسطات تفاديا إلى ما لا تحمد عقباه، ولأن الحل الفعال ومعالجة النقائص لا يكون عن طريق القوة، بل عن طريق الحوار الجاد، والمطالبة بإصلاح المناهج والبرامج التربوية منها كثافة المقررات التربوية، والحشو في البرنامج الدراسي الرسمي بموضوعات وحجم معرفي أكبر من العمر الزمني والعقلي للتلاميذ، وظاهرة الاكتظاظ في الأقسام التي لا تتماشى مع جودة التعليم واكتساب المعرفة في جميع الأطوار، بمشاركة أهل الاختصاص، وحتى الاستفادة من تجارب وخبرات رجال القطاع الأكفاء و منهم المحالون على التقاعد إذا اقتضى الأمر قبل أن تفقد المدرسة العمومية وظيفتها الرسمية، زيادة على مراجعة نقائص القانون الأساسي الجديد رغم المكتسبات الهامة التي حملها، وتفادي إقصاء شريحة واسعة من أسلاك القطاع من بينهم فئة الأسلاك المشتركة و العمال المهنيين والمشرفين التربويين والمقتصدين والمديرين بالمؤسسات التربوية، ومحاولة توعية وإفهام هذه الشريحة من العمال بأنها تخضع إلى النظام الخاص بالأسلاك المشتركة المطبق في قانون الوظيف العمومي، وطرق توظيف المعلمين وتكوينهم، مع توقف المنشورات على صفحات التواصل الاجتماعي المحرضة على زملائهم في سلك التعليم حول ظاهرة الدروس الخصوصية التي تعتبر من طرف الأولياء – خاصة الأمهات- بديلا عن برنامج المنظومة التربوية من أجل تحقيق نتائج إيجابية لأبنائهم في دروسهم رغم الأعباء المالية والمستحقات الممنوحة للمدرسين، هذه الظاهرة كانت سابقا لا يهتم بها إلا تلاميذ أقسام الامتحانات الرسمية مثل البكالوريا والمتوسط، وللآسف الشديد أصبحت حاليا خاصة بجميع الأطوار الدراسية، لأن الأستاذ مقيد بتطبيق واحترام البرنامج المقرر من طرف وزارة التربية وتدريس مقرراته الكثيفة والمرهقة على الجميع، أما في الدروس الخصوصية فهو حر في تقديم ما يراه مناسبا، يركز خاصة على ما هو مفيد للمتعلم، وما يحتاجه مباشرة في الامتحانات الرسمية مع تقديم نماذج من الامتحانات السابقة حسب تعليل الكثير،لهذا يجب تقنين عملية الدروس الخصوصية أو الدعم شريطة أن يكون التعليم في مؤسسات عمومية أو مدارس خاصة تحترم فيها مواد دفتر الشروط الخاص بفتحها بالتنسيق مع وزارة التجارة.
وعلى جمعيات أولياء التلاميذ وفيدرالية أولياء التلاميذ تحمل مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية بالتدخل الفوري لتوقيف هذه الحركة الاحتجاجية، والدعوة إلى العودة السلسلة لمقاعد الدراسة بمرافقة أبنائهم إلى غاية دخولهم إلى المؤسسات التربوية وحثهم على البقاء بها بهدف استقرار قطاع التربية والتعليم، بمساهمة وتجنيد جمعيات المجتمع المدني. وعلى الأجهزة الأمنية المختصة التدخل الفوري لفتح تحقيق معمق حول الأسباب المؤدية إلى انتشارها، و الكشف عمن ورائها من أطراف مقنعة في الصراع، وتفسير العبارات المرددة في المسيرات لأن الأمر يذكرنا بما حدث في ثمانينيات القرن الماضي حينما أخرج التلاميذ إلى الشارع مرددين شعار – التاريخ في المزبلة –
لاتخاذ كل إجراءات الردع والضرب من حديد لمن يخالف التعليمات الرسمية.
والأهم هو الدراسة المعمقة لهذه الظاهرة الغريبة وتحليلها من جميع الجوانب من طرف المختصين في المجال الاجتماعي والنفسي والتربوي لمعرفة الأسباب الحقيقية واستخلاص النتائج والحلول الضرورية لعدم تكرارها في مستقبل الأيام مع تقديم الاقتراحات لتطوير المنظومة التربوية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com