شباب ميديا

قصة نجاح/ البروفيسور نضال قسوم: رحلة عالم جزائري إلى النجوم من الجزائر إلى ناسا..

إعداد: عبد الغني بلاش/

في عالم الفيزياء الفلكية، حيث تلتقي الرياضيات المعقدة بالمجرات البعيدة، يبرز اسم البروفيسور نضال قسوم كواحد من العلماء الجزائريين الذين صنعوا فرقًا في هذا المجال. ليس فقط بإنجازاته البحثية، بل برؤيته التنويرية التي تجمع بين العلم والدين، سعيًا لتبديد الخرافات وتقديم فهم صحيح للكون. وُلِد نضال قسوم في عائلة علمية جزائرية، حيث كان والده الشيخ عبد الرزاق قسوم، أحد أبرز علماء الجزائر، مما جعله ينشأ في بيئة ثرية ثقافيًا ومعرفيًا. هذه النشأة المميزة زرعت فيه حب العلم منذ الصغر، حيث كان مفتونًا بالكهرباء والفيزياء والكيمياء.

البداية … التفوق الأكاديمي والسعي وراء المعرفة
أكمل دراسته في الجزائر، حيث حصل على شهادة الدراسات العليا في الفيزياء من جامعة هواري بومدين، متخصصًا في الفيزياء النظرية. لكن طموحه لم يكن ليقف عند هذا الحد. فبعد حصوله على منحة دراسية من وزارة التعليم العالي الجزائرية، قرر أن يخوض مغامرة علمية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان اختياره مقصودًا، إذ رأى أن الجامعات الأمريكية هي قمة العلم، حيث تُنتج أغلب الاكتشافات العلمية المهمة.

الانتقال إلى أمريكا.. مغامرة في سان دييغو
في جامعة سان دييغو بكاليفورنيا، بدأ مشواره نحو الماجستير والدكتوراه. في البداية، كان تركيزه على فيزياء الجسيمات الأولية، لكن بالصدفة، اكتشف عالم الفيزياء الفلكية، وانجذب إليه بشدة. وجد فيه تطبيقات مذهلة للفيزياء النظرية، وقرر أن يخصص بحثه للدكتوراه في هذا المجال.

الطريق إلى ناسا.. أول جزائري في وكالة الفضاء الأمريكية
بعد إكمال الدكتوراه، نصحه مشرفه بضرورة إجراء أبحاث ما بعد الدكتوراه (Post-Doc)، وهو تقليد أكاديمي يسمح للعلماء بتطوير خبراتهم البحثية. وهنا، تقدم نضال قسوم إلى عدة مراكز بحثية، وكان أحدها وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا». لم تمضِ أيام قليلة حتى تلقى رسالة قبول، ليصبح أحد أوائل الباحثين الجزائريين في ناسا، وهي محطة مفصلية في مسيرته العلمية.

العمل في ناسا …أبحاث رائدة في فيزياء الفلك
في مركز الأبحاث التابع لناسا، عمل نضال قسوم على دراسة الإشعاعات الكونية وتأثيراتها، وتحديد مصادر الأشعة القادمة من المجرات البعيدة. كما كان جزءًا من فرق بحثية تعمل على فهم التفاعلات النووية داخل النجوم، وتأثير الثقوب السوداء على محيطها.
لكن أكثر ما أثّر فيه خلال تجربته في ناسا، لم يكن فقط البحث العلمي، بل البيئة العلمية المتواضعة والمنفتحة، حيث لا فرق بين العلماء مهما كانت جنسياتهم، فجميعهم يجتمعون تحت مظلة العلم.

العودة إلى الجزائر… قرار شجاع في ظروف صعبة
بعد سنوات من البحث في ناسا، اتخذ نضال قسوم قرارًا غير متوقع، وهو العودة إلى الجزائر، في وقت كانت البلاد تمر بظروف صعبة خلال التسعينيات. لم يكن هذا القرار بدافع اقتصادي، بل بدافع وطني، حيث أراد المساهمة في تطوير البحث العلمي في بلده الأم.
لكن الظروف الأمنية لم تكن مشجعة، فبعد أربع سنوات في الجزائر، اضطر إلى المغادرة بسبب المخاطر الأمنية، وانتقل إلى الكويت لفترة، ثم استقر في الإمارات العربية المتحدة، حيث عمل أستاذًا جامعيًا في الفيزياء الفلكية.

العلم والدين… السعي إلى التوافق بين العقل والإيمان
بالإضافة إلى أبحاثه العلمية، اشتهر نضال قسوم بجهوده في الجمع بين العلم والدين، حيث يؤكد أن العلم لا يتعارض مع الإيمان، بل يكمله. فهو يرى أن الكون بنظامه الدقيق يشير إلى وجود خالق عظيم، وأن العديد من المفاهيم العلمية يمكن فهمها من خلال نصوص دينية إذا تم تفسيرها بعقلية منفتحة.
في هذا السياق، خاض نقاشات كثيرة حول قضايا مثل بداية الكون، نظرية التطور، دوران الأرض، الحياة خارج كوكب الأرض، وسعى لتوضيح الحقائق العلمية بأسلوب بسيط بعيد عن التعقيد، مخاطبًا العقول المتفتحة التي تسعى لفهم الكون بعيدًا عن الخرافات والأساطير.

مواصلة المشوار… نشر العلم وإلهام الأجيال
اليوم، يواصل نضال قسوم عمله كأستاذ وباحث، كما يساهم في نشر الثقافة العلمية في العالم العربي، سواء من خلال المحاضرات، المقالات، أو البرامج الإعلامية. يؤمن بأن العلم هو السبيل الوحيد لتقدم الأمم، وأن على المجتمعات العربية أن تستثمر في البحث العلمي كما تفعل الدول المتقدمة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com