ملف

كيف انتصر طوفان الاقصى

أ. عادل بن جغلولي/

كل العالم تابع أحداث طوفان الأقصى منذ 07 من أكتوبر الى يومنا هذا ، وكلنا شاهدنا ورأينا حجم الثمن الباهظ الذي دفعه اخواننا الفلسطينيون من قتل وتشريد و مجازر و دمار لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثلا
فماذا حقق طوفان الأقصى إذن؟
لقد خاض اخواننا في فلسطين هذه الملحمة وهم يدركون حجم الثمن الذي سيدفعونه، خاضوها كحتمية لا تتجزأ واعدوا لها في ظل واقع حرج جدا مرت به القضية الفلسطينية، ولعلنا نسوق جملة من سياقات أحداث 07 أكتوبر نذكر منها:
-1 على الصعيد العالمي
* لم تعد القضية الفلسطينية من اهتمامات العالم واصبحت على هامش القضايا العالمية،
تقادم هذه القضية دفع باغلب دول العالم الى اعتبارها قضية اسرائلية داخلية
* تسابق الدول العربية الى الاعتراف بدولة الكيان « موجة التطبيع»
* اغلب شعوب المعمورة وخاصة الغربية منها لايكاد يسمع بهذه القضية الا وفقا للبروباغندا الصهيونية التي عمل عليها الكيان منذ نشأته ( حق الأرض، دولة السلام، دولة الحريات، اعتبار أصحاب الأرض عنصريين لا يقبلون بهذه الدولة المسالمة.!!…)
2- على الصعيد الداخلي
* تولي اليمين المتطرف زمام الحكم في الكيان في سابقة منذ نشأة هذا الكيان
* زيادة الاعتداء على المسجد الاقصى خاصة بعدما تسلم الحكومة اليمين المتطرف
* الإعلان عن تهويد القدس الشريف (خرافة البقرة الحمراء..
* تنامي الاستيطان بشكل مطرد
* زيادة التضييق على غزة وحصارها وخنقها عام بعد عام
* استعداد الحكومة الصهيونية لشن حرب على غزة بعد عيد الفصح (انظر ما تحدث به اعلامهم)…
كل هذه الأسباب وغيرها دفع بقيادة المقاومة إلى اتخاذ خطة استباقية قبل إن يخوض العدو المعركة التى كان مخططا لها لترغمه على خوضها بارتباك ، فكان هجوم 07 من اكتوبر حيث كسر هولاء الفئة القليلة هيبة الجيش الذي كان يدعي أنه لا يهزم مرغوا انفه في التراب وخاضوا معه معركة لعبت ورقة الرهائن كأقوى ورقة يمكن ان ترغمه على الرضوخ واعتمدوا بعد الله على الاستبسال في دفعه …
بعد هذا الهجوم البطولي شن هذا الكيان المجرم كما كان متوقعا هجوما على القطاع وقد دعمته كل الدول الكبرى العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة ، دعما غير مسبوق بالسلاح والاستخبارات وبآخر تكنولوجيا التجسس وقد رفعوا مع النتن ثلاثة أهداف
– القضاء على المقاومة
– استعادة الرهائن بالقوة
– انهاء حكم حماس على القطاع
وبعد 15 شهرا من هذه المعركة الدامية لم يحقق هذا الكيان شيئا من اهدافه فالمقاومة لا تزال تكبد جيشه الخسائر تلو الاخرى ، ولم يستطع ارجاع ولو رهينة واحدة ، ورضخ اخير ا لطاولة المفاوضات مع الذي ادعى انه سيقضي عليها وعلى حكمها…
هذا على صعيد المعركة فخطة الترحيل سقطت وخطة الجنرالات سقطت وخطة التهجير إلى سيناء سقطت وإعلان عدم الانسحاب من محورنتساريم و فيلادلفيا سقطت وسنحرر جميع «المختطفين بالقوة» سقطت وسنقضي على حماس سقطت وسنقضي على المقاومة سقطت …
