شبابنا وقضاياهم/الإعلام بين البناء والهدم ..

يوسف شريف/
لطالما كان الإعلام، منذ نشأته، قوة لا يُستهان بها في تشكيل المجتمعات وتوجيه الرأي العام، وليس من قبيل المصادفة أن يُطلق عليه مصطلح «السلطة الرابعة» إذ إنه يمتلك قدرة استثنائية على التأثير، ربما تفوق أحيانًا السلطات التقليدية. ومع تطور وسائل الإعلام في عصرنا الحديث، أصبحت هذه القوة أكثر وضوحًا وانتشارًا، مما يجعل من الضروري على كل إعلامي أن يدرك قيمة الإعلام وقدرته على البناء أو الخراب.
على سبيل المثال، الإعلام الذي يسلط الضوء على قصص النجاح والتجارب الإنسانية الملهمة والمبادرات المجتمعية الهادفة يمكن أن يعزز من روح الإيجابية لدى الجماهير ويدفعهم نحو العمل والبناء
في المقابل إذا أُسيء استخدام الإعلام، فإنه قد يصبح أداة لنشر الفوضى وبث الفُرقة بين أفراد المجتمع.
يقول أحد الفلاسفة الغربيين: «الإعلام لا ينقل الواقع، بل يصنعه».
هذا يعني أن التلاعب بالمعلومات وتزييف الحقائق يمكن أن يؤدي إلى آثار كارثية، مثل فقدان الثقة في المؤسسات وتأجيج الصراعات، وزعزعة الاستقرار الاجتماعي وهذا ما يدفع بالإعلام الى ضرورة إدراكه لحجم المسؤولية، ولأنه يعتبر حجر الأساس في هذه المعادلة ووعيه بقيمة الإعلام وأثره هو ما يحدد مسار الرسالة الإعلامية كما قال الصحفي الأمريكي والتر ليبمان: «الإعلامي الجيد ليس من يروي الأحداث فحسب، بل من يمنحها المعنى».
الإعلامي النزيه يلتزم بالمهنية والأخلاقيات، ويحرص على نقل الحقيقة دون تحريف، مدركًا أن كل كلمة أو صورة ينقلها قد تساهم إما في بناء مجتمع أقوى أو هدم أركانه.
وكخلاصة شاملة، فالإعلام هو أداة تغيير لا يمكن تجاهل قوتها. وبينما يمكن أن يكون منبرًا للبناء والتنمية، يمكن أن يتحول أيضًا إلى سلاح هدام إذا وقع في أيدٍ غير مسؤولة. على الإعلاميين أن يدركوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وأن يعملوا بروح واعية نحو بناء مجتمع أكثر وعيًا وتماسكًا. فالاختيار بين البناء أو الخراب يكمن في نوايا الإعلامي وأمانته في أداء رسالته.