قضايا و آراء

شهيدات غزة: رهف حنيدق الباحثة في العقيدة والأديان

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/

رهف حنيدق امرأة من غزة باحثة في العقيدة والأديان عاشت فترة كبيرة من حياتها بسوريا، والكل يعرف أن الإنسان إذا عاش بعيدا عن وطنه لن يشعر بالراحة والأمان، وإن كان يتمتع بكل الظروف الحسنة، فإذا كان هذا الإنسان فلسطينيا يعيش غريبا في بلد آخر وهو يرى المدمر الصهيوني، يتمتع بأرضه و يؤذي سكانها الأصليين، فلن يشعر بالاستقرار وستشغله العودة إلى أرضه مهما كانت النتائج.
ولدت رهف حنيدق بسوريا سنة 1973م بمخيم اليرموك، ثم رجعت لتستقر في غزة المدينة التي أحبها العالم وهو يرى مقاومتها للصهاينة على مر الأزمان…كانت أستاذة جامعية تهتم كثيرا بالبحث العلمي ودائمة الكتابة، مقالاتها تصف لك ملامح ذكائها وحبها للحياة ورفضها للموت إلى آخر أيامها، كانت رافضة للموت في الحرب تحت رصاص الدبابات والقصف من كل ناحية. كان صوت الزنانة والخوف الدائم على الأولاد والأهل والمدينة بكاملها متعبا لها، تصف حالها بأنها لا تنام؛ فكانت رهف تنظر إلى الحياة بعين متأملة متألمة تقرأ الأوضاع بكل موضوعية.
حصلت رهف على مؤهلات علمية ثرية، منها دبلوم الهندسة المدنية بسوريا سنة 1994 م، وبعد عودتها إلى غزة التحقت بالجامعة الإسلامية لتحصل بعد ذلك على بكالوريوس في أصول الدين ثم على درجة الماجستير وكانت رسالتها بعنوان: السنن الإلهية في الظالمين دراسة في ضوء العقيدة الإسلامية، تحت إشراف: أ.د صالح حسين الرقب. ثم حصلت على درجة الدكتوراه وكان موضوع رسالتها: دور اليهود في المذاهب الفكرية المعاصرة في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، تحت إشراف أ.د نسيم شحدة نسيم وهي حاليا مطبوعة كتابا. كما تركت كتابا آخر، بعنوان: الإلحاد وعلاقته بالجريمة.
كانت رهف محبة للعلم ومقبلة على القرآن وتدبره، فحصلت على إجازة في القراءة والإقراء بالسند المتصل برواية حفص عن عاصم عام 2017 – 2020م. ولها نشاط دائم كله مرتبط بالقضية الفلسطينية، فكانت عضوا في تجمع مبادرون رفح. وعضوا في تجمع حكماء فلسطين، وعضوا في الحملة الأكاديمية ضد الاحتلال…
في حياتها الاجتماعية تزوجت رهف حنيدق من الأستاذ: محمد حسين أبو سعيد، وقد أثنت عليه كثيرا في كتبها إذ كان نِعم السند والمحب لها في مسارها الحياتي والعلمي، مناقشا ومحاورا ومبديا ملاحظاته وتوجيهاته كما ذكرت ذلك في مقدمات كتبها … لهما ثلاثة أولاد ذكور وبنتان استشهد برفقتها منهم ولدان.
كانت رهف حنيدق تنظر إلى الوضع من منطلق الأم الخائفة على أبنائها وأبناء شعبها، وهي ترى كل مقومات الحياة تهدم أمام عينيها وملامح الخذلان والخيانة تتضح يوما بعد يوم، و رسالتها التي أرسلتها للكاتب الكبير : خالص جلبي حملت تصويرا دقيقا للوضع، وقد نشر عنها مقالا بجريدة الأخبار الالكترونية بعد وفاتها بيوم واحد( يوم 11/2/2024م) عنونه ب: “ليالي غزة تحت النار” نشر فيه رسالتها بنصها كما كتبتها حرفيا ذاكرا أنها أرسلتها له قبل استشهادها بأيام، وفي نعيها يوم وفاتها كان حزينا لفقدها، وصفها بأنها سيدة فاضلة، وكاتبة بارعة متتبعة لأخبار بني صهيون …
كانت رهف تتميز بذكاء حاد، كتاباتها تدل على وعي عميق بقضايا وطنها وقضايا العالم، تنظر إلى المواضيع بعين العقل والموضوعية، لها مقالات كثيرة في جريدة أنباء اكسبرس، وُصفت كتاباتها بأنها قوية اللغة عميقة المعاني، كشفت من خلالها التطرف الديني الصهيوني، وما يحدث في سجون الاحتلال، ونظام التفاهة وكيف نقضي عليه، وواقع النساء العربيات بعد عشر سنوات من الربيع العربي …. رحمها الله وأسكنها فسيح الجنان

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com