ملف

أعقل ما قرأت عن حرائق أمريكا

أ. ونيس المبروك */

سألني صديق لي من أمريكا، هل هذه الحرائق التي أصابت المدن هي عقوبة من الله تعالى، وما موقف المسلم منها ؟ .. أقول : نحن لا نعرف مُراد الله عز وجل من الابتلاءات التي تصيب البشر، فقد تكون عقوبةً وعبرة، أو تكون ابتلاءً ومحنة، أو إيقاظ الناس من غفلة، أو تكون -لمن كان مؤمنا- زيادةً في حسناته ودرجاته يوم القيامة إن هو احتسب وصبر، أوتربيةً له على بعض الأسرار والمعاني، .. بل قد تكون لحكمة من العليم الخبير في تدبير موازين الكون والكائنات لا يصل إليها علمنا المحدود …
ولا يجوز للمؤمن أن يجزمَ ويقطع بأنها عقوبة من الله، لأن الوحي انقطع بعد النبوة، فمن الذي أخبرك بمراد الله؟! وقد يدخل ذلك في ما نهانا الله عنه بقوله « وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ « ! فهذا من التألي على الله تعالى، وينافي أدب الاعتقاد، وخلق الرحمة الذي كان أعظم أخلاق نبينا عليه الصلاة والسلام. ، فقد كان رحمةً مُهداة؛ أرسله الله « رحمة للعالمين» وليس للمسلمين فقط .
وأُذكّر الناسَ بأن قد حدثت – ولازالت – في ديار المسلمين كوارث، كما حدث في فاجعة فيضان درنة، وزلزال سوريا وتركيا الأليم؛ فكما لا يصح الجزم بكونها عقوبة من الله للعصاة، لا يصح الجزم هنا كذلك،
أما إذا تملّك الإنسانَ هذا الظن الخاطىء ولم يستطع دفعه، فلا أقلَّ من أن يكتمه، فليس من هدي الإسلام الحنيف التصريح والشماتة وإظهار الفرح بذلك على مَسْمع ومرأى المصابين، ولو كانوا غير مسلمين، فقدوتنا الحبيب صلى الله عليه وسلم كان رحمة مهداة وكان يتألم لما يصيب البشر، بل يتألم لما يصيب الطير والدواب.
أما عن الحالة بعينها – أي حرائق لوس انجلوس وغيرها – فإن المسلم يجب عليه أن يُفرّق بين الإدارات الأمنية والعسكرية والسياسية التي تعيث فساداً في الأرض، وتناصر المجرمين وتقتل الأبرياء المستضعفين، وبين سائر المدنيين الأبرياء من اليهود والنصارى الذين ارتفعت بين أحيائهم مئات المساجد والمراكز الإسلامية، ويعيش في أكنافهم ملايين من المسلمين أطفالا ونساء ورجالا، وموقف المسلم الذي أراه، هو تقديم كل عون لإطفائها، وتطويق أضرارها ومعالجة آثارها، فإن لم يستطع فالدعاء بأن يلطف الله بعباده ويرحم كل مصاب، ويجيرنا من نار الدنيا والآخرة .
هذا ما أراه ، والله أعلم وأحكم ،
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com