فتاوى

الربا في ثلاث حالات من المعاملات المالية

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/

الفتوى رقم:743

الســــــــــــؤال
قال السائل: هل يجوز لي فتح دفتر ادخار في مصرف إسلامي، حيث تودع الأموال في مشاريع استثمارية، وتدر أرباحا، وتقسم على المدخرين؟ وهل صرف شيكات المنح من البنك يدخل في الربا؟ وكيف نميز الربا من جملة المعاملات المالية؟؟

الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: الربا لغة، واصطلاحا: الربا في اللغة: هو الزيادة، كما في قول الله تعالى: ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ (الحج:5) زادت ونمت، وكما في قوله عز وجل: ﴿أَنْ تَكُونَ أمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ (النحل: 92) أي أكثر عدداً، وفي اللغة: يقال: (أربى فلان على فلان) أي زاد عليه. وأربى الرجل عامل غيره بالربا. والربا اصطلاحا: هو الزيادة على رأس المال في الدَّيْن مقابل التأجيل عند حلول الأجل. وهو ربا الجاهلية، أو التفاضل (الزيادة) في المعاوضة بين كيلين في الجنس الواجد من الأصناف الربوية، المحددة بالحديث، أو التفاضل مع التأجيل في حال اختلاف الأصناف الربوية. هذه هي حالات الربا الثلاث. قال الله تعالى: ﴿فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ ورد في الموطأ: عن زيد بن أسلم؛ أنه قال: كان الربا في الجاهلية، أن يكون للرجل على الرجل الحق، إلى أجل. [فإذا حل الحق، قال: أَتَقْضِي، أَمْ تُرْبِي؟ (أي تزيد على قيمة رأس المال. فإن قضى، أخذ. وإلا زاده في حقه. وأخر عنه في الأجل.] (رقم:1367. ص:468). وهذه هي الحالة الأولى، أي حالة ربا الجاهلية: الذي ورد تحريمها صراحة في القرآن الكريم. فمن كان له دين على أحد إلى أجل، إذا حل الأجل، لا يطالب المدين بالزيادة، وإنما ينتظره حتى يستطيع. وهذا أمر تعبدي، يدخل في باب الاختبار بالطاعات. قال الله تعالى: ﴿وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة﴾ والحالة الثانية: ما ورد في الحديث: عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ، أَوِ ازْدَادَ، فَقَدْ أَرْبَى] (مسلم: 80/1587) الحالة الثالثة، ما ورد في النهي عن التفاضل والتأجيل معا في الأصناف الربوية المحددة بالحديث فقط. [الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.] (مسلم: 81/1587) ثانيا: الربا هو ما كان في ربا الجاهلية، أو في الأصناف الربوية المذكورة: لقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم، الأصناف الربوية: كما حدد الله سبحانه في القرآن مجال الربا الجاهلي، ويبقى بعد ذلك أن الأصل في الأشياء الإباحة. فما هو الذهب؟: هو التِّبْرُ المعروف، وهو معدن من أنواع معادن الأرض، يُصْهَرُ، فيُذاب، ويُصفى، ويُرتب في سبائك، والمنهي عنه هو النقود الذهبية أصلا، وأما الذهب المعدن الخام، والمصنوع حُلَيًّا وزينة فذلك سلعة، يباع ويشترى بالنقود الذهبية والنقود الفضية وبباقي السلع الصالحة للمقايضة، وبالعملة البنكنوتية. فإذا كان التبادل كيلا بكيل، أي وزنا بوزن، حينها يستوي الكل، (التبر والنقد والحلي). ففي الحديث: [الفضة بالفضة مثلا بمثل، وزنا بوزن، والذهب بالذهب وزنا بوزن، مثلا بمثل، فمن زاد فهو ربا] (مسند أحمد:7558. ومسلم:1584) والفضة، معْدِنٌ، وهي اللُّجَيْنُ، فإذا طبع نقودا سمي الْوَرِقُ بكسر الراء. ففي القرآن.
﴿فابعثوا أحدكم بورقكم﴾ والنقود الفضية تسمى الدراهم، والمفرد: درهم. والورَق بفتح الراء المال من الغنم والإِبِل، ومنه الورَقُ البنكنوتي لا يدخل في حكم الذهب أو الفضة. والوَذِيلَةُ: هي السبيكة من الذَّهَب أَو الفضّة، وتباع وتشترى كأي سلعة، لِيُصْنَعَ من مَعدِن الذهب أو الفضة، ما يُصْنَعُ منه، كالأجزاء الدقيقة الحساسة للساعات مثلا، والهواتف، وغيرها. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com