جــــواز الإجــــازة!

أ.د: عبد الحليم قابة
نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
مراعاة لحلول الإجازة (العطلة)؛ رأيت من المناسب نشر هذه التوجيهات النافعة إن شاء الله، رجاء العمل بما تيسر منها، و سائلا المولى عز وجل أن ينفعني وإياكم بما فيها من خير وصواب.
أولا: الفراغ نعمة كبيرة ينبغي أن نشكرها بحسن استغلالها فيما ينفع في الدنيا والآخرة، وأن لا نضيِّعها في النوم والبطالة والضياع، ورؤية ما لا ينفع.
ثانيا: شكر هذه النعمة لا يتعارض مع أخذ قسط يسير من الراحة، وشيء من اللهو المباح، ومن السياحة في الأرض، واللعب والتسلية، بما لا يتعارض مع واجبات الوقت، وأولويات الحياة.
ثالثا: نظرا للأخطار الأعقائدية والفكرية والأخلاقية المحدقة بشبابنا، فلا مفرَّ من أمرين، لا يغني أحدهما عن الآخر؛ وهما:
الأمر الأول: كثرة الدعاء والاعتصام بمن بيده الأمر كله؛ ليصرف عنا السوء ويحفظنا بحفظه العميم (فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد، كما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)،ومن ذلك كثرة الاستغفار بصدق وإلحاح؛ لأن الله قال: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ)؛ وقال أيضا (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ). ومن أصدق من الله قيلا؟ ومن أصدق من الله حديثا؟
الأمر الثاني: الأخذ بأسباب السلامة من هذه الأخطار، قدر المستطاع، أدبا مع الله الذي بنى هذا الكون كله على أسباب ومسببات، عملا بقوله تعالى: “فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ”، مع استحضار أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، وأن لا عاصم من الفتن إلا الله. “والله خير حافظا”.
رابعا: ننصح أنفسنا والجميع بوضع برنامج يتناسب مع الوقت المتاح في هذه الإجازة، ومحاولة الالتزام به بجِدّ وحزم. من ذلك:
1- برمجة قراءة حزب أو حزبين من القرآن يوميا من طرف جميع أفراد الأسرة.
2- برمجة وقت معين لمراجعة دروس الفصل الماضي وللاستعداد للفصل القادم.
3- برمجة وقت معين لجلسة منزلية يُدرس فيها شيء من القرآن، وشيء من السنة، وشيء من العلوم المفروضة على كل مسلم، (وهي مالا يصح الإيمان إلا به، وما لا تصح العبادة إلا به، وما لا تسلم القلوب إلا به، وشيء من علم الحلال والحرام حسب وضع كل أحد).
4- اختيار كتاب لكل فرد من أفراد الأسرة يتناسب مع مستواه، يُلزم بقراءته كاملا هذه الفترة، استغلالا للوقت فيما ينفع، وتدريبا لهم على المطالعة وحب العلم، واستدراكا لما قد يكون من القصور في البرامج التربوية.
5- المشاركة في الدورات العلمية النافعة والمتنوعة المتاحة عن طريق وسائل التواصل، والاهتمام برفع مستوياتنا وقدراتنا وتنويع اختصاصاتنا.
6- برمجة جلسة لذكر الله بعد صلاة من الصلوات حسبما يتاح لكل أسرة، لأنّ ذكر الله من أفضل الأعمال على الإطلاق، وبيت لا يذكر الله فيه بيت خرب، وأهله موتى والعياذ بالله. (نسأل الله المغفرة عن تقصيرنا).
7- تخصيص وقت قصير لاستعمال الأجهزة في التسلية ومتابعة المنشورات النافعة، والإشراف المباشر على الأولاد في ذلك، مع تربيتهم على خوف الله والرقابة الذاتية التي هي الحل الوحيد للسلامة من البلاء الذي يأتينا منها.
وقلت: (وقت قصير)؛ لأنّ دراسات المختصين أثبتت التضرر الكبير من الاستعمال الفوضوي وغير السليم لها خاصة إذا طال الوقت وتكرر الاستعمال، خاصة مع اللعب المثيرة التي استعبدت الأطفال).
أظنّ أنّنا إذا عملنا بما استطعنا من ذلك نكون قد شكرنا نعمة الوقت، وازددنا قربا من الله، وتقدمنا خطوات في تربية أولادنا على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وكسبنا جميعا أجرا يكون لنا ذخرا تعلو به درجاتنا عند الله في الجنة إن شاء الله، والله يعفو عنّا وعن المسلمين جميعا، ويعافينا جميعا من كلّ بلاء، ويلطف بنا وبالبشرية جمعاء.