القضية الفلسطينية

بفضلِ المقاومة صار العالَمُ شجاعاً!!

د.خديجة عنيشل/

ضياعُ فلسطين في 1948، ونكسةُ 1967، وتحوّلُ نصر ِ السادسِ من أكتوبر إلى تطبيع، ومحاصرةُ محورِ المقاومة وخذلانها كانت مُسبّباتٍ قويةً لنشوء الهزيمة النفسية في قلبِ كلِّ إنسانٍ عربي ومسلم ظلَّ يتطلّعُ إلى النصر والقيادة فلا يجدُ إلا سراباً، واستبدّت مشاعرُ الهزيمة بالذاتِ العربية التي رزحت تحتها ردحاً طويلاً من الزمن. والهزيمةُ النفسيةُ أنكى من هزيمة السلاح، وأقسى من استسلام الجنديِّ في أرضِ المعركة. إنها أثرٌ بالغ الصعوبة يظلُّ يُلازمُ الفردَ دون أن يجدَ خلاصاً منه. لقد عاشتِ الشعوبُ العربيةُ والإسلاميةُ عُشرياتٍ طوالٍ مستمرة تحت ضغط الخوف وفقدان الأمل والاستسلام للواقعِ الضعيف والرتابة والإحساس بعدمِ الجدوى، لذلك نجدُ هذه الشعوبَ غيرَ منتجة، وغيرَ فاعلة، غارقةً في الاستهلاكِ والسلبية والفراغ وكراهية العمل والاجتهاد.
هذه الأمةُ الكبيرةُ من أقصى الأرضِ إلى أقصاها ران عليها شعورُ الانطفاء وبات مفعولاً بها في ظلِّ نظامٍ عالميٍّ ظالم متسلّط قهرَ الشعوبَ الضعيفة قهراً بالغاً، وحوّلَها إلى كنتوناتٍ تابعةٍ مغلوبة. وحين تفجّرَ طوفانُ الأقصى استعرت جذوةُ الكرامة في الأمة، ونهض فيها شعورُ الانتماء والفخر، استطاع طوفانُ الأقصى تحقيقَ أهمّ انتصارٍ للذاتِ العربية بأن حرَّرَها من الهزيمة النفسية، وأعادَ لها مشاعر القوة والإرادة وإنها تستطيعُ أن تفعلَ حين تريد، وإن أمريكا التي تدعمُ الكيان الصهيوني لن تُجديَ قوَّتُها العسكريةُ والسياسيةُ نفعاً أمام إرادة الإنسان الحر المتوكّلِ على الله القويِّ العزيز، وإن الجيش الصهيوني الذي يمتلك كلَّ مقوّمات العسكرة الحديثة انهارَ أمامَ رجال المقاومة في غزةَ الصغيرة مساحةً المحاصرة منذ زمن، رجالٌ يقاومون جيشاً من تحت الأنفاق ويأسرون له عشراتٍ لم يستطع التوصُّلَ إليهم بعد أكثر من عام، وهذا الجيش لا يُحسنُ سوى القصف لأنه فقط يمتلكُ الطائرات الحربية التي يستخدمها لقتل المدنيين بلا رحمةٍ ولا ضمير.
استطاعَ طوفانُ الأقصى أن يشرحَ صدورَ الأحرار للمقاومة وأنها الوسيلة الوحيدة لاسترداد الحق واستعادة الأرض، ونحنُ الآن في منعطفٍ تاريخيٍّ يولدُ فيه وعيٌ حقيقيٌ بالمقاومة سنرى ثمارَهُ الآن وغدا بحول الله، الآن نرى هزيمة مشروع التطبيع الخبيث، والآن نرى هزيمة صفقة القرن الصفيقة التي صفعها رجالُ المقاومة فأردوها قتيلةً، الآن نرى تحرُّرَ الإنسان العربي والمسلم من الخوف والتردد ونشوء إرادة التغيير والنهضة القادمة، الآن نرى توحُّدَ الأمةِ كلّها على كلمةٍ سواء مع المقاومة ظالمةً أو مظلومة، الآن نرى بذورَ جيلٍ جديد سيقضي على التخنّثِ والدونيةِ والخَبَث؛ جيلٍ نموذجُهُ المقاومةُ في الأنفاق، وقُدوتُهُ أبو عبيدة والسنوار وهنية ونصرالله، الآن نرى العالَمَ ينبذُ الصهيونية ويمقتُ كيانَها المحتل الغاصب، الآن نرى تحوُّلَ الرأيِ العام العالمي وهزيمة مشروع التضليل الإعلامي المزوّر الكاذب إذ صارَت الشعوبُ الغربيةُ في عقر الديارِ الإمبريالية تحتشدُ في مظاهراتٍ متواصلةٍ قويةٍ نُصرةً للقضية الفلسطينية ودعماً للشعبِ الفلسطيني الأعزل في غزة المُحاصَرة، الآن نرى وسائل الإعلام تجهرُ بالحقِّ الفلسطيني دون خوفٍ أو تملّق.. الآن صار العالَمُ شجاعاً بفضلِ طوفان الأقصى.. وكسرَ قيدَ المكرِ الصهيوأمريكي بجسارة وقوة.
وغداً سينجلي غبارُ هذه المعركة الوجودية الشريفة وسيرى العالَمُ كلُّه ثمارَ الدماءِ التي روَت أرضَ غزةَ وفلسطين، سيرى العالَمُ شمسَ الإسلام المحمّدي السمحِ النقيّ تسطعُ على البشرية يُنقذها من شرورِ أمريكا والصهيونية وأعوانهما، وإنّ غداً لناظرهِ قريب.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com