كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله

أ د. عمار طالبي/
ها هي الحرب الضروس تنطفئ نيرانها، حرب ظالمة همها قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ تسفك دماؤهم وتمزق أوصال أجسامهم، وتهدم عليهم ديارهم، فيصبحون تحت الركام، لا أمل في انتشال الكثير منهم، هذه آلاف الأطنان من المتفجرات تصب عليهم في الطرقات وهم يسيرون لأماكن يزعم العدو أنها آمنة وما هي بآمنة ذهابا وإيابا، تنتهي خرائبها وكوارثها.
كان في إمكان الولايات المتحدة أن توقف هذه الحرب الوحشية، ولكنها تمهل المجرم نتنياهو وتتيح له الفرص ليحقق النصر المطلق على حماس، ويعيد الصهاينة إلى ديارهم، والواقع أنه كان يهدف إلى التهجير القسري إلى سيناء، وإبادة ما يمكن له من سكان غزة، وتمزيقها إلى مربعات، ومناطق ليحتلها وليستعمرها والاستيطان بها إلى الأبد.
فكان بايدن يساير هذه الحرب، ويمدها بالأسلحة الفتاكة، والخبراء والمرتزقة قصد القضاء على حماس، وغيرها من الفصائل، ولكنه فشل في ذلك، كما فشلت أهداف نتنياهو فلا هو هجّرهم، ولا هو قضى على حماس فخاب مسعاه، ومسعى بايدن.
ويزعم بعض المحللين أنه لا منتصر ولا منهزم، ولكن بالنظر إلى الجيش الصهيوني وأسلحة الدمار من قصف الطائرات، وهجوم الدبابات، والمدرعات، وهدم المستشفيات، والمدارس والجامعات، والمساجد، والكنائس، ظن أنه الغالب، وظن نتنياهو وعصابته أنهم منتصرون، لقد أصبح العالم كله كارها للصهاينة وجرائمهم، وينادي بوقف النار، والكفّ عن قتل الأطفال وموتهم برداً وجوعا.
وجاء بايدن في ندوته الصحفية يزعم أنه بمجهوداته توصل إلى إيقاف النار، ولكنه لولا ضغوط ترامب الذي لا يريد أن يرث هذا الإرث الثقيل، وأفهم نتنياهو عن طريق مبعوثه أنه لا مجال للتلاعب، والخداع، فإنه كلما وصل الوسطاء إلى حلّ، عرقله، ليبقى في الحكم، ولكي لا يحاكم فيما وجّه إليه من الفساد، واضطر في النهاية أن يوافق على الاتفاق مكرها، والحقيقة أنه لولا ثبات الشعب الفلسطيني في غزة وصبره على ما أصابه من مصائب، ولولا ثبات المجاهدين وإرادتهم الفولاذية في ميدان القتال وتكبيد جيش الصهاينة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد لما توقف النار.
فهنيئا للشعب الفلسطيني على انتصاره على عدو متحالف مع ساسة الاستعمار القديم، وعقلية الغرب في الهيمنة التي اتخذت الصهاينة أداة لها تستعملها للحفاظ على مصالحها.
وكان الغرب يُغري السعودية على التطبيع والإبراهيمية المزيفة الخادعة، ونحن نعتقد أنها لا تنجرّ إلى هذه الخديعة وهي القائمة على المقدسات الإسلامية من الحرم المكي والمدني، وتريد أن تتزعم العالم الإسلامي، وما كان لها أن تقود هذا العالم إن تورطت في هذا المكر، الذي يراد ببلاد العرب والمسلمين.
إن ما حدث فجأة في سوريا يؤذن بأن الطغيان والفساد في البلاد الغربية آيل إلى الانهيار، وأن المسلمين على موعد للدخول في الحضارة، والتخلص من التخلف والتبعية ومن أن يقادوا بإملاءات قدماء المستعمرين وعقلية الهيمنة.