أماعلى صعيد الوعي وصناعة الرأي العام بالنسبة للقضية الفلسطينة فقد تحقق ما يلي :
– لقد عمل الكيان منذ نشأته على تسويق ادعاءات خصص لها دعاية ضخمة على شكل بروباغندا لمغالطة شعوب العالم كالحق في الارض ، ودولة السلام والديمقراطية و التعايش ،والجيش الذي لا يقهر… كل هذه البروباغدا التى عمل الاحتلال على تسويقها فضحها طوفان الاقصى فظهر للعالم الغربي واقصد الشعوب أن دولة السلام ماهي الا عصابات عنصرية متعطشة للدماء وان فكرة التعايش ماهي الا خدعة وان الجيش الذي لا يقهر قد مرغ انفه فئة قليلة متشبثة بأرضها كشجر الزيتون ..
ان تغيير الرأي العام وصناعته ليس بالأمر الهين فقد انفق فيه الكيان الوقت والجهد والمال وانظر إلى تصريحات قادته (لابيد، باراك…) فقد صرحوا بان نتن ياهو قد افسد على إسرائيل ما بنته طيلة 70سنة ولمن يستهين في أمر صناعة الرأي العام فليقرأ كم انفق هتلر من أموال في الدعاية لإقناع الالمان بالحرب العالمية الثانية، قد يقول البعض وما ينفع الرأي العام الغربي فأقول: إن تغيير السياسات يبدأ بتغيير القناعات وانتشار الوعي أولى خطوات التحولات وهل كان يخطر ببال أحد ان رأس الكيان ووزير دفاعه وجنوده وضباطه مطالبون في المحاكم الدولية كمجرمي حرب ، ومن كان يظن ان شعوب أمريكا وأوربا كلها تنتفض على قلب رجل واحد لإيقاف الحرب وإدانة الإجرام الصهيوني، ولولا طوفان الاقصى لما عرف العالم أن:
– أن إسرائيل ليست بدولة وانما كيان عنصري مجرم
– أن جيشه الذي ادعى انه لايهزم ظهر ضعيفا أمام صلابة وجأش المقاومة وقد أذاقوه الجحيم ولم يحقق شيئا إلا الإجرام في حق المستضعفين من النساء والصبيان ولولا انهزامه عسكريا لما رضخ لطاولة الحوار
– إن القضية الفلسطينية التى كادت ان تغيب عن اجندات العالم قد بعثت من جديد وأصبح حل الدولتين كحل مؤقت مطروحا بقوة من طرف امريكا والغرب ، عموما اصبحت القضية الفلسطينية تطرح كقضية عادلة..
هذه بعض من نتائج معركة الطوفان ولولا الاطالة لسقت ما صرح به اعلامهم وسياسيوهم ومفكروهم وهم يعترفون بالهزيمة أمام حماس
فعلا لقد دفع اخواننا في غزة ثمنا غاليا وكم كانت قلوبنا تتقطع لحالهم ومصابهم لكن في كل الحروب تقاس نتائج الحروب بأهدافها ، ولا تخلو حرب عبر التاريخ من اثمان تدفع اولها الانفس والاموال والممتلكات فلا يتصور حرب بدون هذه التكاليف لذلك تكرهها الانفس «كتب عليكم القتال وهو كره لكم..» الاية، وإذا كان الانتصار يقاس بالخسائر في الارواح والممتلكات لكانت فرنسا منتصرة في الجزائر وأمريكا قد انتصرت في الفيتنام وأفغانستان..
ولنتأمل أخيرا سورة الاخدود كيف خلد الله انتصار الغلام وقومه على الملك الجبار الطاغية رغم قتل الغلام وحرق الناس في الاخاديد لكن في نهاية الامر انتصرت الفكرة والاعتقاد وساد الوعي وانكسر جدار الخوف ولم يعد الملك يعبد من دون الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com