في سبيل تعميق الفهم والجهد/ حسن خليفة
حين نمعن النظر في جملة من المسائل ذات الصلة بالجمعية، منها ذلك القبول الكريم، والاستجابة الطيبة والتفاعل المثمر من كل الأطراف، ندرك أن هذه الجمعية ـ بفضل من الله تعالى ـ رصيد حقيقي جامع، وأنها فرصة من الفرص الحضارية المهمة لبلدنا خاصة ولغيره من الأوطان المسلمة عامة، ذلك أن أعزّ شيء يُطلب في مثل نشاطها هو هذا القبول، وطالما تحقق بيُسر وسهولة، فذلك أدعى للتحفّز أكثر فأكثر، والعمل أقوى فأقوى، وبذل الجهود أكبر فأكبر.
نعم إن الرصيد الأكبر يعود الفضل فيه ـ بعد الله تعالى ـ إلى تلك الكوكبة من العلماء والدعاة الأوائل مؤسسي الجمعية وبُناة مجدها وصُنّاع منجزاتها، ولكن يمكن للخَلف ـ أيضا ـ أن يجتهد ويبذل وينجز، مستفيدا من ذلك الرصيد الوضيء.
وثمة أمور أحبّ أن ألفت النظر إليها هنا، وفي صدارتها أن نعمل في الجمعية على جملة محاور رئيسة:
1ـ المحور الأول: تعميق معرفة تاريخ الجمعية وتراثها وتشرّب أدبياتها ومنهجيتها في العمل ا لتغييري ـ الإصلاحي، في كل جوانبه. وهذا يقتضي فتح ورشات ودورات تكوينية عمَلية لاستيعاب ذلك المنهج الأصيل المبتكر وفهم مفاتيحه وأساليبه، لتنزيل المقاربة العملية اليوم، على أرض الواقع، وفق معطيات المنهج، لتحقيق الأهداف والانجازات التي تكافيء ما يُبذل من جهود، ويلحق بهذا الجانب الاهتمام بـ”مرجعية الجمعية ” استيعابا ونشرا وتعريفا وتكوينا.
2ـ الاستفادة من خبرات وانجازات بعضنا في الشعب المختلفة، ذلك أن هناك “انجازات” حقيقية رائعة في الكثير من الشعب الولائية والبلدية، تستحق أن تكون نموذجا يُحتذى. ومن الأفضل أن نبني على ما يتحقق في الواقع، ونعمل على توسيع دائرة الخير والفضل انطلاقا من نموذج حيّ متحقق، خيرٌ من أن نبدأ من الصفر دائما. وهذه المسألة غاية في الأهمية؛ لأننا لاحظنا أنه عندما يتم الاستئناس بالتجارب الناجحة والانجازات المميزة، تتسارع وتيرة الفضل وينتشر الخير بصورة أكبر وأسرع. ولنا نماذج رائعة في: التعليم القرآني، العناية بالأطفال (التحضيري)، التعليم التكميلي(دروس الدعم )، الحرف والصنائع، الملتقيات والندوات، المشاريع الخيرية، الاهتمام بالأطفال الموهوبين، إنجاز الكتب والسندات للمستويات التعليمية المختلفة، التخطيط والاستشراف…الخ، وهي كلها تجارب ناجحة محققة للآمال. ولكن المنقوص هو التعريف بها وتسليط الأضواء عليها وإيصالها إلى كل الشعب. ومن الجميل أن نتجاوز هذا النقص بإنجاز بطاقات فنية لكل تلك المشاريع وتبادلها، أو عرضها في اللقاءات الكبرى التي تجمع أكبر قدر من قيادات الجمعية الوطنية والولائية.
3ـ شحذ الهمم أكثر فأكثر، والتحفّز والتحفيز والانخراط الكليّ الجامع المتبصر للعمل في هذا الحقل الأخروي العظيم وسبيل ذلك هو تعظيم “الدين” وتعزيز الدوافع الإيمانية، والانقطاع إلى الآخرة وتغليبها على ما عداها، بمعنى آخر إيجاد وسائل التفرّغ الكلي أو الجزئي والتوطين والمرابطة، كل حسب اهتمامه ومجال تفوّقه، بما يجعل الجمعية مؤسسة حقيقية تتكامل أجزاؤها لتؤدي واجباتها “على بصيرة” وفي تعاون وتناسق وتفاهم وتعاضد ومحبة، بما يرضي الله تعالى وييسّر كل صعب ويفتح الأبواب أمام تعزيز الخير وتوسيع رقعته وإعلاء بنيانه.
نسأل الله تعالى التوفيق والسداد ..