ملف

رجال صدقوا فنالوا شرف العلم والشهادة وائل محيي الدين الزرد

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/

رجل مميز من أهل غزة، ولد بتاريخ 1972م،جمع بين العلم والعمل، متحصل على شهادة الماجستير في علوم الحديث من جامعة غزة، وشهادة دكتوراه من جامعة عين شمس بمصر.
كان له تأثير اجتماعي كبير، فقد تميز بالعمل الدعوي المثمر، فأنشأ مركز: غزة تستحق الحياة، ومركز: هاتين لرعاية الأيتام، وكان مديرا لمركز: ملتقى الفضيلة النسائي. ورئيس مجلس إدارة: جمعية تيسير للزواج، وتحمل مسؤولية تزويج أمهات الأيتام وتحفيظ القرآن للفتيات، المشروع الذي أكملته زوجته وابنته بعده.
كانت حياة الزرد ثرية بالأعمال العلميةوالدعوية، فكان أستاذا محاضرا بعدة جامعات فلسطينية، ترك مجموعة كبيرة من المقالات والمحاضرات الهادفة، ومن كتبه: فكر الشهادة عند الأستاذ الدكتور الشهيد نزار ريان من خلال رسالته للماجستير، وهي بعنوان أحاديث الشهادة والشهيد. وكتاب: رحلتي مع الشيخ من البداية إلى الاستشهاد. وكتاب: مظاهر الجاهلية كما تصورها نصوص السنة النبوية، وكتاب الدعوة والداعية ….
كان يتأسف على عدم تنعمه بالصلاة في المسجد الأقصى رغم قرب المسافة وكان يؤكد أنه والمخلصون مثله، سيعملون إلى أن يتحرر المسجد الأقصى، وكان يبشر في مقالاته بقرب زوال الاحتلال؛ ففي مقاله : ثلاثةٌ ولهم رابع، والتحريرُ قريبٌ ، ذكر أربعة عناصر توفرت، تنبئ بقرب النصر وهي: أولا : تراكم القوة في غزة، إذ استطاعت المقاومة أن تطور أسلحتها وتستجمع قواها، والثاني: تنامي المقاومة في الضفة وانكشاف مخططات السلطة الفلسطينية في إيجاد جيل منسلخ من دينه متخل عن وطنه، فتنامت المقاومة فيها بشكل سريع وملاحظ، والثالث: انكشاف سوء التخطيط الأمني لدى السلطة الفلسطينية، وكونها تعمل لحماية الكيان الصهيوني والرابع: البأس الشديد في دولة الاحتلال، فتحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
وكان الزرد مرابطا في دفاعه عن وطنه، معجبا بحركة حماس ونشاطها المميز فتحدث في مقال عنونه بـ: حركة حماس ومطحنة العمل، عن رجالها الذين يتميزون بالنشاط الدائم والعمل الدؤوب يقول: قد منَّ الله عليَّ وصحبتُ بعضَ الشهداء فرأيتُ منهم عجبًا، يعملونَ في النهارِ وكأنهم سيموتونَ في الليل، ويعملونَ في الليلِ وكأنهُم لنْ يُصبحَ عليهمُ الصباح، حتى –بكل صراحةٍ- قد احتقرتُ عملِي ونفسِي أمامَ جهدِهم ونشاطِهم وعملِهم، وكنتُ أظنُّ أنَّ هذا الخُلق فقط لِمن سيلقَى اللهَ منهم شهيدًا، ولكنْ -واللهُ يشهدُ- رأيتُ من شبابِ وشيبِ حركةِ “حماس” من نذرَ نفسَه لله، ووهبَ حياتَه كلَّها لله، يقولُ عملُه عنْهُ [قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِين].
وحين وفاته أعلنت حماس استشهاده وأنه من قيادييها.
في كتاباته روح إسلامية نقية، توحي لك بأنه رجل قريب من الله، لأنه كان دائما يتوق إلى الشهادة ويتمناها، كان يثق في المقاومة إلى درجة كبيرة، ويرى أنهم ما داموا وعدوا وقالوا بالنصر فسوف ينتصرون، كل محاضراته ومقالاته كانت في الإصلاح والعمل للإسلام، وقبل وفاته بزمن يسير أرسل مجموعة من أعماله إلى القائمين على موقع : منار الإسلام، و كانت آخر رسائله والتي نشرها الموقع بتاريخ : 16 أكتوبر 2023 تحت عنوان: آخر ما كتب الشهيد الدكتور وائل الزرد: إخواني ربي يحفظكم جميعًا… سأرسل لكم مقاطع قصيرة جدًا، من تصوير وتسجيل اليوم، أنشروها لاحقًا تباعًا، وقد عجلتُ بإرسالها كلها لكم دفعة واحدة، خشية إدراك الشهادة، وهي أعظم الأمنيات…
وكل مقطع معه عنوانه…
• المقطع الأول: أبناء شعبنا اصبروا وصابروا
• المقطع الثاني: لا تحسبوا شهداءنا موتى
• المقطع الثالث: تحرير فلسطين شرف لا يعطى لخائن
• المقطع الرابع: النعيم لا يُدرك بالنعيم
• المقطع الخامس: هذا هو وجه الاحتلال الحقيقي
• المقطع السادس: لا زلنا في البداية”.
لقد كانت الشهادة أمنية له، وحين تلقى نبأ استشهاد ابنه براء، الذي استشهد قبل بداية حرب الإبادة، قال «50 سنة وأنا بعمل للشهادة ونفسي فيها لكن براء سبقني ونالها» وحين أخبرته ابنته بلسم أنها رأته في المنام شهيدا قال لها: يا ريت، إن شاء الله. وتحكي زوجته أنه رغم تماسكه أمامهم بعد استشهاد ابنه، كان يختلي بنفسه في قيام الليل، وكانت تسمعه يناجي ربه قائلا: «اللهم ألحقني بابني البراء شهيدًا ولا تأخذني إلا شهيدًا»
نال وائل الزرد الشهادة بعد قصف بيته بأربعة صواريخ من قبل الصهاينة، ومكوثه في العناية المركزة يومين، وكان ذلك بتاريخ : 16/10/2023م. رحمه الله وأسكنه الجنان .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com