في رحاب الشريعة

حفظ كيان الإسلام والمسلمين بحفظ المبادئ الثابتة في الكتاب المبين

أ. محمد مكركب/

أوصي نفسي أولا، وكل الأمة الإسلامية، بالانتباه واليقظة والحذر، مما يدبر في السِّرِّ والعلن، من المكائد والدسائس، ضد الإسلام والمسلمين، من طرف الكافرين،. وللتحذير من هذا الخطر، كانت هذه الوصية بوجوب العمل بالمبادئ السبعة، التي تعتبر العواصم الضامنة لحفظ كيان الإسلام والمسلمين. لقد أجمع الكافرون أمرهم على محاربة الإسلام، وانضم إليهم من يُسمون بأهل الكتاب، من اليهود والنصارى، ومن تبعهم من الملل الفاسدة، والفرق والطوائف الحاقدة. واشتدت شوكة الكفر أكثر في هذه العقود الأخيرة، وعقدوا العزم على الإطاحة بكيان المسلمين، وإخماد نور الدعوة الإسلامية، وإيقاف شعائر الإسلام، وهم يعملون على محاربة الدين، وتدمير الأسرة وإفساد الأخلاق. فما هو المطلوب منا؟ فالمطلوب منا الثبات على ما تركنا عليه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، والمتمثل في هذه المبادئ السبعة:
أولا: حفظ الإيمان بكل الأصول الواردة في القرآن: ومنه الثبات على الصيغة الواردة عن النبي بخصوص الشهادتين. وهي: [أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله] نعلمها لكل أولادنا، ولكل من نلقاهم، عملا بالحديث: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُفْلِحُوا] (أحمد:19004) وقوله لمعاذ:[إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ] (مسلم:29/19) ونعلم أولادنا حديث جبريل عليه السلام.
ثانيا: حفظ القرآن الكريم من التحريف: من التحريف اللغوي، والحذر من التفسير الشاذ، وترك التأويل المخرج عن صريح المعاني، والمخالف للدلالات المجمع عليها.
ثالثا: حفظ أركان الإسلام ومنه الصلاة: إن مصير الأمة الإسلامية مرهون بإقامة دينها، ومنه كل فرائض الإسلام، ومنها: الصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة، والاهتمام بالْجُمَعِ والأعياد. أن نحرص على تعليم أولادنا القرآن والسيرة النبوية، والصلاة ثم الصلاة.
رابعا: حفظ الأسرة بكل ضوابطها ومنه حفظ النسب: وذلك بحفظ أركان عقد الزواج، واتباع السنن التي سنها النبي عليه الصلاة والسلام، وحفظ العفة والعفاف للأخت المسلمة، فَنُعَلِّمُ بناتنا ونغرس فيهن حب القرآن، ونفقههن على أن لا تتزوج المسلمة غير المسلم أبدا. وأن لا يتزوج المسلم غير المسلمة. عاملين بهذا البيان: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (البقرة:221)
خامسا: حفظ الأخلاق ومنه بر الوالدين واحترام العلماء. ففي القرآن الكريم: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ إذ أن الكافرين يريدون أن يفرقوا بين الوالدين والأولاد لتهجين المجتمعات، باختلاط الأنساب، وذلك بجعل الأولاد يتمردون على آبائهم ومعلميهم وعلمائهم، ففي البداية يصنعون للمراهقين مشايخ تُطْرَقُ وراءهم الأقدامُ، ثم عندما يُتعصب لهم، يحيكون بينهم مشاحنات وخلافات، لينفروا الجميع من الجميع.
سادسا: حفظ الأصول الدينية، واجتناب المسائل الخلافية: ومن الأصول الكبرى: المحافظة على كيان المسجد، والصلوات المكتوبة، ومنها: صلاة الجمعة، والصلوات المسنونة، ومنها: صلاة العيدين، ومن الأصول الكبرى: مناسك الحج كلها، كما هي التي عليها المسلمون، وتحفيظ القرآن بالقراءات المتواترة، وحفظ الأحاديث النبوية، المجمع على صحة روايتها، ودراسة السيرة النبوية كما هي في المراجع المتفق عليها.
سابعا: الثبات على أخوة المسلمين في العالم، واجتناب كل عداوة يوقدها أعداء الإسلام: أيها المسلم حيثما كنتَ، أيتها المسلمة حيثما كنتِ. أيها المسلمون إن ما أمر الله سبحانه باجتماعه واتحاده وتعاونه، لا يُعْقَلُ أن يفرقه الشيطان بنزغه ووسوسته ودسائسه. لقد أمر الله عز وجل بمبدأ الأخوة، والولاء، وإصلاح ذات البين. فقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ الأخ الجزائري والمغربي والتونسي وكل مسلم في العالم هم إخوة، وكل أبناء وبنات الشعوب المسلمة هم إخوة، فاحذروا تحريش الشيطان يا أهل الإيمان.
ففي كتاب الشريعة للآجري، (111) وفي المعجم الكبير للطبراني.7659): [ذروا المراء، فإن الشيطان قد يئس أن يعبد، ولكنه قد رضي منكم بالتحريش، وهو المراء] وعن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: [إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون، ولكن بالتحريش بينهم] (مسند أبي يعلى الموصلي:2294) أيها المسلمون كفاكم استجابة لتحريش الشيطان، الذي فرق بينكم وشتت شملكم وباعد بينكم، واستطاع لغبائكم وغفلتكم أن يشعل فتن العداوة بين كل الشعوب، حتى تقاتل المسلمون تقاتل الأعداء، وتفرقوا تفرق الأهواء. أين أنتم أيها المسلمون من نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى.] (مسلم: 66/2586)
إن هذا المقال يدخل ضمن الوصايا الكبرى، التي تُبَلَّغُ وتنشر على منبر البصائر، من قبيل النصيحة، والتواصي بالحق، ومن باب بلغوا عني ولو آية، ومن باب أن يقول منبرُ البصائر: اللهم اشهد فإننا قد بلغنا، وقلنا مما تعلمناه من القرآن الكريم: {إن حفظ كيان الإسلام والمسلمين. يُحْفَظُ بحفظ المبادئ الثابتة في الكتاب المبين}بهذه المبادئ السبعة، فاحفظوها يحفظكم الله، فالتزموها ينصركم الله، فاثبتوا عليها يثبتكم الله. أيها العلماء، أيها الملوك، والأمراء، والرؤساء، أين أنتم من وصايا الإسلام. أين أنتم من قول الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ وقوله عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ وقوله تبارك وتعالى:
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ لماذا تفرقتم وفرقتم شعوبكم؟ لماذا تعاديتم ونشرتم العداوة بين شعوبكم؟؟ لماذا خالفتم أمر الله وأمر رسوله؟ وأكرهتم الشعوب على العداوة والشنآن؟؟؟ حاصرتم حرية الشعوب بالحدود والتأشيرات، وعطلتم التواصل بين المؤمنين والمؤمنات.؟؟!!! ماذا تقولون غدا لربكم عندما يسألكم؟ وكيف تجيبون عن وصية نبيكم، في بلاغ حجة الوداع. عن نصيحته الغالية، لأمته عليه الصلاة والسلام. يوم قال: [لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ] (البخاري:121) ماذا تقولون؟ وكيف تجيبون؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com